لا يمكن اعتبار انشقاق جدعون ساعر عن حزب الليكود مفاجأة، نظرا لشكل تحركاته في الحزب على مدى السنوات الست الأخيرة. ولكن بهذا الانشقاق، يبدو أنه أنشأ قطبا ثالثا لليمين الاستيطاني، أمام حزبه الليكود، وتحالف أحزاب التيار الديني الصهيوني "يمينا". وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه تحديد حجم الكتلة التي قد يحققها ساعر في الانتخابات المقبلة، فإن كتلته كما يبدو ستأتي على حساب كل أحزاب اليمين الاستيطاني، أو تلك التي تُعرّف إسرائيليا على أنها "وسط"، وهذا ما سيساهم في قلب جوانب عديدة في تركيبة المشهد البرلماني، الذي أفرزته الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة.
خلص بحث جديد أصدره معهد الأبحاث والدراسات التابع للكنيست الإسرائيلي حول حوادث الطرق، إلى أن الحكومات في إسرائيل لم تلتزم في أية مرة بما وضعته وحددته وصاغته بنفسها، أو في هيئات رسمية خاضعة لها، من خطط وبرامج لمكافحة الحوادث، على الرغم من الاجتماعات والقرارات واللجان الإدارية العليا التي تم تشكيلها لغرض تحديد سياسة شاملة ومتكاملة لمواجهة الحوادث، التي تقتل وتصيب في إسرائيل عددا كبيرا جدا من السكان، مقارنة بمجموعات الدول التي ترغب المؤسسة الإسرائيلية وتروّج للانتماء إليها. وهو يتناول على نحو خاص ما طرأ على المعطيات في السنة الحالية التي تقارب على الانتهاء، وسط التقييدات الكبيرة على التحرك والتنقل في ظل وباء كورونا.
في شهادةٍ دوّنها طاقم منظمّة "يش دين" ("يوجد قانون") لفلسطينيّ اقتحم بيتهِ جاء على لسانه: "لقد دمّروا بالكامل الشعور الذي ينتاب كلّ شخص، بأن البيت هو أكثر الأماكن هدوءاً وأماناً. ما فعلوه هو نوع من أنواع الإرهاب"، موضحاً أن الاقتحامات واستمراريّتها هي انتهاك وهيمنة على الحيّز الأساسيّ والشخصيّ، وهي تندرج تحت محاولة "إثبات حضور" دائم للاحتلال، مما يعكس شدّة هذهِ الممارسات على حياةِ الفلسطينيين وتكوينهم ومستقبلهم. الاقتحامات المستمرّة لبيوتِ الفلسطينيين، لا تندرج تحت دوائر وأوامر وتصريحات قانونيّة، وفقاً لتعريفات القانون الدوليّ. وفيما اعتبرت اقتحامات البيوت أمراً استثنائياً في القانون الدوليّ والقوانين الديمقراطيّة الغربيّة، فإنها في حالةِ الفلسطينيين، أصبحت تعتبر أمراً اعتيادياً، وأقصدُ بالاعتياديّ فقط من ناحية أنها تتكرّر باستمرار بدون ضابط أو ناظم لهذهِ الممارسات، وهولِها وشدّتها على العائلات يزداد ويتعاظمُ أثره.
سأحاول في هذهِ المراجعةِ للتقرير الصادر عن منظمّة "يش دين": "الحياة المنتهكة- الاقتحامات العسكريّة لبيوت الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة" أن أوضّح صورة الانتهاكات والممارسات التي تقوم بها المنظومة الاستعماريّة الاستيطانيّة، من أجل قمعِ إرادة الفلسطينيين في التحرّر والمقاومة للاحتلال، على أساس ما أعدتهُ "يش دين" مع جمعيّات أخرى، "أطباء لحقوق الإنسان" و"لنكسر الصمت" وغيرهما، من مقابلات وتقارير حول الاقتحامات المستمرّة للفلسطينيين، حيثُ أن سنتي 2017 و2018 شهدتا ارتفاعاً كبيراً في معدّل الاقتحامات الشهريّ ووصلت إلى أكثر من 250 اقتحاما وتفتيشا في بيوت الفلسطينيين، ومعظمها بعدَ منتصفِ الليل.
بعد وقت قصير من الإعلان عن سلسلة خطوات التطبيع، الإماراتي ثم البحريني وبعده السوداني مع إسرائيل، بدأت التكهنات بشأن نية مجموعة أخرى من الدول العربية والإسلامية إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، وعقد اتفاقيات تعاون تجاري واقتصادي معها. ولم يتوقف الأمر عند التكهنات والتوقعات فوزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين أعلن في مقابلة مع "يديعوت أحرونوت" في الثالث عشر من تشرين الثاني الماضي أن جهودا تبذل لإقامة علاقات مع خمس دول عربية وإسلامية هي السعودية وعمان وقطر والمغرب والنيجر.
كان يمكن توقع الدول العربية الأربع المذكورة، فهي إما تقيم علاقات مع إسرائيل من تحت الطاولة أو من فوقها، وسبق أن كان بينها وبين إسرائيل مكاتب تمثيل تجاري في الماضي القريب، ولكن لماذا النيجر؟ وما مصلحة إسرائيل، الدولة صاحبة السجل الإشكالي في مواقفها تجاه التمييز العنصري، مع هذه الدولة الأفريقية التي تتناهشها المجاعة والحروب الأهلية والعرقية والفساد؟
الصفحة 264 من 880