المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
التجويع.. وسيلة قتالية في غزة! (أ.ف.ب)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 787
  • سليم سلامة

أظهر استطلاع جديد للرأي العام أجري في إسرائيل الأسبوع قبل الماضي أن أغلبية كبيرة من الجمهور اليهودي في إسرائيل (68 بالمائة) تعارض سماح إسرائيل "اليوم، وبواسطة جهات دولية" إدخال مساعدات الإغاثة الإنسانية إلى السكان في قطاع غزة، بينما يؤيد ذلك ثُلث المواطنين اليهود (29.9 بالمائة) وأغلبية ساحقة من الفلسطينيين المواطنين في دولة إسرائيل (85 بالمائة). وفي المجمل، تشكل نسبة المعارضين للسماح بإدخال هذه المساعدات أغلبية واضحة بين الجمهور الإسرائيلي عامة (58.2 بالمائة) مقابل تأييد 39.3 بالمائة فقط.

ومن أبرز وأهمّ النتائج الأخرى التي ظهرت من خلال هذا الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه الأسبوع الماضي، أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي عامة (55.3 بالمائة) تتوقع فرصاً ضئيلة وضئيلة جداً (22.1 بالمائة ـ فرص ضئيلة؛ 33.2 بالمائة ـ فرص ضئيلة جداً) لتحقيق "الانتصار المطلق" الذي يُكثر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من تكرار الحديث عنه وإعلانه "هدفاً لا تراجع عنه" لهذه الحرب الإبادية التدميرية التي تواصل إسرائيل شنها على قطاع غزة منذ يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وسط استمرار صمت العالم وتلكؤه عن وقف هذه الجرائم ضد الإنسانية. وعن هذا الرأي ذاته، أي توقع فرص ضئيلة وضئيلة جداً لتحقيق هذا "الانتصار المطلق"، عبّرت أغلبية واضحة بلغت 50.8% من الجمهور اليهودي (19.2 بالمائة ـ فرص ضئيلة، 31.6 بالمائة ـ فرص ضئيلة جداً) وأغلبية ساحقة تفوق الـ 70 بالمائة من العرب المواطنين في إسرائيل (36.2 بالمائة ـ فرص ضئيلة؛ 41.3 بالمائة ـ فرص ضئيلة جداً). في المقابل، قال 38.3 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع إن فرص تحقيق هذا "الانتصار المطلق" هي فرص مرتفعة (24.6 بالمائة) أو مرتفعة جداً (3.7 بالمائة)، وهو ما قاله أيضاً 42.4 بالمائة من المشاركين اليهود في الاستطلاع (27.4 ـ فرص مرتفعة؛ 15 بالمائة ـ فرص مرتفعة جداً) و18.2 بالمائة فقط من المشاركين العرب في الاستطلاع (11.1 بالمائة ـ فرص مرتفعة؛ 7.1 بالمائة ـ فرص مرتفعة جداً).

من اللافت هنا أن توزيعة المشاركين اليهود حسب الانتماءات السياسية ـ الحزبية تبين أن أغلبية مرجحي الفرص الضئيلة لتحقيق "الانتصار المطلق" الذي لا يتوقف نتنياهو عن الحديث عنه هي من مصوتي أحزاب معسكر "اليسار ـ الوسط"، وفق التعريف الإسرائيلي لهذين المصطلحين (84 بالمائة من مصوتي أحزاب "اليسار" و63 بالمائة من مصوتي أحزاب "الوسط") بينما أغلبية ـ غير كبيرة، نسبياً، ينبغي القول ـ من مصوتي أحزاب اليمين المختلفة (55 بالمائة) ترجح، في المقابل، "فرصاً مرتفعة/ مرتفعة جداً" لتحقيق هذا "الانتصار المطلق".

هذه النتائج وغيرها ظهرت في استطلاع "السيوف الحديدية" الذي أجراه "مركز فيطربي لدراسة الرأي العام والسياسات" في إطار "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، وهو الاستطلاع رقم 11 تحت هذا الاسم الذي يجريه هذا المعهد منذ بدء الحرب الإسرائيلية الحالية ضد قطاع غزة. وقد أجري هذا الاستطلاع في الفترة بين 12 و15 شباط الجاري وشملت عينة البحث 612 مشاركاً، من بينهم 510 مشاركين من المجتمع اليهودي و102 مشاركين من المجتمع العربي.

أغلبية يهودية تؤيد الحرب ضد حزب الله!

بالإضافة إلى فرص تحقيق "الانتصار المطلق" والسماح بإدخال شحنات الإغاثة الإنسانية إلى قطاع غزة، شمل هذا الاستطلاع أيضاً أسئلة حول مآلات التوتر "المضبوط" على الحدود الإسرائيلية الشمالية مع حزب الله اللبناني، وحول الحديث عن "إعادة ترميم/ تجديد السلطة الفلسطينية" كجزء من "الحل" لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب الحالية على قطاع غزة، ومدى تأييد أو معارضة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة إسرائيل، وخصوصاً في ضوء تزايد واتساع الحديث الأميركي والأوروبي عن هذا الخيار، ومستقبل "الإرهاب" في حال قيام دولة فلسطينية مستقلة، والتسوية السياسية المفضلة والمتاحة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وخفض مستوى دولة إسرائيل من حيث التدريج الائتماني، طبقاً لشركة "موديز" والوضع الاقتصادي في دولة إسرائيل خلال الفترة المقابلة، في أعقاب الحرب الإبادية ضد قطاع غزة، والتي كلفت خزانة الدولة الإسرائيلية عشرات المليارات من الدولارات، إضافة إلى التوقعات بشأن استئناف مظاهرات حملة الاحتجاج المدنية ضد الحكومة الإسرائيلية، وهو ما حصل منذ أسابيع ومن المتوقع أن يتسع نطاقه وتزداد وتيرته وحدته خلال الأيام المقبلة، وخصوصاً على أعتاب انتهاء الحرب ضد قطاع غزة وما سيُفتح من ملفات المحاسبة عن الإخفاق التاريخي غير المسبوق في إسرائيل يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.  

في ما يخص السؤال حول الموقف من سماح إسرائيل بإدخال مساعدات الإغاثة الإنسانية إلى قطاع غزة الآن، في هذه الأيام ومن خلال "جهات دولية" ليست ذات صلة بحركة حماس أو بمنظمة "الأونروا"، بينت نتائج الاستطلاع ـ كما أسلفنا ـ أن أغلبية كبيرة من الجمهور اليهودي في إسرائيل (68 بالمائة) تعارض ذلك، بينما يؤيده ثُلث المواطنين اليهود (29.9 بالمائة) وأغلبية ساحقة من الفلسطينيين المواطنين في دولة إسرائيل (85 بالمائة). وفي المجمل، تشكل نسبة المعارضين للسماح بإدخال هذه المساعدات أغلبية واضحة بين الجمهور الإسرائيلي عامة (58.2 بالمائة) مقابل تأييد 39.3 بالمائة فقط.

بالنظر إلى توزيعة المشاركين حسب الانتماءات للمعسكرات السياسية ـ الحزبية المختلفة في إسرائيل، يتبين أن أغلبية مصوتي أحزاب "اليسار" (59 بالمائة) تؤيد إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بينما ينقسم مصوتو "الوسط" على أنفسهم بين مؤيد ومعارض، فيما تؤكد أغلبية كبيرة من مصوتي أحزاب اليمين معارضتها لأن تسمح إسرائيل بإدخال أية مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.

في الحديث عن الوضع الراهن على الحدود الشمالية ومآلاته، سُئل المشاركون في الاستطلاع أي الإمكانيتين التاليتين ستكون أكثر ضماناً لأمن المستوطنات الشمالية في المستقبل البعيد ولإعادة سكانها الذين تم إخلاؤهم على منازلهم: هل "اتفاق سياسي بوساطة دولية يُبعد حزب الله عن الحدود الشمالية" أم "هجوم إسرائيلي شامل على قوات حزب الله في لبنان"؟ في الإجابة على هذا السؤال، بينت النتائج أن الآراء بين مجمل المشاركين متقاربة بشأن الإمكانيتين: 45.7 بالمائة أيدوا هجوماً عسكرياً شاملاً مقابل 42 بالمائة أيدوا اتفاقاً سياسياً. أما بين المشاركين اليهود فقد كانت هنالك أغلبية واضحة (53.7 بالمائة) لخيار شن هجوم إسرائيلي شامل ضد حزب الله (وهو ما أيده، أيضاً، 9.2 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع) مقابل 36.4 بالمائة أيدوا خيار الاتفاق السياسي (وهو ما أيده 69.3 بالمائة من المشاركين العرب).

معارضة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح

سُئل المشاركون في الاستطلاع عن حديث الرئيس الأميركي، جو بايدن، حول "تجديد السلطة الفلسطينية بمساعدة دولية كشرط للتوصل إلى تسوية سياسية": ما هي، برأيك، احتمالات خضوع السلطة الفلسطينية في المستقبل القريب لبرنامج إصلاحي يؤهلها لإدارة المناطق التي تحت سيطرتها (الضفة الغربية) وكذلك قطاع غزة، إدارة مدنية وأمنية بصورة ناجعة؟ ورداً على هذا السؤال، قال 11.8 بالمائة فقط من مجمل المشاركين في الاستطلاع إن احتمالات ذلك "كبيرة/ كبيرة جداً"، وهو ما قاله أيضاً 9.8 بالمائة فقط من المشاركين اليهود و21.7 بالمائة من المشاركين العرب، بينما قالت الأغلبية الساحقة من مجمل المشاركين في الاستطلاع (81 بالمائة) إن احتمالات حصول ذلك هي "متدنية/ متدنية جداً"، وهو ما قاله أيضاً 83.4 بالمائة من المشاركين اليهود و69.8 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع.

حيال التقارير الإعلامية المتواترة التي تتحدث عن "جرف" دولي آخذ في الاقتراب، زمنياً، في اتجاه إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح، سُئل المشاركون في الاستطلاع: "هل أنت تؤيد، أم لا تؤيد، أن توافق إسرائيل مبدئياً على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح؟". وبيّنت الإجابات أن أغلبية واضحة (55.4 بالمائة) من مجمل المشاركين في الاستطلاع وأغلبية كبيرة (63 بالمائة) من المشاركين اليهود "لا تؤيد / لا تؤيد، مطلقاً" إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح، مقابل 37.4 بالمائة من مجمل المشاركين و30 بالمائة من المشاركين اليهود (و73.3 من المشاركين العرب) يؤيدون موافقة إسرائيل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح.

كما هو متوقع، تبين توزيعة المشاركين حسب الانتماء للمعسكرات السياسية ـ الحزبية أن أغلبية مصوتي أحزاب "اليسار" (77 بالمائة) تؤيد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح، بينما ينقسم مصوتو "الوسط" بين مؤيد ومعارض، فيما تؤكد أغلبية كبيرة من مصوتي "اليمين" (78 بالمائة) معارضتها لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

في السياق، سُئل المشاركون في الاستطلاع عن توقعهم ما إذا كان قيام دولة فلسطينية في المستقبل المنظور "من الممكن أن يؤثر على الإرهاب الفلسطيني ضد إسرائيل". وفي الرد على هذا السؤال، قال 63.2 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع إن "الإرهاب سوف يزداد" (37.2 بالمائة) ـ وهو ما قاله 43.8 بالمائة من المشاركين اليهود و5.3 بالمائة من المشاركين العرب ـ أو أنه "سوف يستمر كما هو عليه الآن" (24 بالمائة) ـ وهو ما قاله 27.5 بالمائة من المشاركين اليهود و7.2 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع. في المقابل، قال 27.2 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع إنهم يتوقعون أن "يتوقف الإرهاب تماماً" (7.4 بالمائة) ـ وهو ما قاله 0.5 بالمائة من المشاركين اليهود و40.9 بالمائة من المشاركين العرب ـ أو أن "يتراجع، لكن لن يتوقف" (18.8 بالمائة) ـ وهو ما قال 21.4 المائة من المشاركين اليهود و12 بالمائة من المشاركين العرب.

بالنظر إلى توزيعة المشاركين حسب الانتماء للمعسكرات السياسية ـ الحزبية، تبين أن أغلبية ضئيلة (56 بالمائة) من بين مصوتي "اليسار" تعتقد بأن "الإرهاب سيتراجع"، لكنه لن يتوقف" بينما ينقسم مصوتو "الوسط" إلى ثلاثة أقسام، متساوية تقريباً، تعتقد بأن "الإرهاب سيتراجع لكنه لن يتوقف/ سيبقى على حاله/ سيتعزز".

عاد معدو الاستطلاع ووجهوا إلى المشاركين السؤال نفسه الذي كانوا وجهوه إلى المشاركين في الاستطلاع السابق، لكن بتغييرات طفيفة: ما رأيك في اتفاق لإنهاء الحرب يشمل إعادة المخطوفين الإسرائيليين جميعهم، والهدوء الأمني بضمانات أميركية واتفاق سلام مع السعودية، مقابل إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، ووقف إطلاق النار فترة طويلة واتفاقا حول إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح على المدى البعيد؟ وسواء كان الأمر بسبب التغيير في نص السؤال أم بسبب التغيير في الظروف، شمل الاتجاه العام الذي عكسته الإجابات ميلاً أكبر نحو الموافقة على تسوية كهذه. لكن بين المشاركين اليهود لا تزال أغلبية (55 بالمائة) تعارض هذه التسوية، بينما ارتفعت نسبة المؤيدين بينهم من 29 بالمائة في الاستطلاع السابق إلى 37 بالمائة في الاستطلاع الأخير، الحالي. أما بين المشاركين العرب فإن الأغلبية الكبيرة (77 المائة اليوم مقابل 69 بالمائة في الاستطلاع السابق) تؤيد هذه التسوية وفقط 9 بالمائة منهم يعارضونها.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات