أية ديمقراطية هذه، إذا كان نصف سكان الدولة بالضبط لا يتمتعون بها؟ هل يمكن أصلا تعريف دولة ما بأنها "ديمقراطية"، في حين يعيش قسم كبير من سكانها تحت حكم عسكريٍ، أو أن حقوق المواطن مسلوبة منهم؟ هل هناك ديمقراطية بدون مساواة، مع إحتلال مستمر ومع عمال أجانب من دون حقوق؟ وماذا عن العنصرية؟العاصفة التي اندلعت حول التسريب من النيابة والتحقيق مع الصحفي باروخ كْرا كانت في مكانها. وللحقيقة، المزيد من التصدّعات طرأت على السلطة. التحقيق مع كْرا في الشرطة كان نذير شؤم، الـ "عليهُم" الذي شُن على المحامية ليئورا غلط - بركوفيتش زرع الرعب، وتصرفات المستشار القضائي للحكومة كانت معيبة.
كتب محمد دراغمة:
إن لم تحدث معجزة، وليس ثمة من مؤشر على حدوثها، فإن انتخابات الاسرائيلية (الثلاثاء 28 الجاري) في إسرائيل ستتوج أرئيل شارون، المثقل بالأخطاء والخطايا، ملكاً لولاية ثانية على الدولة العبرية.
حولت الحكومة الاسرائيلية في سنة 2001 مساعدات مالية بقيمة 2،2 مليار شيكل (500 مليون دولار) من الميزانية الاسرائيلية العامة الى المستوطنات. هذا ما يتبين من معطيات جزئية حول الميزانيات الحكومية المنقولة الى المستوطنات، تضمنتها دراسة خاصة بحركة "سلام الآن"، نشرت مؤخرا في اسرائيل. وقالت الدراسة ان قسما من هذه الميزانيات (1،76 مليار شيكل) هي "ميزانيات فائضة" حسب تعريف الحركة، يتم تحويلها للاستثمار في الإنشاءات، ورفع مستوى الميزانية الخاصة للفرد المستوطن، بما يربو بكثير على الميزانية الخاصة بالمواطن داخل اسرائيل.
يبدو أن شاؤول موفاز واثق كل الوثوق في أن رئيس الوزراء أرئيل شارون سيفي بتعهده العلني بإبقائه في منصب وزير الدفاع بعد الإنتخابات المنتظرة. ويعتقد موفاز أن حكومة وحدة جديدة سوف تشكل بمشاركة حزب العمل، لأنه لا يوجد، حسب رأي موفاز، بديل واقعي آخر. ولا شك في أن موفاز راضٍ عن القفزة التي حققها بانتقاله من مكتب رئيس الأركان إلى مقعد وزير الدفاع. في الوظيفة السابقة كرس معظم وقته لقيادة الجيش، أما الآن فتشغله أيضا مسائل السياسة والإستيطان والصناعات الأمنية، وبالتالي فإن الزاوية التي ينظر من خلالها للأمور باتت مختلفة وواسعة أكثر.
في خضم حملة الإنتخابات الحالية، التي اقتربت من نهايتها، كشفت صحيفة "هآرتس" النقاب عن قصتين إخباريتين مذهلتين. القصة الأولى معروفة جيدا لكل قاريء صحف في إسرائيل:
ففي بداية كانون الثاني 2003 حصل الصحفي باروخ قرا على وثيقة تعود لوزارة العدل، تثبت أن رجل الأعمال سيريل كيرن، المقيم في جنوب أفريقيا، أقراض جلعاد شارون (نجل رئيس الوزراء) مبلغ مليون ونصف المليون دولار. وعلى الرغم من ادعاء أفراد عائلة شارون أن "كيرن" صديق قديم، وأن مبلغ القرض أعيد لصاحبه وأنه لا توجد أي مخالفة جنائية في منح قرض خاص لصديق، إلا أن البلاد ضجت عقب ما نشر في هذا الخصوص. فالظروف التي أحاطت بمنح القرض، وحقيقة عدم معرفة الجمهور بذلك، والغموض الذي أحاط بمسألة تسديد القرض، كل ذلك برر ما أثير من جدل عام حول القضية. كذلك فإن رفض رئيس الوزراء الإجابة على التساؤلات التي تطرحها قضية القرض، ساهم في اتساع موجة اإنتقادات الموجهة له. وقد شعر غالبية الإسرائيليين الذين اطلعوا على القضية، بأنها تبرهن على أن ثمة شيء فاسد في "باحة" رئيس الوزراء، شيء يحتاج إلى استيضاح وتحرّ.
نجحت شابة واحدة، شاركت في الأسبوع الماضي في مجموعة توجيه لـ "الليكود"، في بلبلة أفضل الاستراتيجيين في قيادة مركز الانتخابات الخاص بشارون. وقد روت أنه في العام 1999 صوتت لأيهود براك و"يسرائيل أحات" (تحالف حزب "العمل" وقتها مع "ميماد" و"غيشر"- المحرر). في العام 2001 صوتت لشارون لأن أملها خاب من براك. الآن، في 2003، ما زالت تعتقد أن شارون هو رئيس حكومة جيد، لكنها لا تريد التصويت لـ "الليكود" وإنما لحزب "العمل" لأنها تفضل "أن يكون ‘العمل‘ في ائتلاف شارون وليس ‘الليكود‘". لذلك، فهي مترددة جدًا حول من ستدعم، لأن طريقة الانتخاب بورقة واحدة لا تسمح لها بالتصويت لشارون ولحزب "العمل".
الصفحة 103 من 119