حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما زرعته من قتل ودمار في الجانب الفلسطيني، وبما مُنيت به من فشل ذريع في تحقيق أي من أهدافها المُعلَنة، بما فيها تحرير المخطوفين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، وما تمخض عن هذه الحرب التي دخلت شهرها العاشر على التوالي من آثار وانعكاسات على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بما في ذلك عدم قدرة سكان العديد من البلدات في جنوب البلاد على العودة إلى بلداتهم وترميم منازلهم والعودة إلى السكن فيها، ومثلها أيضاً الأوضاع المتوترة على الحدود الشمالية وتبادل العمليات الحربية مع حزب الله اللبناني، بما في ذلك أيضاً هجرة السكان من العديد من بلدات الشمال الحدودية وتحوّلها إلى "مدن أشباح" منذ أشهر عديدة ـ هذا كله لا يشكل سبباً مهماً وكافياً يؤدي إلى إسقاط الحكومة الإسرائيلية الحالية!
نقلت الصحافة الاقتصادية أن الحكومة الإسرائيلية قررت القيام باقتطاع حاد بقيمة 525 مليون شيكل من الميزانية المخصصة لتنفيذ اتفاق الرواتب الجديد مع معلمي المدارس الثانوية، وذلك لغرض مواصلة تمويل إخلاء سكان الشمال والجنوب. وقالت صحيفة "ذي ماركر" إن خفض الميزانية سيسمح للحكومة بالامتناع عن تنفيذ اتفاقية زيادة الرواتب بالكامل خلال الفترة المقبلة، باعتباره مصدر التمويل الأساس لذلك. علماً بأن معلمي المدارس الثانوية يعملون منذ أكثر من عامين ونصف العام دون اتفاق على الراتب. ومن جهتها، أعلنت نقابة المعلمين أنه بدون اتفاق على الراتب، لن يتم فتح العام الدراسي القادم في المدارس الثانوية. وبالتالي، فإنه إذا لم يتم العثور على مصدر لتمويل الاتفاقية، فالاحتمال الأكبر هو تعطيل افتتاح العام الدراسي المقبل في مطلع أيلول.
تصاعد في الفترة القليلة الفائتة خطر اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله على خلفية عدة تطورات مستجدّة، وكذلك في ظل الوضع القائم في منطقة الحدود مع لبنان والذي يقف في صلبه موضوع إخلاء عشرات ألوف الإسرائيليين من منازلهم في تلك المنطقة إلى أجل غير مسمى لم يتضح إلى الآن متى قد يحين. في الوقت عينه أظهرت استطلاعات للرأي العام في إسرائيل أن نحو 50 بالمئة منه يعتقدون أنه يتعين على إسرائيل أن تبادر بنفسها إلى خوض هذه الحرب لتغيير هذا الوضع القائم.
بتاريخ 28 حزيران 2024، قررت الحكومة الإسرائيلية (من خلال مجلس الكابينيت) سحب صلاحيات الإنفاذ من السلطة الفلسطينية في صحراء القدس (وهي في منطقة "ب") والشروع بإجراءات هدم "البناء الفلسطيني المتنامي" هناك. بحسب اتفاقيات أوسلو، فإن صلاحيات الإنفاذ، والبناء، والتخطيط، وكل ما يتعلق بالشؤون الإدارية للسكان في المنطقة "ب"، هي من صلاحيات السلطة الفلسطينية. يعتبر هذا قراراً آخر، لكنه الأهم، في سياق سحب الصلاحيات من السلطة الفلسطينية و"استعادة" تدريجية للسيادة الإسرائيلية على مناطق تم نقلها إلى الحكم الذاتي الفلسطيني في سياق اتفاقيات أوسلو.
الصفحة 12 من 850