المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يوم الأربعاء الماضي، وفيما كانت انظار العالم كله مشدودة الى ساعة الإنذار الأخير الذي وجهه الرئيس جورج بوش الى صدام حسين، تفرغ السفير الأمريكي في الأمم المتحدة للإصغاء الى التقرير الدوري الذي كان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى الشرق ألأوسط يقدمه الى مجلس الأمن. وبعد ان لملم المبعوث تيري لارسين أوراقه، طلب السفير الأمريكي جون نغروبونتي حق الكلام. البيان المكتوب، الذي قرأه السفير في تلك الجلسة المغلقة، يضع حدًا نهائيًا لمحاولات رئيس الحكومة دق اسفين بين الولايات المتحدة وبين شركائها الآخرين في "المجموعة الرباعية" في ما يتعلق بـ "خارطة الطريق".

في يوم السبت (22/3)، بثت الإذاعة الإسرائيلية نبأ مفاده ان ديوان شارون يدعي بأن وزارة الخارجية الأمريكية تنشر شائعة تقول انه انتهى موعد تقديم الملاحظات والاعتراضات على خارطة الطريق التي وضعتها "المجموعة الرباعية". وجاء في النبأ ايضاً ان البيت الأبيض يدعم طلب شارون بشأن مواصلة المباحثات لتعديل الخارطة. اما الوثيقة التي حصلت عليها "هآرتس" (ويمكن الإفتراض بأن شارون ايضًا قد حصل عليها) فلا تبقي الا احتمالين اثنين: إما ان الخارطة الموضوعة في مكتب شارون منذ 20 كانون الأول / ديسمبر هي الخارطة الوحيدة ولا خارطة سواها، وإما ان السفير الأمريكي في الأمم المتحدة لا يمثل الرئيس الأمريكي.

في ما يلي بعض المقتبسات المختارة من هذه الوثيقة التي سجلت على لسان السفير الأمريكي:

"في نهاية العام الماضي، اتفقت الولايات المتحدة والأعضاء الآخرون في المجموعة الرباعية على صيغة خارطة الطرق، التي تفصّل الخطوات الضرورية لتحقيق الهدف (دولتان لشعبين - ع. إ.). الرئيس بوش اكد التزامه بخارطة الطريق هذه باعتبارها إطارًا لتحقيق الأهداف التي تضمنها خطابه من يوم 24 حزيران / يونيو العام الماضي". ينبغي الإنتباه الى كلمة "هذه". أي ان الرئيس يعتبر خارطة الطيرق التي وضعتها المجموعة الرباعية تحقيقاً لأهدافه، وليس "خطاب هرتسليا" مثلا، الذي يدعي شارون بأنه يعبر عن "التفاهمات" التي توصل اليها مع بوش.

وأعاد السفير نغروبونتي التذكير بأن الرئيس بوش "أعلن عن استعداده لعرض الخارطة على الأطراف، فور تسلم رئيس للحكومة مهام منصبه". كما هو معروف، تم إقرار تعيين "ابي مازن"، وهو على وشك الإنتهاء من تشكيل حكومته، خلال الأيام القريبة. وفي ختام حديثه، قال السفير الأمريكي بصريح العبارة انه لم يعد هناك مجال للمساومة على نص الخارطة: "على الأطراف ان تتركز في تطبيق الأهداف التي تضمنتها الخارطة، سعيًا الى هدف الدولتين، وليس في مفاوضات او مداولات حول الخارطة ذاتها".

رسالة مماثلة، نقلت في الأسبوع نفسه الى رئيس الحكومة البريطانية، هي التي أقنعت احدى الوزيرات في حكومة طوني بلير، في اللحظة الأخيرة، بتأجيل استقالتها من الحكومة. اصبحت خارطة الطريق ورقة التين الأخيرة على جسد بلير. واذا ما سحب بوش الخارطة، في اللحظة الأخيرة، عن طاولة شارون، فانه سيكشف بذلك عورة صديقه البريطاني. ستكون هذه سخرية التاريخ اذا كان البريطانيون بالذات هم الذين سيطردون الإنتداب الإسرائيلي من فلسطين. واذا كان امتحان "البودينغ" في تذوقه، فان امتحان الخارطة - في تقديمها.

لارسن يطالب بإزالة النقاط الاستيطانية

في جلسة مجلس الأمن تلك، التي عقدت في الوقت الذي كان يتحدث فيه بوش عن معاناة الشعب العراقي، عرض تيري لارسن المعطيات التالية:

• في الأشهر الـ 30 الأخيرة استشهد 2،501 فلسطيني (83 شهيدًا كل شهر، بالمعدل) وقتل 724 اسرائيلياً (24 بمعدل شهري).

• خلال 27 شهرًا من الإغلاق والتقييدات الأخرى على الحركة، هبط الناتج القومي في المناطق الفلسطينية بـ 5،4 مليارات دولار - وهو مبلغ يعادل الناتج القومي الإجمالي السنوي للسكان في المناطق الفلسطينية.

• نصف مجموع العمال في القطاع الفلسطيني الخاص فقدوا، خلال هذه الفترة، مصدر معيشتهم. ويبلغ مجموع ديون السلطة الفلسطينية للمزودين 370 مليون دولار.

• طلاب المدارس الثانوية يتسربون من مدارسهم بالجملة، لأنهم لا يرون فائدة في مواصلة الدراسة. المدرسون يتحدثون عن ارتفاع كبير في ظواهر العنف داخل المؤسسات التعليمية. العاملون الإجتماعيون يتحدثون عن تصاعد العنف ضد النساء.

• الإستهلاك الفردي من المواد الغذائية هبط بنسبة 30%.

• وكالة غوث وتشغيل اللاجئين و "البرنامج الدولي للغذاء" اضطرا الى دفع مئات آلاف الدولارات لقاء تخزين المواد، جراء التأخير في عمليات الفحص والتفتيش في الموانىء والمعابر الاسرائيلية. وقد وصل التأخير احياناً الى 40 يوماً.

وقال لارسن ان لا طريق لوقف التدهور في الوضع الأمني والانساني، سوى استئناف المفاوضات بالتزامن مع الاصلاح الاقتصادي والتعاون الأمني. وهو يربط وقف العنف الفلسطيني ضد المواطنين الاسرائيليين اينما كانوا بوقف سياسة الاغتيالات وهدم البيوت ومصادرة الأراضي من جانب اسرائيل.

مبعوث الأمم المتحدة الى الشرق الأوسط والمجموعة الرباعية عرض، أيضاً، مطلباً حازمًا بشأن المستوطنات. فهو لا يكتفي بتجميد الاستيطان (بما في ذلك لأغراض "الزيادة الطبيعية") وانما يجزم بأن على اسرائيل ان تزيل، فورًا، جميع النقاط الاستيطانية التي اقيمت خلال السنتين الأخيرتين. مبعوث الأمم المتحدة، الذي مقره في غزة، يذكر بأن الموعد المقرر لتجميد المستوطنات هو، عملياً، آذار / مارس 2001. آنذاك، تعهد شارون امام شركائه من حزب العمل بأن حكومة الوحدة القومية لن تبني مستوطنات جديدة.

(هآرتس 25/3، ترجمة: "مـدار")

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, هآرتس, هرتسليا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات