لطالما حافظ الجيش الإسرائيلي على صورته كأيقونة مقدسة في المجتمع الإسرائيلي، وهي صورة حرص قادة إسرائيل ومؤسسوها، ثم قادتها اللاحقون، وكذا المؤسسات الثقافية والإعلامية، على تعزيزها بما يحفظ للجيش مكانة مرموقة تضعه في قلب الإجماع القومي الصهيوني، بعيدا عن التجاذبات السياسية والحزبية. فقد سخرت لهذا الجيش كل وسائل الدعم والتعزيز من موازنات وتسليح وتطوير، وصلاحيات، ورفد غزير بالموارد البشرية.
يعيد التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" حول اغتيال الرجل الثاني في تنظيم القاعدة (أبو محمد المصري) في طهران، تسليط الضوء من جديد على سياسة الاغتيالات التي انتهجتها إسرائيل على مدى عقود طويلة وبشتى الوسائل ضد مقاتلين وقادة سياسيين وعسكريين عرب وفلسطينيين، ويعيد طرح سؤال جدوى هذه السياسة في محاربة (الإرهاب) ومدى أخلاقيتها وانسجامها مع القانون الدولي، خاصة وأن التقرير أشار إلى أن الموساد الإسرائيلي هو الذي نفذ عملية الاغتيال السرية لصالح الولايات المتحدة، التي سبق أن اعلنت عن مكافأة مادية لكل من يقدم لها معلومات تمكنها من الوصول إلى المصري الذي يتهم "بشنّ هجمات على سفارات أميركية في شرق أفريقيا العام 1998، والمدرج اسمه على لائحة الإرهابيّين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي".
أعلن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن الاقتصاد الإسرائيلي سجل في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري انكماشا بنسبة 3%، بعد أن قفز النمو في الربع الثالث لوحده بنسبة 3.8%، ولكن هذه النسبة "الفلكية"، إن صح التعبير، جاءت بعد انكماش الاقتصاد بنسبة شبيهة في الربع الثاني من العام الجاري. وهذا في حين أن البطالة ما تزال تسجل نسبة عالية، 22.6%، بسبب الإغلاق، وحوالي 60% من المعطّلين عن العمل هم في إجازات ليست مدفوعة الأجر بسبب الإغلاق.
من سيل التحليلات الإسرائيلية الذي لا ينقطع بشأن ملامح الصورة العامة الآخذة بالتشكّل التي ستكون عليها العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأميركي المقبل جو بايدن، لا بُد من تسجيل الاستنتاجات التالية:
أولاً، ستوظف إدارة بايدن اهتماماً وموارد أكثر لـ"معالجة الروح الأميركية" وفقاً للمعايير التي حدّدها برنامج الحزب الديمقراطي، وذلك على خلفية ما حدث إبان الأعوام الأربعة لولاية الرئيس دونالد ترامب، والتي وصل فيها الانقسام والتوتر العنصري إلى الذروة، وأيضاً تحت وطأة استمرار تفشّي وباء كورونا الذي تسبّب بقتل نحو 220 ألف أميركي، وأسفر عن أضرار اقتصادية وصحية هائلة. وستهتم بالشؤون الخارجية فقط عندما تكون مضطرة، ويكون هذا الاهتمام حيوياً بالنسبة لأمن الولايات المتحدة القومي ورفاهيتها.
ثانياً، سيكون لاستراتيجيا السياسة الخارجية التي تقوم إدارة بايدن ببلورتها تأثير على مقاربتها حيال إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط. وقد توقفنا في آخر ورقة "تقدير موقف" صادرة عن "مركز مدار" عند حقيقة أن بايدن شغل منصب نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وكان من الشخصيات التي صاغت السياسة الأميركية الخارجية لإدارة أوباما، مشيرين إلى أبرز
الصفحة 268 من 880