المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أغلق مساء الأحد 10/7/2005 سجل الناخبين في الليكود بعد أن كان مفتوحا بشكل استثنائي لمدة شهر. وبرغم الضجة الكبيرة التي دارت قبل أسبوع حول احتمال إقدام رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون على إقالة وزير ماليته بنيامين نتنياهو فإن الضجة الحقيقية هي ما يجري في الليكود تحت الأرض. فهناك حملة لجمع التواقيع للإطاحة بشارون عن زعامة الحركة. وهناك محاولات جدية لتقديم موعد الانتخابات التمهيدية لزعامة الليكود بقصد إسقاط شارون وبالتالي إسقاط خطة الفصل.

ورغم أن نجاحات شارون السابقة سواء في تطويع إرادة معارضيه أو في الالتفاف عليهم لا تدع مجالا كبيرا للمراهنة على فوز معارضيه فإن معارضيه في الليكود لا يدخرون جهدا لإسقاطه.

وقد جرى ذلك من خلال مشاريع حجب الثقة عن حكومته وعبر الكمائن التي تنصب له ولخطة الفصل. ولكن يمكن ملاحظة مقدار الشراسة التي يبديها المعارضون كلما اقترب موعد تنفيذ خطة الفصل.

ومن الواضح أن معارضي الخطة يحاولون الإفادة من الأخطاء التي يقترفها شارون ورجاله تجاه الخطة وتنفيذها. ومن بين هذه الأخطاء التي تظهر يوميا استمرار الخلاف حول ما إذا كانت إسرائيل ستهدم بيوت المستوطنين أم لا وما إذا كان الفلسطينيون سيتولون نقل الردم أم لا. غير أن الجيش الإسرائيلي أيضا حسب "يديعوت أحرونوت" بات في حيرة من أمره حول موعد بدء تنفيذ خطة الفصل.

وفي حوار بين قائد لواء المظليين يوسي بخار مع جنوده المقيمين في مستوطنات معدة للإخلاء، قال بخار إن البقاء في هذه المستوطنات بعد الثاني والعشرين من تموز يعتبر مخالفة. ولكنه عاد بعد قليل ليخبرهم أن البقاء في هذه المستوطنات بعد السابع عشر من آب يعتبر مخالفة. ويبدو أن الجيش لم يحدد بعد نهائياً موعد بدء الإخلاء.

ومن الواضح أن معارضي الخطة، بعد أن شعروا بأن شارون أفلح في اجتياز كل العراقيل التي وضعت حتى الآن في طريقه، يحاولون التعامل بشكل مختلف. لذلك صاروا، سواء من جانب ممثليهم في الحكومة والكنيست أو بشكل مباشر، يعرضون صفقة التأجيل. وكان موضوع التأجيل قد هدد في الأسبوع الماضي بحدوث هزة سياسية بعد أن أعلن نتنياهو تأييده التأجيل في الحكومة وأنه سيتغيب عن التصويت على التأجيل في الكنيست. وقد تم تأجيل التصويت على التأجيل إلى الأسبوع المقبل على أمل العثور على مخارج تحول دون وقوع أزمة.

غير أن معارضي الفصل عادوا وعرضوا صفقة التفافية تقضي بتأجيل تنفيذ الخطة ثلاثة شهور يتم خلالها ترتيب إخلاء المستوطنات بالتراضي. غير أن هناك من يعتقد أن الصفقة المعروضة هذه ترمي إلى كسب الوقت لتمكين معارضي شارون داخل الليكود من الإطاحة به. وإذا لم يكن هذا هو السبب الحقيقي فإن الرغبة في إظهار شارون كشخص يرفض المساومة حتى مقابل احتمال حدوث شرخ وانشقاق في المجتمع الإسرائيلي لا تقل أهمية عن ذلك. فالمعركة دائرة الآن ليس فقط وراء الكواليس وفي الشوارع والمستوطنات وإنما كذلك في وسائل الإعلام لحشد التأييد.

ولكن رغم أن أريئيل شارون شعر في الأيام الأخيرة بأن الرياح لا تهب دوماً كما تشتهي سفنه فإنه بات أكثر من أي وقت مضى يخشى على مكانته في الليكود. فقد أقام خصومه في الليكود طواقم وهيئات بهدف تنسيب أكبر عدد ممكن من الأعضاء القدامى للاستفادة منهم في التصويت الداخلي على زعامة الحركة. وحسب المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام فإنهم نجحوا في تنسيب حوالي عشرة آلاف عضو. وثمة أهمية كبيرة لهذه الحملة لأن النظام الداخلي لليكود لا يسمح لمن هم أعضاء لفترة تقل عن ستة عشر شهرا بالتصويت لانتخاب زعيم الحركة.

وحسب عدة صحف فإن سكرتاريا الليكود وجهت ضربة قوية لشارون عندما رفضت السماح له بتوجيه رسائل شخصية إلى أربعمئة ألف عضو قديم لحثهم على العودة للحركة. وقد دفع هذا الرفض شارون للتقاعس عن مواصلة مهمة تجنيد أعضاء جدد.

ومن الواضح أن إحساس شارون باجتماع كل هذه العوامل معاً يجعله أشد خشية وأكثر حذراً في التعاطي مع القضايا الداخلية والخارجية العالقة. وربما هذا ما شجع بنيامين نتنياهو على التعجرف عليه في جلسة الحكومة في الأسبوع الفائت، وإبقاء سيف التهديد بعدم دعم الحكومة في قضية التصويت على تأجيل الفصل في الكنيست.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات