المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 2515

إنهم بغالبيتهم يتسترون من خلف شركات خاصة، ولهذا فإنهم تقريبا ليسوا معروفين في أوساط الجمهور الواسع. وهم الذين جعلوا من الاحتكارات الحصرية الكبيرة في ملاعبهم أرباحا ضخمة، من خلال نشاطهم الاقتصادي من دون منافسين. ولقسم منهم احتكارات في السوق، دون أن يكون باستطاعة آخرين المنافسة في قطاعهم. بينما يتمتع آخرون بمكانة منتج ومستورد ومسوّق، ما يمنحهم مكانة قوية في سوق الأغذية، وكلهم يحققون ثراء من التجارة بنسب وحجم لا تعرفه حتى شركات التقنية العالية.

وبهذا الشكل فإن مستوردي الأغذية في إسرائيل يغرفون أرباحا بعشرات النسب المئوية، من المنتوجات التي يسوّقونها، وتتراكم لديهم مداخيل بعشرات مليارات الشواكل.

ويقول مسؤولون وخبراء في قطاع الأغذية "إنهم ينجحون في تحقيق أرباح ضخمة، لأن ليس لهم منافسون، وقسم منهم حتى لا يحتاج لممارسة ضغوط على شبكات التسوق، كي يحقق أسعارا أعلى، وهذا هو الحال حينما يكون الجمهور على استعداد لدفع أثمان باهظة على (شوكولاتة) فيريرو روشيه".

المستوردون العشرة الكبار في إسرائيل هم: "أكرمان" و"شيستوفيتش" و"نيطو" و"يونيليفر" و"أوسم" و"لايمان شليسل" و"ديبلومات" و"جنرال ميلس" و"ريجلي يسرائيل" و"فوليبا". وغالبيتهم ليسوا منتجي مواد غذائية، باستثناء "أوسم" و"يونيليفر"، اللتين تنتجان وتستوردان. فهؤلاء تجار يشترون البضائع من خارج البلاد، ويبيعونها لتجار الجملة ولشبكات التسوق.

إن ميكي واستي اكرمان، اللذين بملكيتهما شركة الاستيراد للمشروبات الخفيفة والكحولية أكرمان، هما كما يبدو مستوردا المواد الغذائية اللذان يحققان الأرباح الأكبر في إسرائيل. وبحسب مصادر، فإنهما يحققان أرباحا بنسبة 40% على البضائع التي يستوردانها، وبالأساس أصناف الفودكا المختلفة.

وتنضم اليهما عائلة شيستوفيتش، التي تملك شركة على اسم العائلة، ثم عائلة فايمان التي بملكيتها شركة "ديبلومات". وأيضا عائلة لايمان التي تملك شركة "لايمان شليسل"، وأهارون وايلان فوليبا، اللذان يسيطران على شركة "فوليبا" غير المعروفة، وعائلة عيزرا، التي تسيطر على شركة "نيطو". وبرعاية الاحتكارات الحصرية للاستيراد، فإن غالبية هذه العائلات تتمتع بأرباح ضخمة بعشرات النسب المئوية.

ويقول مسؤولون في قطاع الأغذية "إن أولئك الذين هم مستوردون وأيضا منتجون، هم أيضا في بعض الأحيان الموزعون، وهذا يشكل ضغطا على شبكات التسوق، التي ليس باستطاعتها شراء هذه المنتوجات من جهة أخرى، أو أن يمارسوا الضغط للحصول على أسعار أقل. وفي الحالات التي يستورد فيها عدة مستوردين بضائع مشابهة، فإنهم ينسقون في ما بينهم الأسعار، وفي بعض الحالات هناك منافسات وهمية، مثل في حالة استيراد الأجبان. أما المستوردون الذين هم في ذات الوقت أصحاب شبكات تسوق، مثل "رامي ليفي" و"شوبر سال"، فإنهم ملزمون بتخفيض الأسعار لغرض المنافسة. ومستوردون خاصون لا يستطيعون استيراد بضاعة أقل جودة، لأنهم لا يستطيعون تسويقها للجمهور، بينما شبكات التسوق بإمكانها استيراد بضائع أقل جودة، لأنها تسوقها بذاتها في مجمعاتها".

حتى حملة الاحتجاجات الشعبية (التي اندلعت في صيف 2011)، تحايدت مستوردي المواد الغذائية، الذين قسم منهم يحرصون على رفع الأسعار في حال ارتفع سعر صرف الدولار أمام الشيكل، ولكنهم "ينسون" تخفيضها حينما يتراجع سعر الصرف. ولكون غالبيتهم يعملون ضمن شركات خاصة، فإن من الصعب متابعتهم دائما، ونحن نعرف فقط المنتوجات التي يرسلونها إلى الواجهة عبر الإعلانات الملونة، إلا أن تقاريرهم لسلطة ضريبة الدخل تُظهر الأرباح فوق العادة، بمئات النسب المئوية، مقارنة بمستثمرين آخرين.

في العام 2013 وحده، سجل المستوردون العشرة الكبار في قطاع الأغذية إجمالي أرباح بقيمة نصف مليار شيكل (130 مليون دولار)، وهذا بموجب بحث أجرته وزارة المالية، وأجرت فيه تحليلا لنمو نسب أرباح المستوردين بين العامين 2003 و2012. وجرى احتساب نسبة الأرباح، قبل دفع الضرائب، ولكن بعد تسديد كافة المصاريف، بما فيها "رواتب" المدراء، الذين هم بحد ذاتهم اصحاب أسهم في الشركة. ويتضح من التقرير أن نسبة الأرباح ارتفعت بنسبة 230% بين العامين المذكورين.

وجاء في البحث أن "تحليل المعطيات تدل على أن الأرباح عالية، وحتى أنها شاذة في قطاع استيراد المواد الغذائية، ونسبة الأرباح ذاتها تحققت أيضا في قطاع انتاج المواد الغذائية محليا، ابتداء من منتصف العقد الأول من سنوات الألفين. وفي العام 2012 وحده، بلغ اجمالي الأرباح للمستوردين العشرة الكبار 650 مليون شيكل، (170 مليون دولار)".

كما يعكس البحث الأرباح العالية لمستوردي المواد الغذائية، حينما يتم فحص حجم أرباح أصحاب الشركات المستوردة، الملزمين بموجب القانون، بتقديم كشوفات سنوية عن مداخيلهم لسلطة الضرائب (عدا تقارير الشركات التي يملكونها). إذ يتضح من تلك التقارير أن مستوى مداخيل مستوردي المواد الغذائية الكبار في إسرائيل، أعلى من مداخيل مستثمرين في قطاعات أخرى، بما في ذلك قطاع التقنية العالية، والصناعات والعقارات والزراعة.

ولا يتمتع المستهلكون ولا العاملون لدى المستوردين الكبار، بشكل نسبي، بالأرباح المتزايدة في الشركات. فعدد العاملين لدى شركات استيراد المواد الغذائية بلغ في العام 2013 حوالي 20 ألف عامل. وكان معدل أجورهم غير الصافية 9200 شيكل (2408 دولارات) للعامل (معدل الأجر الصافي العام حوالي 8100 شيكل، ما يعادل 2120 دولارا).

ومنذ العام 2003 إلى العام 2013، ارتفع معدل أجورهم فعليا بمعدل 6% فقط، وهو أقل من ارتفاع نسبة أرباح الشركات في الفترة ذاتها، بنسبة 6ر7%. وفي نفس الفترة تضاعفت أرباح اجمالي شركات استيراد المواد الغذائية (بسبب تزايد كميات الاستيراد).

ويقول مصدر في وزارة المالية إنه توجد مشكلة في الأرباح العالية بهذا الحد، لأن الحديث يجري عن شركات خاصة، وكل واحدة من هذه الشركات تعمل بطريقة خاصة بها، ولكن كل هذه الشركات تسجل أرباحا عالية جدا، ما يشير إلى مدى الاحتكارات الحصرية في قطاع الأغذية.

وكان من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ تعديلات الأنظمة التي ستفتح ابواب الاستيراد أمام قوى أخرى، في شهر حزيران المنتهي. ولكن منذ شهر ايار الماضي جرى الإعلان عن تأجيل تطبيق هذه التعديلات، بحجة أن وزارة الصحة لم تنه استعداداتها لتطبيق هذه الاصلاحات.

(ترجمة بتصرف- عن المجلة الشهرية لصحيفة "ذي ماركر")

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات