تجد موجة الاحتجاجات التي تجتاح شوارع إسرائيل منذ أكثر من ثلاثين أسبوعا تفسيرا لها في تفشي شعور جمعي بالتهديد وحالة من عدم اليقين والثبات واقتراب النهاية، عبر عنها المفكر الشهير يوفال نوح هراري في خطابه أمام المتظاهرين في تل أبيب في الثامن من تموز 2023 حيث اعتبر أن هذه المجموعة المتطرفة والظلامية ستحول إسرائيل "إلى أكبر دولة معادية للسامية في العالم" وأن وجود هذه المجموعة التي تجمع بين تأييد "الاحتلال وكراهية النساء والعنصرية والتطرف القومي والعداء للمثليين" سينتج "منظومة ديكتاتورية" لا يمكن التعايش معها.
ظاهرياً، تبدو الصورة التي ترتسم من النقاش العام عن واقع اللامساواة القائم في إسرائيل واضحة تماماً وتحظى باتفاق شبه إجماعيّ، عناصرها الأساسية المكوِّنة هي التالية: اليهود الغربيون (الأشكنازيون) في أعلى الهرم، يليهم اليهود الشرقيون (السفاراديم)، ثم يأتي العرب الفلسطينيون المواطنون في إسرائيل في أسفل الهرم. لكن، كيف حدث هذا وتكرّس واقعاً؟ هنا، أيضاً، تبدو الإجابة، في الظاهر وكما هي متداولة في إطار النقاش العام، واضحة تماماً وتحظى باتفاق شبه إجماعيّ: الثقافة هي السبب، بالتأكيد ـ ذلك أنّ "الشرقيين، والعرب بدرجة أكبر منهم بكثير، يجدون صعوبات جمّة وبالغة في الانخراط في الحياة العامة في إسرائيل الحديثة، لأنهم ترعرعوا في/ جاؤوا من بلاد فقيرة ذات خلفيات ثقافية غير عصرية".
على الرغم من الأبحاث والتقارير، بل حتى القرارات الحكومية بشأن وجوب البدء باستعداد عملي حقيقي لمواجهة مخاطر الزلازل والهزات الأرضية، ما زالت الحكومة الإسرائيلية ترجئ التنفيذ والتطبيق، وبالذات حين يصل الأمر مرحلة رصد وتحديد الميزانيات لمعالجة مسائل ذات صلة بالقضية المقلقة، وأولها ترميم وتعزيز عشرات ألوف المباني الخطرة، والتي تنتشر في مناطق مختلفة أبرزها ما يسمى بـ "البلدات الطرفيّة".
حمل الأسبوع الفائت المزيد من الإشارات إلى أن قائمة الفجوات القائمة بين الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن وحكومة بنيامين نتنياهو السادسة التي توصف بأنها يمينية كاملة، وواقعة تحت سطوة المستوطنين واليمين المتطرّف، تطول وتطول، وبعض هذه الفجوات يمكن القول بثقة معقولة إنه منطوٍ على دلالات قد تكون بعيدة المدى.
الصفحة 88 من 859