يبدو أن التفويض الموسع للجيش الإسرائيلي بقصف الأهداف غير العسكرية، وتخفيف القيود المتعلقة بالخسائر المدنية المتوقعة من هذا التفويض، واستخدام نظام الذكاء الاصطناعي لتوليد أهداف محتملة أكثر من أي وقت مضى، قد ساهما في الوصول إلى الدمار الذي شهدناه في المراحل الأولى من الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة، وفقاً لتحقيق أجرته مجلة +972 وموقع سيحا مكوميت. ومن المرجح أن هذه العوامل، كما وصفها أعضاء حاليون وسابقون في المخابرات الإسرائيلية، لعبت دوراً في إنتاج واحدة من أكثر الحملات العسكرية دموية ضد الفلسطينيين منذ نكبة العام 1948.
يعتبر الإعلام في إسرائيل أداة من الأدوات الأيديولوجية المركزية التي تتصدر عملية بناء الروح الجماعية وتوجيه التصورات والرؤى والمواقف القومية. ويلعب هذا الإعلام بمختلف أشكاله المرئية والمسموعة وبمختلف قنواته دوراً في بناء وتصليب الإجماع حول الحرب على قطاع غزة. ويتحاشى بمعظمه الخوض في قضايا أو طرح أسئلة تتحدى الخطاب الأمني والعسكري ويتبنى ما يصدر عنه ويعيد نشره بشكل شبه كامل من دون أن يقوم بأي عملية نقد ومساءلة حقيقية.
بلغ عدد المواطنين الإسرائيليين الذين تم إخلاؤهم منذ بدء الحرب ضد قطاع غزة وعلى خلفية هذه الحرب، وفقاً لمعطيات "الجبهة الداخلية"، 231 ألفاً وهو ما يعادل 2.4% من مجمل السكان. وتقول هذه السلطة على موقعها: "حتى الآن، تم إخلاء البلدات التي تقع على بعد 0-7 كيلومترات من الحدود الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، تم إخلاء البلدات الواقعة على بعد 0-2 كم من الحدود الشمالية، بما في ذلك كريات شمونه". ولاحقاً، تم إخلاء بلدات على مسافة أكبر في مناطق محددة.
"الهسبراه" هي الجهود التي تبذلها إسرائيل لنشر "معلومات إيجابية" عنها، وتسويق نفسها للعالم الخارجي، وإعادة إنتاج الروايات التي تدعم موقفها و"تبيّض" صورتها أمام العالم. وكنا في مركز "مدار" قد تناولنا جهود "الهسبراه" على مدار سنوات سابقة، لكن سياق الحرب الحالية يستدعي إعادة فتح هذا الملف. هذه المقالة تلقي الضوء على منظومة "الهسبراه" خلال الحرب على قطاع غزة.
الصفحة 86 من 883