يمكن القول إن "قانون كورونا الكبير" (أو: "قانون التفويض") الذي سنّه الكنيست الإسرائيلي في ساعة متأخرة من يوم الخميس الأخير (23 تموز الجاري) يدشن مرحلة جديدة في مسار تطور إسرائيل السياسي والقانوني ويحدث تغييراً جوهرياً في مستوى العلاقة المستقبلية بين الحكومة، بكونها السلطة التنفيذية، وأذرعها المختلفة، من جهة، وبين الكنيست، باعتباره السلطة التشريعية والبرلمان الذي يجسد "حكم الشعب"، من جهة أخرى. والتغيير الذي نقصده هنا يطال أيضاً الوضع الدستوري المعمول به في إسرائيل، إلى درجة أن القانون الجديد يشكل خروجاً واضحاً وفظاً عنه. فالوضع القائم اليوم ـ أو الذي كان قائماً حتى اليوم، على الأصح ـ هو أن الكنيست هو، وهو فقط، المخول صلاحية وضع وإقرار الترتيبات والقواعد المعيارية الأساسية الملزمة للجمهور عامة. أما ما حصل هنا، في هذا القانون، فهو قلب لهذه القاعدة ويكتسي خطورة استثنائية لكون الحديث يجري عن تشريع جديد يطال، بصورة عميقة وحادة، حقوق الأفراد وحرياتهم الشخصية، بل قد يترتب عليه تجريم وعقوبة جنائية أيضاً.
وسط صدامات متواصلة بين كبار مسؤولي إدارات الجامعات الإسرائيلية وبين الوزير المسؤول عن التعليم العالي، زئيف إلكين (الليكود)، والتي جاءت تحت غطاء (وليس فقط بسبب) ما يجدر اتّباعه من إجراءات ناجمة عن أزمة الكورونا في مؤسسات التعليم، أعلن رئيس "لجنة رؤساء الجامعات" ورئيس جامعة حيفا، البروفسور رون روبين، بتاريخ 14 تموز الجاري، عن استقالته من منصبه كرئيس لتلك اللجنة، قائلا إن الخطوة جاءت احتجاجاً على خطوات اتخذها الوزير إلكين، وفي مركزها، أشبه بالقشّة التي قصمت ظهر البعير، تنحية القائمة بأعمال المديرة العامة لمجلس التعليم العالي، ميخال نويمان. هذه الخطوة رأى فيها رؤساء الجامعات تمادياً جديداً على استقلالية المؤسسات الأكاديمية على طريق تعميق تسييسها اليمينيّ.
تأخر صدور قائمة الأثرياء الـ 500 الكبار في إسرائيل هذا العام شهرا، إذ إن القائمة تصدرها المجلة الشهرية لصحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية اليومية، التابعة لصحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر في شهر حزيران من كل عام، وذلك بدءا من العام 2003. وكما يبدو فإن انتشار وباء الكورونا كان وراء هذا التأخير.
تشكل الآثار الاقتصادية التي ترتبت على أزمة الكورونا، الفيروس والوباء حتى الآن، والتي سوف تترتب لاحقاً، الهاجس الأول والمركزي لدى المجتمع البشري بصورة عامة، سواء على صعيد الاقتصادات الدولتية والأحوال التشغيلية فيها أو على صعيد الاقتصادات المنزلية وأحوال أفرادها المعيشية. وهي آثار يُجمع خبراء الاقتصاد والسياسيون، على حد سواء، على أنها ستكون موجعة على المدى القصير بينما ستحمل أبعاداً تدميرية على المدى البعيد، وخصوصاً بالنسبة إلى عدد من الفئات الاجتماعية المحددة.
شاهدنا مؤخراً شريطاً يسأل فيه إسرائيليّ مستعمِر أطفالهِ "هل تُريد إطعام بدويّ؟" كبرهان على العنصرية في إسرائيل. انتشر الشريط حديثًا، وأثار غضب الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعهم للكتابة والتعبير عن العنصرية المتجليّة في المشهد الذي تظهر فيه شخصيّة إسرائيليّة فنيّة وأفراد عائلته يركبون سيارتهم في صحراء النقب، التقوا بطفلين وفتح النوافذ ليطلّ عليهم ومعه قطعة حلوى سائلاً أحد أولاده "هل تُريد إطعام بدويّ؟".
"يمكن القول إن الرقابة على الجهاز القضائي وقضاته هي حاجة ملحة، ليس في جزئية "تضارب المصالح" فقط، بل في كل ما يتعلق بعمله وبأداء القضاة، وبحيث تكون هذه الرقابة خارجية وموضوعية وفعالة، تحمي الجهاز من خطر التعفن الداخلي والفساد، الفردي والمنظوميّ.. لكنّ اقتراح القانون الذي أسقطه الكنيست، يوم الأربعاء الماضي (8/7/2020)، لتشكيل "لجنة تحقيق في تضارب المصالح لدى قضاة المحكمة العليا" (اقرأ عنه أدناه) لا يندرج في إطار هذه الحاجة، لا يقصد تلبيتها ولا ينسجم معها، بل يأتي لتجيير هذا "التحقيق" ولجنته الخاصة في خدمة الحرب المتواصلة التي لا يتوقف اليمين الإسرائيلي عموماً عن شنها، معركة تلو الأخرى، ضد الجهاز القضائي ومحاكمه وقضاته".
الصفحة 150 من 324