يُمكن القول إن الدعم والتأييد الذي أظهره المجتمع الإسرائيلي في الفترة الأولى من الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، يتأتّيان من الصدمة الجماعية التي حدثت في هجوم حماس صبيحة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بالإضافة إلى الشعور بـ"التهديد الجماعي الوجودي"، كما ورد في خطابات قادة المستويين السياسي والعسكري الأمني في إسرائيل في التعقيبات الأولى على الهجوم، وهو ما عزّز من الشعور الإسرائيلي بأنهم أمام "حرب اللاخيار" وما يترتّب عليه ذلك من ضرورة حشد وتجنيد الدعم المجتمعي الكامل للحرب ولأهدافها العسكرية والسياسية.
أدّت الحرب على قطاع غزة إلى طرح ملف العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، وبطبيعة الحال ملف العلاقات الفلسطينية الأفريقية، على طاولة البحث والتداول. وتظهر طبيعة هذه العلاقات في المواقف التي اتخذتها الدول الأفريقية من الحرب، والتي يمكن اعتبارها تعبيراً عن العلاقات مع إسرائيل والموقف من القضية الفلسطينية.
تحاول هذه الورقة رصد وتحليل مواقف الدول الأفريقية غير العربية، وهذا يعني أن الورقة تستثني في تحليلها مواقف الدول العربية في القارة الأفريقية مثل مصر، المغرب، الجزائر، السودان، تونس، جيبوتي وموريتانيا، التي بلا شك تحتاج إلى ورقة منفصلة. تشير الورقة بعد قراءة مواقف الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي الذي يُمثل هذه الدول، إلى أن القارة لا تزال داعمة للحقوق الفلسطينية، مع التأكيد على أن إسرائيل نجحت في استمالة دول أفريقية لتأييد مواقفها السياسية، وهذا يعود إلى الجهود المضنية التي بذلتها إسرائيل في العقد الأخير في تعميق حضورها فيها.
مع دخول الاستراحة الموقتة التي تتضمن هدنة إنسانية تشمل وقفاً لإطلاق النار وتبادلاً لأسرى وأسيرات بين إسرائيل وحماس حيّز التنفيذ، خرجت العديد من الأصوات في إسرائيل الرافضة لذلك على اعتبار أنها تُلحق الضرر بالعملية العسكرية البرية- "المناورة البرية" في قطاع غزة والتي بدأت مع نهاية تشرين الأول الماضي بعد قرابة 20 يوماً من القصف الجوي الإسرائيلي على القطاع عملاً بمبدأ "الأرض المحروقة" أو ما يُعرف إسرائيلياً بـ "عقيدة الضاحية".
بينما ينصب الاهتمام عادة على الجانب التفاوضي من صفقات تبادل الأسرى، فإن هناك جانباً آخر لا بد من استعراضه في هذه المقالة، وهو "كيف تتخذ إسرائيل القرار داخليا؟". بالنسبة لإسرائيل، تعتبر صفقات تبادل الأسرى من أكثر الأمور تعقيداً من ناحية اتخاذ القرار، وتبريره للمجتمع الإسرائيلي، وفق موازين الربح والخسارة. هذه المقالة تستعرض هذه الديناميكيات بإيجاز.
يزداد الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية، مع تقدم أيام الحرب على قطاع غزة، حول احتمال حل الحكومة والكنيست، وإجراء انتخابات برلمانية في العام المقبل 2024، إلا أن هذه الأحاديث، التي تدعمها استطلاعات رأي عام تشير إلى انهيار الثقة بالائتلاف الحاكم، لا تنعكس على تماسك الائتلاف، الذي سيكون متراصا أكثر، أمام نتائج الاستطلاعات المتوالية. ومستقبل الحكومة سيكون منوطا بمدى هذا التماسك، الذي سيكون عليه تحدي الضغط الجماهيري، في حال نشأ، وهناك سيناريوهات عدة لمستقبل الحكومة، أقواها حتى الآن، استمرار الحكومة، أو على الأقل، في حال تقرر حل الكنيست، فإن انتخابات كهذه صعب رؤيتها في العام المقبل، وفق الوضع القائم، كما أن قرارا من بنيامين نتنياهو بالنزول عن المسرح، ليس بالضرورة أن يؤدي إلى تفكيك الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
تلتقي نتائج استطلاع واسع أجراه "مركز أكورد" حول شكل العلاقات بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية الفلسطينية من المواطنين في إسرائيل، في ظل وما بعد الحرب الجارية منذ 7 تشرين الأول 2023، مع مخاوف راهنة وتوقعات سابقة وصدمات ناجمة عن حوادث ومفترقات سابقة، في ما يتعلّق بصدامات عنيفة مستقبلية. ووفقاً لتقرير نُشر في صحيفة "هآرتس" التي انفردت بنشر نتائج الاستطلاع، فإن حوالى 90% من الجمهور اليهودي في إسرائيل يقدّرون، باحتمال كبير ومتوسط، أن تندلع أعمال عنف بين اليهود والفلسطينيين في المستقبل القريب، كما حدث في أيار 2021. وتبلغ النسبة الموازية بين الأقلية العربية الفلسطينية حوالى 70% من المتخوّفين.
الصفحة 37 من 324