خلافا لكل التوقعات، يبدأ حزب "الليكود" باستعادة ناخبية الذين فقدهم بعد ملفات الفساد، بينما تهبط شعبية حزب "العمل"، خصمه الأول، بشكل مأساوي. وفي ذلك قد يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون فشل في إقناع الناخبين ببراءته من ملف القرض المشبوه وقضايا الفساد الاخرى في حزبه، لكنه نجح على ما يبدو في اشعال موقدة القبيلة – "الليكود" – ليبدأ الناخبون، او قسم منهم على الأقل، مشوار العودة الى البيت، قبل موعد الانتخابات التشريعية باسبوعين.
ويشير استطلاع "معريف – هغال هحداش" الى ارتفاع بما يعادل مقعدين في شعبية "الليكود"، بالقياس مع استطلاعات نهاية الاسبوع (9 الجاري)، مقابل هبوط في شعبية "العمل" بما يعادل مقعدين.
قبل اسبوعين على موعدها المحدد (28 الجاري) تعيش الساحة الانتخابية الاسرائييلية توترات داخلية حادة، تعكسها "الانقلابات" المتلاحقة في استطلاعات الرأي العام، التي اصبحت - بين سرية وعلنية - استطلاعات شبه يومية، تزداد اهميتها مع اقتراب يوم الانتخابات.
رغم الملاحظة التي أطلقها يارون، أحد الناشطين الاسرائيليين ضد الاحتلال، لا يمكن تجاهل مدى حضور هذا النشاط من حيث الزمان، والأهم، المكان. ليس من حيث عدد الحضور (مُحرج!)، بل من حيث ما عكسه الحدث في الخلفية المركبة التي يندرج فيها.
صادقت الحكومة الاسرائيلية بعد مناقشة حامية على «خريطة الطريق»، وهي خطة التحرك تدريجيا نحو تسوية النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي. وقد طرحت هذه الخطة من قبل «رباعي» الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي وهيئة الامم المتحدة. وبعد ان سلم السفير الاميركي في تل ابيب هذه الخطة الى القيادة الاسرائيلية، عرض شارون 14 تعديلا يفرّغ «خريطة الطريق» في الواقع من محتواها. واعقبت ذلك فورا مطالبة اسرائيل باعادة كتابة الخطة مع مراعاة هذه التعديلات وتقديمها الى طرفي النزاع مجددا بشكلها الجديد. وفي هذه الظروف لم يصدق سوى قلائل بأن اسرائيل يمكن ان توافق على خطة تنص على اقامة الدولة الفلسطينية. لكن الموافقة صدرت بالرغم من كل شيء. فما الذي ادى الى هذا التحول، الذي هو ليس من صفات شارون؟ وما الذي يقف وراءه؟
الصفحة 866 من 883