يأتي الحديث عن احتمالية شن إسرائيل عملية عسكرية، منفردة، أو بالشراكة مع الإدارة الأميركية الجديدة، تستهدف تدمير المفاعلات النووية الإيرانية، بالتزامن مع المتغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولا سيما منذ منتصف نيسان المنصرم.
منذ بداية العام 2023، ارتفعت حدة الخلافات في إسرائيل حول دور المستشارة القضائية للحكومة. يدور ظاهر الخلافات حول الدور الرقابي القانوني للمستشارة القضائية الحالية، غالي بهاراف ميارا، في تقييد عمل حكومة نتنياهو اليمينية الحالية. لكن جوهر الخلاف هو صراع بين تيارين رئيسين داخل إسرائيل حول طبيعة نظام الحكم، وسطوة السلطة التنفيذية، ومبدأ سيادة القانون، في دولة تنزاح باستمرار نحو الشريعة اليهودية وقيم المحافظة.
انعقد المؤتمر الأول للاستيطان في غزة في كانون الثاني 2024، ثم مرة أخرى في تشرين الأول 2024، حيث دعا المشاركون إلى إنشاء "غزة الجديدة" كجزء من رؤية استيطانية موسّعة في كل قطاع غزة. وُصفت هذه الرؤية بأنها "ليست وهمًا، بل خطة عمل"، مع توزيع خرائط متخيَّلة حول المشروع. شارك نحو 11 وزيرًا و15 نائب كنيست في المؤتمر وقدموا الاستيطان على أنه ضرورة أمنية وأيديولوجية، وربط بعضهم بين الاستيطان وتهجير الفلسطينيين. وأعلنت دانييلا فايس، رئيسة حركة "نحالا" التي تبادر بنشاط في إنشاء المستوطنات في الضفة الغربية، أنها "زارت" قطاع غزة مرات عدّة خلال الحرب، وأن الحركة طلبت تجهيز 40 مبنى لنقلها إلى غزة، وأنه تم تجنيد نحو 700 نواة استيطانية للانتقال الفوري إلى القطاع.
تستعرض ورقة تقدير الموقف الحالية مشروع الاستيطان اليهودي في قطاع غزة بعد حرب 2023، قاعدته السياسية-الاجتماعية، وإمكانيات تحقيقه. القسم الأول يقدم لمحة تاريخية عن تطور الاستيطان في قطاع غزة وصولًا إلى تفكيكه والانسحاب في العام 2005. القسم الثاني يستعرض المؤسسات والمنظمات التي تنشط بشكل متصاعد منذ 7 أكتوبر 2023، وتعمل على البدء الفعلي بالاستيطان. القسم الثالث والأخير يناقش مآلات هذه المشاريع في ظلّ عوامل تعزز من إمكانيات الاستيطان وأخرى تقلل منها.
"المسيّرة التي أطلقها حزب الله أصابت قلب التصوّر/ المفهوم: من الذي قرّر أننا هزمنا حزب الله؟"- تحت هذا العنوان، حاول نير كيفنيس قبل يومين الوقوف على عملية التضليل التي مارسها المستويان السياسي والعسكري- الأمني على الجمهور الإسرائيلي في الأيام الأولى لتصاعد المواجهة مع حزب الله وادّعاء تدمير قدراته العسكرية وترسانته الصاروخية. تُعيد الأحداث الدراماتيكية المتسارعة في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله منذ منتصف أيلول المنصرم "المفهوم" أو "التصور" كلفظة دارجة في الخطاب السياسي- الأمني في إسرائيل إلى الواجهة من جديد، وذلك في ضوء عودة رواجه في الخطاب السياسي- الإعلامي الإسرائيلي تحت شعار "انهيار التصور" كتوصيف لفشل 7 أكتوبر. من بين معان وإحالات عدّة؛ تُحيل لفظة "المفهوم" أو "التصور" (كونسيبتسيا بالعبرية) في الخطاب السياسي- الأمني الإسرائيلي إلى فشل حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 التي يُطلق عليها "حرب يوم الغفران"، يعود السبب في ذلك إلى توصيات لجنة التحقيق الرسمية "أغرانات" التي تشكّلت في أعقاب الحرب، وما استتبع ذلك من تحولات في التفكير الإسرائيلي العسكري- الأمني والسياسي أيضًا.
الصفحة 2 من 19