المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
الاعتداء على قاطفي الزيتون حديثاً.  (إ.ب.أ)
  • كلمة في البداية
  • 687
  • أنطوان شلحت

أثبتت ردات الفعل في إسرائيل ولا سيّما من طرف رئيس الحكومة يائير لبيد على التقرير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أنها تتأثر بالمواقف التي تتخذها الأسرة الدولية حتى في ظل الأوضاع العالمية والإقليمية الراهنة والتي تُعتبر فيها سياستها العامة أكثر قبولاً من ذي قبل، كما تؤكد مؤشرات كثيرة.

يدور الحديث حول التقرير الذي أصدره المجلس المذكور يوم 20 تشرين الأول الحالي، وأكد في سياقه من ضمن أمور أخرى أن احتلال إسرائيل للأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم العتيدة عليها مخالف للقانون الدولي، وبالرغم من ذلك فإنه آخذ بالتعمق بشكل متزايد. 

استند التقرير إلى لجنة خبراء قامت بتقصّي وقائع الاحتلال الإسرائيلي في أراضي 1967، بما في ذلك القدس الشرقية. 

وناشدت اللجنة في سياق التقرير محكمة العدل الدولية بأن تبدي رأيها بهذا الشأن. كما تم رفع التقرير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي من المفروض أن تناقشه هذا الأسبوع. 

وجرى تأليف لجنة التحقيق المذكورة في العام الفائت، في إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أيار 2021 والتي عُرفت باسم "عملية حارس الأسوار".

يكشف التقرير، الذي جاء في 28 صفحة، النقاب عن ثغرات موجودة في القانون الإنساني الدولي في ما يتعلق بالاحتلال، ويهدف إلى تصعيد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات وغير ذلك من أشكال السيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967. وهو يؤكد وجود أسباب معقولة للاستنتاج بأن الاحتلال غير قانوني الآن بموجب القانون الدولي بسبب استمراره، وكذلك بسبب سياسات الضم الفعلية التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية.

وقالت رئيسة اللجنة، نافي بيلاي، من جنوب أفريقيا، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسانسابقاً، إنه "بتجاهل القانون الدولي لإقامة أو تسهيل إقامة المستوطنات، ونقل المدنيين الإسرائيليين (المستوطنون) بشكل مباشر أو غير مباشر إليها، فرضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حقائق على الأرض لضمان سيطرة إسرائيلية دائمة في أراضي الضفة الغربية".

كما يستعرض التقرير تأثير أعوام طويلة من الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الضم الفعلية في كل ما يتعلّق بحقوق الإنسان الفلسطيني. ويشير إلى الآثار المترتبة على قضايا مثل هدم المنازل وتدمير الممتلكات، والاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الجيش الإسرائيلي، والعنف من طرف المستوطنين، والاعتقال الجماعي، وتأثير الحصار الجوي والبري والبحري على قطاع غزة.

طبعاً ثمة احتمال كبير بأن تنجح إسرائيل في التملص من المستحقات القانونية الدولية لهذا التقرير (على غرار ما كانت الحال عليه، مثالاً لا حصراً، في أعقاب "تقرير لجنة غولدستون"، لجنة الأمم المتحدة التي تقصّت وقائع عملية "الرصاص المصبوب" العسكرية الإسرائيلية في غزة في أواخر العام 2008)، لكن حتى في حال حدوث ذلك فإنه لا يعني على الإطلاق انتفاء القيمة الإضافية لهذا التقرير، مثله مثل التقارير الشبيهة السابقة، التي لا تعتبر منحصرة فقط في تبعاته القانونية، مع كل أهميتها، حسبما نوهنا أكثر من مرة. وإن قيمته الحقيقية كامنة، أساساً، في تأديتـه إلى اهتزاز صورة إسرائيل، وخصوصاً في العالم الغربي الذي تتباهى بالانتماء إليه. 

من ناحية ثانية لا يمكن التقليل من قيمة أخرى لهذا التقرير هي إعادة الاعتبار، بشكل ما، إلى مكانة الأسرة الدولية، وتأثيرها على بؤر التوتر في العالم. 

وتنطوي هاتان القيمتان على ماهية كبيرة بمجرّد أن يتابع المرء ما يترتب عليهما من سجالات ومناقشات في داخل إسرائيل نفسها، أولاً من ناحية احتمال التأثير على مستقبل القرارات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وثانياً من ناحية إعادة الاحتلال في أراضي 1967 إلى صدارة الأحداث وواجهة الجدل العام، داخل حقل من المعاني يحاول أن يدرجه في سياق السياسة الإسرائيلية إزاء الفلسطينيين عموماً وفي مختلف أماكن وجودهم بمن في ذلك الفلسطينيون في إسرائيل.

وفي هذا الموضوع الأخير لا بُدّ من أنوّه من بين تعقيبات كثيرة على التقرير بالتعقيب الصادر عن "عدالة- المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل" والذي رحّب فيه بالاستنتاجات الحتمية التي توّصلت إليها لجنة التحقيق المستقلة، والتي تفيد بأن اتخاذ الهيئات الدولية إجراءات عاجلة هو أمر أساس من أجل معالجة طبيعة الاحتلال الإسرائيلي الدائم وسياسات الضم القائمة بحكم الأمر الواقع، وأشار إلى أنه مثلما أكدّ "عدالة" مراراً وتكراراً في الماضي، يشدّد تقرير اللجنة مجدداً على أنه يجب مواجهة سياسات إسرائيل غير القانونية بتدّخل دولي فوري. 

ووفقاً لما يقوله مركز "عدالة" أيضاً، لاحظت لجنة الخبراء الأممية أن ممارسات الهيمنة والقمع والفوقية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ 1967، يجري تطبيقها أيضاً على الفلسطينيين في الداخل ضمن أراضي 1948. ويرد في التعقيب أن "عدالة" يتبنّى المنظور التاريخي الذي قدّمته اللجنة في تقريرها، من خلال لفت النظر إلى أن إسرائيل إنمّا تفرض حكماً عسكرياً على الفلسطينيين منذ قيامها في العام 1948. وختم قائلاً: "إن عقوداً من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الفلسطينيين الأساسية، والإفلات التام من العقاب على جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، يستلزمان ردّاً دوليّاً فوريّاً وعاجلاً. وإننا نأمل في أن يتم اعتماد التقرير من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة وأن يؤدي الى استجابة سريعة من طرف محكمة العدل الدولية والمدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, يائير لبيد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات