يظهر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة كمن يسير على نهج "من بعدي الطوفان"، فهو غير آبه بحجم الاحتجاجات الشعبية، غير المسبوقة بحجمها وتنوعها واستمراريتها، كذلك لا يأبه كما يبدو بالانتقادات غير المسبوقة لرئيس أميركي لحكومة إسرائيلية، أطلقها جو بايدن ضد حكومته، ولا بشبه عزلته السياسية العالمية، واستمرار القطيعة مع البيت الأبيض، وهو الذي تباهى مرارا بتشعب اتصالاته الدولية. فهو يصر على الدفع قدما بمخطط الانقلاب على جهاز القضاء، في حين تزايد استخدام مصطلح "حرب أهلية" في الأجواء الإسرائيلية، بموازاة التحذير من تعمّق قوانين وأنظمة الإكراه الديني. وفي المقابل، ما هي حقيقة الأضرار الاقتصادية المتوقعة لإسرائيل؟
تقدّم هذه المقالة قراءة تشتمل على عرض وتحليل للتقارير الإسرائيلية التي يمكن جمعها تحت عنوان: "فترة ما بعد أبو مازن". وينبع انشغال إسرائيل بهذه المسألة من احتمال حصول تغييرات جدية على مستويين اثنين، بحسب ما تراه هذه التقارير: المستوى الأول يتعلق بالساحة الفلسطينية الداخلية وتداعيات إعادة تنظيم علاقات القوة بين الفلسطينيين أنفسهم. المستوى الثاني يكمن في مستقبل العلاقة الأمنية والسياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والمنتظمة حاليا وفقا لأحكام اتفاق أوسلو. وتهتم إسرائيل بشكل خاص بالسيناريوهات المستقبلية التي يمكن أن ترشح على هذين الصعيدين، وقدرتها على التحكم في مدخلات و/ أو مخرجات هذه السيناريوهات.
تمتد "البلدات العربية، بدون المدن المختلطة (الساحلية)، على ما نسبته 3 بالمئة فقط من مساحة إسرائيل بينما المجالس الإقليمية، التي يعيش في نطاقها عدد أقل بكثير جداً من السكان، تسيطر على 84 بالمئة من المساحة وفيها لجان قبول تشكل مصافي لغربلة السكان".
تخصص وسائل الإعلام الإسرائيلية خاصة باللغة العبرية مساحة واسعة جدا في تغطيتها لكل ما يتعلق بخطط الائتلاف الحكومي التي يطلق عليها مسمى "الإصلاحات القضائية" والتي تصفها المعارضة بأنها "انقلاب على القضاء". وتقدم شاشات القنوات التلفزيونية العبرية والصحف المطبوعة ومواقعها الإلكترونية والمواقع الإلكترونية الإخبارية ومنصاتها وحسابات مراسليها ومحلليها على مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها تغطية شاملة بدءا من الأخبار العاجلة مرورا بالتقارير والتحليلات والاستوديوهات التحليلية والمقابلات الخاصة المطولة والتغطية الدائمة للتظاهرات وصولا إلى التحقيقات الصحافية. كما تتميز وسائل الإعلام العبرية بالاستفادة من التسجيلات المسربة خاصة في الجلسات المغلقات سواء الرسمية (الحكومية) أو الحزبية أو الجلسات واللقاءات الخاصة في صناعة الأخبار.
الصفحة 89 من 859