المفاوضات الائتلافية تصل إلى "شاس" وهي في وضع غريب. للمرة الأولى، بعد أربع سنوات، ليست "شاس" الحزب الثالث من ناحية الكبر. في العام 1999، بعد معركة إنتخابية شخصية جدًا، انتهت بفوز أيهود براك على بنيامين نتنياهو، وجدت "شاس" نفسها، عن طريق الخطأ تقريبًا، مع (17) مقعدًا. أرييه درعي، الذي عُرض كضحية مطاردة من الجمهور الشرقي المحافظ، حمل على أكتافه (400) ألف مصوت انتخبوه كخطوة إحتجاجية.وقد لعلع الوجه الآخر من هذا الاحتجاج، بعد أيام عديدة من ذلك، عندما طالب الجمهور الذي حيّا براك في ميدان رابين، بنداءات مترددة، "فقط إلا شاس". لكن قوة "شاس" السياسية كانت كبيرة، وبراك، الذي لو تصرف بحسب رغبته لما كان أدخلها في الائتلاف، أودع في يديها حقائب الداخلية، الرفاه والصحة والأديان أيضًا، التي لم يجرؤ على إلغائها.
حزبه، "العمل"، ترك منذ فترة النزعة المبالغ بها للتمأسس في هذه الوزارات، المسؤولة عن حياة، ورفاهية وحقوق الفرد لمواطني إسرائيل، وترك النسيج المركب لعلاقة الدين بالدولة في أيدي وزير الأديان من "شاس، من جهة، ومعارضة "شينوي" من جهة أخرى. في العام 2001، عندما أقام شارون حكومة الوحدة، لم يتحمس لـ "شاس"، لكنه اضطر لضمها إلى حكومته.
شارون يشعر بالمسؤولية الحقيقية أمام "يهدوت هتوراه". في نظره، هم مكملو طريق آبائه المنسيين من الشتات في روسيا وبولندا. لشعار "يهدوت هتوراه" الانتخابي "إبنك يهودي، وحفيدك؟" منزلة في قلب شارون. بحسب ما يرى شارون، فإنه بامكان مصوتي "شاس"، مع الحاخامات الشرقيين، والحُجُب وقبور الأولياء، وكل العلائم الأخرى التي تبدو في نظره فولكلورًا، أن يكونوا جزءًا من "الليكود".
كان شارون يفضل إذًا حكومة مع الحريديم الأشكناز وبدون "شاس". حتى رئيس "شينوي"، يوسف لبيد، أصبح مستعدًا فجأةً لنسيان تصريحاته بشأن الخدمة في الجيش وحمل الأعباء الضريبية، المهم، "فقط إلا شاس".
لبيد هو غير مفاجئ. على العكس، هو مثابر حتى. أولا، لقد قال دائمًا إنه يكره كل ما له صلة بما يُعرّفه بـ "ثقافة شرقية". ثانيًا، يمكن فهم أن "يهدوت هتوراه" الصغيرة، التي لم تطلب لنفسها أبدًا حقيبة وزارية (ممثلوها هم دائمًا نائبو وزراء)، والمتحفظة الأزلية من الحكم، تهدده أقل من "شاس"، التي تتمتع بحدود قوة خفية ومفاجئة دائمًا، وهي تطلب لنفسها حصةً كبيرةً من الحكم والتأثير.
بكلمات ذات "تصحيح سياسي" أقل، يمكن القول إن "شاس" ترعب الجميع لأنها تخلط الشرقي مع الديني، ولأن الكثير من نشطائها "تائبون" متحمسون وحاخاماتها الشعبويون والمشهورون يؤثرون على جمهور واسع، محافظ، وحتى علماني. من رأى من مشاهدي التلفزيون في المركز أو الضواحي مرةً موعظة مُلهبة للراب مسعرط- فيجنتس، مثلا، أو للراب شطاينمان من بني براك؟ رئيس "شاس"، أيلي يشاي، لقّب لبيد بـ "العنصري"، ولم يخطئ في ذلك. ومع ذلك، على يشاي أن يفهم، أن جمهورًا علمانيًا كبيرًا، أشكنازيًا وشرقيًا ومختلطًا، ليس صاحب أفكار مسبقة طائفية أو ذا نفور من الدين والمتدينين، أن هذا الجمهور قلق وحتى أنه مرتعب من "شاس".
عن هذا الشعور مسؤول طرفان: الأول هو اليسار، الذي دفع به نفوره من "شاس" ومن مصوتيها إلى موقف من المهانة والغضب، بدلا من الاندماج الراضي والهادئ. الطرف الثاني هو أيلي يشاي، مع بيئته المحيطة. في السنوات الأربع الأخيرة جلسوا في داخل المؤسسة، شبعوا من دهنها، وأهملوا أيضًا جمهور ناخبيهم والطبقة الوسطى العلمانية. وبدلا من تثبيت شبكة الرفاه اقاموا مراكز للإطعام. بدلا من طرح بدائل شرقية مريحة للعصبية الأرثوذكسية الأشكنازية، صاروا حريديم أكثر وأكثر وضربوا بالشاكوش اليهودي ضربًا مبرحًا. والنتيجة- تصويت جارف لـ "شينوي" من جهة وضعف واضح لـ "شاس" في المدن الكبرى وفي مراكز أخرى.
في الحملة الانتخابية تجاوز يشاي كل الخطوط. مستشاره السري إستَوْرد من فرنسا الحريدية على نمط برسيلاف اليميني - المتطرف و "شاس" تحولت إلى حزب شعبي واسع لجمهور التائبين إلى الدين، التي تجتمع بدافع من خوف المنفى، حول راب كاريزماتي. "شاس" لم تبدُ أبدًا متقوقعة وأصولية وعنيفة كما هي اليوم. والآن بالذات، يبدو أنها ضعفت.
إذا أبعدت "شاس" إلى المعارضة، فإنه بإمكانها تنمية قوة غاضبة وهدّامة، تخرّب أكثر وأكثر في علاقات المتدينين والعلمانيين في إسرائيل. إذا عادت إلى الحكومة، فإن بإمكان يشاي ساعتها أن يعيد التفكير في من يمثّل. درعي ليس هناك. الآن عليه هو والراب خاصته أن يقررا، ما إذا كانا سيهملان مستقبل الجنود الذين صوتوا لـ "شاس"، لصالح المتطرفين الحريديم.
(هآرتس، 4 شباط، ترجمة: "مدار")