فيما يلي بعض التصورات حول الحرب: # احذرو الشيعة:
سيبدأ عناء جيش الإحتلال بعد الحرب. فيما يلي حكاية فيها عبرة: في اليوم الرابع من حرب لبنان (1982) عبرت الحدود في مكان ناءٍ بالقرب من المطلة وبحثت عن الجبهة التي كانت قد وصلت إلى مشارف مدينة صيدا. سافرت بسيارتي الخصوصية ترافقني مصوّرة، وعبرنا لوحدنا مجتازين حوالي 12 قرية شيعية، واستُقبلنا في كل مكان بحفاوة وبهتافات الفرحة. وتملصنا بصعوبة من بين أيدي مئات السكان الذين طلبوا منا بشدة زيارتهم في بيوتهم لشرب القهوة. كان السكان قد امطروا الجيش الإسرائيلي، قبل ذلك، بوابل من الأرز.
بعد عدة اشهر انضممت إلى قافلة تابعة للجيش تحركت بالاتجاه المعاكس، من صيدا الى المطلة، وقد لبس الجنود صديريات واقية من العيارات النارية واعتمروا خوذهم لحماية رؤوسهم. انتابت قسم كبير منهم حالة من الذعر. (عندما اطلق أحد الفتيان اللبنانيين النار باتجاه سرب من الطيور، شرع الجنود بإطلاق النار باتجاهه. لحسن حظه، أخطأ كل الجنود هدفهم.)
ماذا حدث؟ استقبل الشيعة أفراد الجيش على أنهم مخلّصيهم. وعندما اكتشفوا ان في نية الجنود البقاء كجيش محتل، بدأوا بقتلهم.
عندما دخل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان، كانت الطائفة الشيعية بلا حول ولا قوة وكانت محط أقدام سائر الطوائف في لبنان. بعد سنة من محاربة المحتلين (نحن)، تحولت هذه الطائفة إلى قوة سياسية وعسكرية هامة. يتفاخر حزب الله اليوم بأنه القوة العسكرية الوحيدة في العالم العربي الذي استطاع التغلب على الجيش الإسرائيلي.
شارون هو الأب الروحي لقوة الشيعة في لبنان، ومن الممكن أن يكون بوش هو الأب الروحي لقوة الشيعة في العراق. تشكل الطائفة الشيعية في العراق 60% من التعداد السكاني. وقد كانوا حتى الآن محط أقدام الطائفة السنية. عندما سيتضح لهم بأن الأمريكيين ينوون البقاء في العراق، كما بقي شارون في لبنان فسينطلقون بحرب عصابات فتاكة.
ماذا سيحدث آنذاك؟ ستدّعي الولايات المتحدة بأن إيران، وهي أكبر دولة شيعية، هي التي تقف من وراء حرب العصابات في العراق. تمتلك إيران النفط بكميات كبيرة وهي ستكون الهدف القادم.
# الدم مقابل النفط:
جورج بوش هو إنسان متخلف، ولكن من يحيطون به بعيدون كل البعد عن البلاهة. فهم ارباب النفط وارباب صناعة الأسلحة. انهم يريدون فعل ما فعلته الدول العظمى على مر التاريخ، وهو استخدام قوتهم العسكرية الهائلة لتحقيق السيطرة الاقتصادية الكاملة. وبكلمات أخرى: هم ينوون استلاب موارد الشعوب الفقيرة لزيادة ثرائهم.
سيدوم الاحتلال العسكري للعراق سنين طويلة وسيحقق للولايات المتحدة السيطرة على مصادر النفط في بحر قزوين، وعملياً على كافة مصادر النفط في العالم العربي. هذا الأمر سيمنح الولايات المتحدة امكانية السيطرة على اقتصاد العالم ومنع نشوء أي كتلة اقتصادية أوروبية مستقلة، يمكن ان تنافسها. أمريكا تحارب أوروبا ليس بأقل ما تحارب العرب، ومن هنا ينبع رد الفعل الأوروبي الغاضب.
# ألمانيا.
ألمانيا تعارض الحروب، تعارض أي حرب كانت. لم تنشأ أي معارضة قوية في أي دولة من صميم الشعب، كما حدث في ألمانيا.
ومن هي الدولة الأكثر سخطًا على هذا الأمر؟ إسرائيل. وهي دولة الناجين من الكارثة. كيف يجرؤ هؤلاء الألمان على معارضة الحرب؟
هاكم سخرية القدر: يظهر على شاشات محطات التلفزيون الألمانية مواطنون ومثقفون وأفراد من الشعب عامة يصلّون للسلام. بينما يظهر على شاشات المحطات التلفزيونية الإسرائيلية جنرالات متمرسون تنبض في قلوبهم الغبطة، ويتحدثون بشهية عن القنابل الضخمة والمعدات القتالية المختلفة.
# سكرات القوة:
هذه هي الحرب الأولى في القرن الواحد والعشرين، وهي تنبئ بالويلات.
لقد خلف القرن العشرون للقرن الذي تلاه قوة عظمى واحدة فقط، وليس لها من ينافسها. لن يستطيع أي تجمع للقوى الأخرى مضاهاتها. وهي تستطيع عمليًا فعل ما يحلو لها. يمكنها الاستهتار بالعالم كله، وهي تفعل ذلك الآن علانية وبشكل لاذع.
عندما حظيت امريكا بنصر سهل ورخيص الثمن في أفغانستان، بمساعدة القنابل الذكية والحقائب المليئة بالدولارات، كان من الواضح انها لن تستطيع كبح جماح نفسها بعد. هذه الآلة الهائلة تريد الاستمرار في عملها، وتبحث لها عن أعداء. العدو الآن هو العراق. وماذا بعد ذلك؟ إيران؟ كوريا الشمالية؟
هذا ما حدث للإمبراطورية الرومانية، وهذا ما حدث لنابليون وما حدث لهتلر. ثمالة القوة ليس لها كوابح. وأي واحد من هؤلاء لم يكن في وضع يشابه وضع القوة الأمريكية الحالية: فهي الوحيدة في العالم، بلا أعداء يستطيعون منازعتها.
# حرب يهودية؟
يدعي اللاساميون بأن هذه الحرب ليست حرباً لمجرد تحقيق المصالح الأمريكية فحسب، بل تهدف لتحقيق مصالح اسرائيلية أيضًا، وبرهان على ذلك، هناك مجموعة من اليهود الأمريكيين تقف على رأس المبادرين لهذه الحرب. مؤيدو اليمين المتطرف في إسرائيل: فولبوفيتش، برل وفييث في وزارة الدفاع الأمريكية، ابرامس في مجلس الامن الوطني، ناهيك عن فلايشر، الناطق بلسان الرئيس، وكرتسر، السفير في تل أبيب، وبعضهم يتكلم العبرية، والبعض الآخر قدم النصائح في الماضي لبنيامين نتانياهو. بالإضافة إلى امريكيين آخرين وهما رامسفلد وتشيني، اللذان دفعا بواشنطن إلى الحرب. هذا ما يدعيه اللاساميون.
هذا صحيح بحد ذاته، غير ان الحرب بالأساس هي حرب لتحقيق المصالح الأمريكية، من ناحية أخرى. بوش وشارون يعتقدان بأن مصالح امريكا واسرائيل هي مصالح مشتركة تمامًا. كتلة الحرب اليهودية في واشنطن تعمل بمشاركة فعالة مع المتطرفين المسيحيين في إدارة بوش.
يشير اللاساميون إلى حقيقة واضحة: اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم يخرج فيها أي سياسي وحتى أي وسيلة إعلام ضد هذه الحرب. خرج الملايين إلى الشوارع في أنحاء مختلفة من العالم، أما في إسرائيل فإن المظاهرة الوحيدة التي تم تنظيمها ضد الحرب هي تلك التي نظمتها حركة "كتلة السلام" بمشاركة مجموعة من حركات السلام الأخرى وقد اجتذبت 2500 مشارك.
في المواجهة بين بوش والإنسانية، اختارت حكومة اسرائيل الانضمام إلى بوش، فهي تعتقد أن ذلك لصالحها، لأن بوش هو الأقوى، وبذلك انسحبت حكومة بوش من الإنسانية العقلانية. يمكن ان يبرهن المستقبل ان ذلك كان بمثابة خطأ فادح.
# فيالق البابا:
"ما هوعدد فيالق البابا؟" سأل ستالين ساخرًا عندما قالو له أن الحبر الأعظم يعارض أعماله. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هو عدد فيالق الرأي العام في العالم؟
تعارض اغلبية الشعوب الساحقة في العالم هذه الحرب. هناك أغلبية ساحقة ضد الحرب حتى في الدول التي يشارك قادتها في "حلف" بوش. ولأول مرة هناك شيء ما يمكن أن نسميه "الرأي العام العالمي".
سيتضح في الأشهر القادمة فقط، ما إذا كان لهذا الرأي قوة فعلية. وكما قال توماس جفرسون وهو أحد دعاة الديموقراطية الأمريكية: "لا يمكن لأي دولة أن تدير شؤونها بدون احترام الرأي العام العالمي النيّر بشكل مخلص".
يمكن أن تكون إحدى مقومات القرن الواحد والعشرين هي المواجهة بين القوة الضاربة التابعة لقوة اقتصادية - عسكرية ضخمة وبين الرأي العام العالمي الذي بدأ يتعاظم بمساعدة التقنيات العصرية.
# المرتزقة:
إنها حرب المرتزقة. فالجنود هم مقاتلون مهنيون، الكثير منهم أبناء عائلات فقيرة ومعظمهم من السود. ولذلك يسهل على الأوساط الثرية المؤيدة للحزب الجمهوري التفاخر بهذه الحرب، لأن ابناءها لن يموتوا في هذه الحرب.
لم تكن مطالبة الحركات اليسارية في أوروبا بحل الجيوش المرتزقة وتنفيذ التجنيد الإجباري العام مجرد صدفة. كانت هذه مطالبة نيّرة، وعندما شبع اليسار وسمُن نسي هذه المطالبة.
أما في حرب فييتنام فقد حارب المجندون إلزامياً، وبدأت حركات المعارضة بالتعاظم عندما بدأت جثث الأموات بالوصول إلى البيوت. جورج بوش الذي أيد تلك الحرب لم يشارك بها، فقد استحدث له والده وظيفة وهي التهرب من الخدمة العسكرية.
# الخوف من الله:
هناك مقولة أخرى لجفرسون: "عندما افكر بأن الله ينشد العدل، اخاف فيما يتعلق بمصير أمتي".
(مترجم عن موقع "غوش شالوم" على الشبكة)