المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 1473
  • أدريان بايلوت
  • برهوم جرايسي

هناك أحداث ضخمة تجري باتجاهات مختلفة، وأحيانا تتفجر بشكل مفاجئ كليا، من خلال تلك الأحداث الكبيرة، وأحيانا فإن أحداثا كهذه تكمن في داخلها مؤشرات إلى أمور أخرى، وهذا بالضبط ما يحدث في وتيرة التضخم المالي في الأشهر الأخيرة، وخاصة في التقرير الأخير، الذي دلّ على أن التضخم ارتفع في شهر حزيران الماضي بنسبة 1ر0%، عن الشهر الذي سبق، وكان هذا مطابقا للتوقعات.

وظاهريا فإن الحديث لا يجري عن نسبة ارتفاع عالية، والتي من شأنها أن تهز الاقتصاد بقوة، إلا أنه من خلفها تستتر معطيات ضخمة جدا، وتنذر بعودة التضخم بوتيرة أعلى. فبعد 50 شهرا متواصلا، دخل التضخم النطاق الذي حددته الحكومة في إطار سياستها الاقتصادية، ليكون ما بين 1% إلى 3%، وهذا ما ظهر في نسبة التضخم للأشهر الـ 12 الأخيرة، إذ بات التضخم بنسبة 3ر1%.

والجانب التقني، الذي دفع بالتضخم للارتفاع في شهر حزيران الأخير، هو ما جرى في التضخم في ذات الشهر من العام الماضي 2017، إذ انخفض التضخم في ذلك الشهر، وبشكل مفاجئ، بنسبة 7ر0%، ما يعني أن التضخم في حزيران 2018، ارتفع عمليا بنسبة 8ر0% عما كان في ذات الشهر من العام الماضي. وإذا كان من رأى أن هبوط تضخم حزيران 2017، ناجم عن سياسة وزير المالية موشيه كحلون، الذي رفع راية خفض كلفة المعيشة، فإن حزيران 2018 ينذر بتحركات اقتصادية كبيرة، سينجم عنها رفع أسعار مستقبلي كبير، بعد سبع سنوات من حملة الاحتجاجات الشعبية على غلاء المعيشة، التي وقعت في العام 2011.

وإذا ما غُصنا في بنود جدول الغلاء، فإننا سنرى الرواية كاملة، إذ يتبين أن ارتفاع الأسعار جار في كل المجالات تقريبا: المواد الغذائية، والإسكان والمواصلات والاتصالات. فمثلا أسعار الخضراوات والفواكه ارتفعت بنسبة 2% مقارنة بشهر أيار 2018، بسبب ارتفاع أسعار الخضراوات الطازجة على وجد التحديد، إلا أن هذه الأسعار ارتفعت فعلا بنسبة 12% مقارنة مع ما كان في شهر حزيران 2017.
وكذا بالنسبة لأسعار المواد الغذائية، من دون أسعار الخضراوات والفواكه، فهذا البند يشكل نسبة 14% من اجمالي سلة المشتريات، التي على أساسها يجري احتساب التضخم المالي، وقد ارتفعت الأسعار في هذا البند بنسبة 5% عما كان في شهر أيار، بينما ارتفعت الأسعار بنسبة 4ر0% مقارنة مع ذات الشهر من 2017. ومن بين المواد التي ارتفعت أسعارها نرى مواد غذائية أساسية، مثل الطحين والخبز والحليب، ومواد مثل المعجنات والأجبان، ارتفعت أسعارها خلال شهر واحد بنسبة 2ر3%، وحتى 2ر4% خلال عام كامل. وقد أدى هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار الوجبات في أماكن العمل وفي المطاعم والمقاهي بنسبة 3% بالمعدل.

لكن القصة لا تتوقف عند المواد الغذائية فقط. فأيضا في البند المركزي في سلة المشتريات، بند الإسكان الذي يشكل نسبة 25% من سلة المشتريات، وعلى الرغم من كل الإجراءات التي اتخذها الوزير كحلون، فإن أسعار وكلفة الإسكان ارتفعت في شهر حزيران بنسبة 5ر0% مقارنة بشهر أيار الذي سبق، ولكن بنسبة 3% مقارنة بشهر حزيران 2017.

ومن المهم القول إن بند الإسكان لا يشمل أسعار البيوت ذاتها، إلا أنه يشمل كلفة ايجار البيوت، التي هي مؤشر لمستوى أسعار البيوت بشكل عام. كذلك، فإنه بالإضافة إلى هذا البند يستتر ارتفاع أسعار خدمات أخرى متعلقة بالإسكان، مثل تأمينات البيوت، والمدفوعات للمحامين، الذين يبرمون اتفاقيات البيع والشراء، والايجار.

وإلى جانب هذا نضيف كلفة صيانة البيوت، التي تشكل 10% من سلة المشتريات، فقد ارتفعت كلفة الصيانة بنسبة 1ر0% في شهر حزيران مقارنة بالكلفة التي كانت في شهر أيار، وبنسبة 9ر0% في الأشهر الـ 12 التي سبقت. وتشمل كلفة صيانة البيوت أسعار الغاز البيتي، والوقود والطاقة لتدفئة البيوت، والتصليحات والترميمات.

كذلك رأينا أن صرف الجمهور على المواصلات والاتصالات بات أعلى. ويشكل هذا البند نسبة 20% من اجمالي سلة المشتريات، ويحل في المرتبة الثانية بعد بند الإسكان. فقد ارتفعت أسعار هذا البند بنسبة 6ر0% مقارنة مع شهر أيار، وبنسبة 5ر2% في الأشهر الـ 12 الأخيرة. وحينما نفحص كل مركبات هذا البند المتعلقة بالاتصالات، مثل الهواتف والانترنت وشركات الكوابل التلفزيونية، فقد انخفضت أسعارها بنسبة 3%، في حين أن أسعار المواصلات، وبالذات في ما يتعلق بالسفر إلى الخارج، انخفضت بنسبة مماثلة.

أما البند الذي يشمل التعليم والترفيه، فقد انخفضت أسعاره في شهر أيار بنسبة 3ر0%، ولكن خلال عام كامل ارتفعت هذه الأسعار بنسبة 2ر0%. وحينما ندقق في هذا البند سنرى ان التعليم الأكاديمي، وأسعار الصحف، وإقامة الحفلات، ارتفعت أسعارها بنسبة 3%.

في المقابل فإن الأسعار التي انخفضت في شهر حزيران كانت أسعار الأثاث والمعدات البيتية، بنسبة 5ر0%، والألبسة والأحذية بنسبة 4ر6%، ومصروفات مختلفة بنسبة 8ر0%. وهي أسعار سجلت تراجعات أيضا خلال عام كامل.

ويشكل بند الألبسة والأحذية نسبة 4% من اجمالي سلة المشتريات، لكنه قادر على أن يكون لاجما للتضخم المالي. ومن الممكن أن يكون هذا السبب الذي جعل الوزير كحلون يعترض على الغاء الاعفاء من ضريبة القيمة المضافة، على من يستورد من الخارج لاحتياجاته الخاصة بقيمة حتى 75 دولارا، وهذا خلافا لمطلب المستوردين الكبار الذين يرون أنفسهم متضررين من هذا الاعفاء، الذي يشجع على الشراء من خلال شبكة الانترنت، فإلغاء الاعفاء من شأنه أن يرفع أسعار الملبوسات والأحذية.

ويتابع وزير المالية موشيه كحلون بقلق هذه التطورات. وفقط قبل أكثر من شهر، وفي مساء ذات يوم خميس، بعث كحلون برسالة مفادها "أن وزير المالية وكبار المسؤولين في وزارته عقدوا جلسة لبحث غلاء المعيشة في إسرائيل. ومع انتهاء الجلسة تقرر أن الهدف هو منع وقف وتيرة ارتفاع الأسعار التي بدأت في السنوات الأخيرة، وستفحص وزارة المالية كل واحدة من السلع على حدة، لفحص ما إذا يوجد تخوف لرفع سعرها، وتتخذ الإجراءات التي بحوزته لمنعها".

وتقول إفادات بعد تلك الجلسة إن هوية المشاركين تدل على أن الجلسة كانت فارغة، وهدفها بث رد دعائي على العناوين السلبية في وسائل الإعلام، التي تشير إلى ارتفاع الأسعار، وخاصة أسعار المواد الغذائية، وارتفاع كلفة سلة المشتريات ككل.

 (عن "كالكاليست")

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات