المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم: عكيفا الدارما الذي تغير من أمسيات عيد الميلاد الحالي بالمقارنة مع أعياد الميلاد الاخري؟ في عيد الميلاد الحالي لن يسمع مئات ملايين المسيحيين الذين سيشاهدون الجنود اليهود وهم يجتاحون مدينة ميلاد يسوع المسيح، شمعون بيرس، الحائز علي جائزة نوبل للسلام، وهو يوضح لهم ان كل شيء يحدث بسبب شريكه في الجائزة، ياسر عرفات.

في هذه السنة سيحصل العالم علي سياسة شارون الصافية والصرفة بتنفيذ شاؤول موفاز ودعاية بنيامين نتنياهو. وفي هذه المرة يوجد لاسرائيل وزير خارجية غير مرغوب فيه في بيت رئيس حكومة بريطانيا، الزعيم الأقرب لرئيس الولايات المتحدة. توني بلير الذي فتح أبواب داونينغ (10) أمام الرئيس السوري، وسيفتحها بعد العيد لزعيم حزب العمل عمرام متسناع، قال انه غير معتاد علي مقابلة وزراء الخارجية.

الناخب الاسرائيلي يجد أمامه فرصة سانحة نادرة لمشاهدة كيفية ظهور وجه حكومة اليمين في نظر العالم عندما نزيل عنها المساحيق الوردية الزاهرة التي قام شمعون بيريس وبنيامين بن اليعازر بدهنها عليه. صورة اسرائيل في كانون الاول (ديسمبر) 2002 تبدأ في تذكيرنا بمظهر مايكل جاكسون بعد رفع القناع عن وجهه. وعندما يكون بنيامين نتنياهو في وزارة الخارجية ليس من المسموح لسفير اسرائيل في الامم المتحدة بأن يستخدم مسحوق رؤية الدولتين الموجود في حمام شارون. والآن يرون في الخارج ما يظهر في جلسات مركز الليكود مثل قرار معارضة الدولة الفلسطينية.

متسناع علي قناعة انه لو كان حزب العمل قد غادر الحكومة قبل سنة لكان الليكود خلفه في استطلاعات الرأي. ممكن. فتجربة سنة مع نتنياهو وموفاز بدلا من بيريس وبن اليعازر كانت قادرة علي ان تؤكد للناخب الاسرائيلي انه لا يمكن اعادة احتلال المناطق والطلب من العالم في ذات الوقت بأن يثيبنا علي كوننا دولة تنشد السلام. ففي منظمة التجارة العالمية مثلا يتزايد الضغط لاعادة النظر في قرار ضم اسرائيل الذي صدر في عام 1995 كثواب علي سياسة حكومة رابين السلمية. وفي الاتحاد الاوروبي تتردد أصوات منادية بأن الوقت قد حان لتعليم الاسرائيليين شيئا ما حول العلاقة بين السياسة الاستيطانية واتفاقات التجارة المريحة وفقدان أماكن عملهم.

المس مرة اخري بموظفي الامم المتحدة في المناطق وقيام وزير خارجية مبعوث الامم المتحدة ترياه لارسن مرة اخري بمهاجمة اسرائيل، سيؤدي الي ضم اسرائيل الي نادي الاعضاء المريبين الذي يضم الصومال وافغانستان، حيث قامت الامم المتحدة بسحب موظفيها منها. وكالات الامم المتحدة تخصص لسكان المناطق 400 مليون شيكل شهريا. وحكومة اسرائيل التي تجد صعوبة في ضمان رفاهية اطفالها لن تتمكن من إطعام اطفال غزة الذين يعانون من الآن سوء التغذية. وعندها يُشك بأن يتمكن بوش ومستشاره اليهودي الجديد، اليوت ابراهامز، من الوقوف الي جانب حكومة اليمين الاسرائيلية أمام مشاهد الاطفال الفلسطينيين الجوعي.

جنوب افريقيا كانت حليفة هي الاخري للولايات المتحدة في حربها في أنغولا ضد الشيوعيين. ولكن عندما وصلت قضية حقوق الانسان الي مستوي أزماتي حسم الرأي العام الامريكي المسألة ووضع نهاية لنظام الابرتهايد العنصري. المقربون من بوش يعدون في محادثاتهم المغلقة مع سياسيين اوروبيين وشرق اوسطيين بأن يتفرغ بوش لمعالجة الصراع في المناطق بعد انهاء قضية العراق. وتوقعاتهم هي ان يمل بوش هو الآخر مخاصمة كل العالم حتي يتمكن شارون من التمتع من كل العوالم: التحدث عن دولة فلسطينية من جهة وتقطيع أوصال الضفة وغزة الي جيوب معزولة تابعة علي غرار جنوب افريقيا من جهة اخري.

هذه الرؤيا لم تغب عن بال شارون، لذلك لا عجب انه يشتاق الي شمعون بيريس ويحرص علي الاحتفاظ بعلاقة قوية مع بن اليعازر. فهو يحتاجهما مثل الحاجة لعمال تايلاند الذين ينظفون منزله في مزرعته. ومن حسن حظ شارون ان مواطني اسرائيل سيسمعون نتائج الانتخابات وهم في الغرف المحصنة المغلقة وربما يصغون لجوقة حزب العمل وهي تنشد لهم ليس لنا وطن آخر ، ويسمعون ان شارون قد سمح لبيريس بأن يلتقي مع أبو العلاء. ولو كان الامر منوطا ببن اليعازر وبيريس لفرض بن اليعازر حظر التجول علي بيت لحم في عيد الميلاد 2004، ولقام بيريس بالتوضيح للعالم انه لم يكن مفر من ذلك.

(هآرتس23/12/2002)

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات