أعلنت شركة نوبل إنيرجي في الأسبوع الماضي عن استثمار جديد بقيمة نصف مليار دولار، في حقل الغاز الأكبر الذي تسيطر عليه إسرائيل في البحر الابيض المتوسط، والمسمى "لفياتان"، بعد أن قدمت الحكومة الإسرائيلية تعهد للحكومة الأردنية بمنح الأردن أولوية في صادرات الغاز على مدى 15 عاما، وهو التزام سياسي مألوف في مثل هذه الحالات لضمان الصفقة. وقالت مصادر إسرائيلية إن المفاوضات باتت متقدمة مع تركيا لمد أنبوب إلى شواطئها، في حين بدأت مفاوضات أخرى مع ايطاليا لمد أنبوب الغاز الأطول في العام.
وكانت صحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية التابعة لصحيفة "هآرتس" قد كشفت في الأسبوع الماضي، عن أن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس، بعث قبل أسبوعين برسالة إلى الحكومة الأردنية، تتعهد فيها إسرائيل بعدم المس باتفاقية الغاز الموقعة بين الأردن وشركة ليست مسجلة في إسرائيل، طوال فترة العقد من 15 عاما، وذلك بناء على طلب الأردن.
وتعد صفقة الغاز مع الأردن الأكبر حتى الآن، إذ بموجبها سيحصل الأردن على 45 مليار متر مكعب من الغاز، بقيمة 10 مليارات دولار. لكن الصفقة تأخرت لمدة عامين على ضوء انهيار أسعار الغاز في العالم، وأيضا بسبب حملة الاعتراضات التي شهدها الأردن ضد صفقة الغاز.
وحسب الصحيفة، فإن رسالة الوزير الإسرائيلي جاءت بناء على طلب الأردن، الذي تضمن أيضا مصادقة مجلس إدارة شركة "نوبل إنيرجي" عليها، وهي واحدة من شركتين تديران حقل الغاز. وتؤكد الصحيفة أن الأردن رفض التعهد بالمقابل بارسال تعهد خطي بتنفيذ الصفقة، ما يعني أن الالتزام هو أحادي الجانب من إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن الغاز سيصل مباشرة إلى الأراضي الأردنية، عبر خط أنبوب غاز خاص، إلا أن الأردن وقع الصفقة مع شركة تسويق تدعى "أن بي أل جوردان ماركيتينغ"، وهي غير مسجلة اطلاقا في إسرائيل إذ ستشتري هذه الشركة الغاز ومن الحقل المسمى "لفياتان".
غير أن مضمون التعهد أثار شكوكا عند بعض الجهات الإسرائيلية، ما دفع "جودة الحكم" الإسرائيلية، للمطالبة بالكشف عن كامل رسالة التعهد، التي تبين لاحقا، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان من بين الموقعين على الرسالة، في حين تنكر لها الوزير شتاينيتس، إلا أن الصحيفة تصر على توقيعه عليها.
وتُعد حركة "جودة الحُكم" الإسرائيلية الأكثر فاعلية في ملاحقة تطبيق شفافية الحكم، وتقدم باستمرار دعاوى قضائية أمام المحاكم ضد مؤسسات الحكم، مطالبة بالكشف عن اجراءات، أو تعترض على قرارات، تتناقض مع "نزاهة الحكم". وتبين لاحقا أن التعهد الإسرائيلي تضمن أولوية تصدير الغاز إلى الأردن، حتى في حال نقص الغاز في السوق الإسرائيلية، وهذا يناقض القانون الإسرائيلي القائم، والذي يلزم الشركات المزودة بمنح السوق الإسرائيلية أولوية، في حال نشوب أزمة طاقة ونقص في السوق.
وأشارت الصحيفة إلى أن التعهدات السياسية أمر مألوف في اتفاقيات الصادرات الخاصة في العلاقات التجارية الدولية، كما أن التعهد الإسرائيلي كان ضروريا للشركات المستثمرة في حقل الغاز المسمى "لفياتان"، وأن بنوكا عالمية كانت قد طلبت من قبل، تعهدات وضمانات من الحكومة الإسرائيلية بشأن عمل الشركات المستثمرة في حقول الغاز، كشرط لتقديم قروض للشركات العاملة. وكما يبدو فإن هذا التعهد، دفع بشركة نوبل إنيرجي، بالإعلان مساء الثلاثاء، عن استثمار جديد بقيمة نصف مليار دولار، في الحقل المسمى "لفياتان". في حين أن الحقل بحاجة إلى 5ر1 مليار دولار، كاستثمارات اضافية، لضمان بدء عمله في العام 2019.
إلى ذلك، قال المحلل الاقتصادي البارز في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نحاميا شتراسلر إن المفاوضات مع تركيا بدأت في التقدم، وفي صلبها مد أنبوب غاز من الحقل المسمى "لفياتان"، في عمق البحر المتوسط، إلى الشواطئ التركية، بطول 530 كيلومترا. وكانت قضية الغاز واحدة من أبرز دوافع استعادة السفيرين إلى كل من تل أبيب وأنقرة، في ظل ما كان يبدو وكأنها أزمة سياسية نشبت بين الجانبين على مدى ست سنوات، رغم أن العلاقات الاقتصادية بينهما شهدت في ذات الفترة ازدهارا كبيرا جدا بحجمه، برغم الأزمة الاقتصادية العالمية، وتراجع حركة التجارة العالمية.
وبحسب شتراسلر فإن إسرائيل في مفاوضات أولية مع ايطاليا، لمد أنبوب الغاز الأطول في العالم، بطول 2200 كيلومتر، وسيمر عبر قبرص واليونان، ما سيفتح آفاق تصدر إسرائيلي اكبر نحو أوروبا. في الوقت الذي اصدرت فيه إسرائيل أربع تراخيص اضافية لشركات تنقيب عن الغاز والنفط في اعماق البحر الابيض المتوسط.
يشار إلى أن وسائل إعلام إسرائيلية قالت هذا الاسبوع، إن شركة الكهرباء الإسرائيلية تلقت عرضا من شركات تحتكر حقولا أخرى، تسيطر عليها إسرائيل في البحر المتوسط، أصغر من "لفياتان"، بسعر يقل بنسبة 25%، عما تعرضه عليه الشركات المحتكرة لحقل "لفياتان". وحسب ما نشر، فإن هذه الشركات التي تسيطر على حقول في الشمال، قادرة على بدء تزويد شركة الكهرباء الإسرائيلية ابتداء من العام 2021.