المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يوسي ألفيرفيما تستعد اسرائيل لاجراء الانتخابات العامة الشهر القادم ستكون المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة مركز الجدل السياسي فيها لأول مرة، وسواء فاز في الانتخابات حزب الليكود كما هو متوقع أم حزب العمل، فإن وجهات النظر تجاه المستوطنات لن تبقى على حالها، فالجمهور الاسرائيلي يحبذ بأغلبية كاسحة ازالة المستوطنات المعزولة الاستفزازية سواء بالاتفاق مع الفلسطينيين أو من جانب واحد.

يوجد عنصران حيويان وراء هذا التغيير المفاجىء في وجهة النظر الاسرائيلية:

الاول هو الوضع الأمني، فقد اصبح اختراق الاستشهاديين الفلسطينيين للاجراءات الأمنية ووصولهم إلى قلب المدن الاسرائيلية يعتبر من قبل الجمهور الاسرائيلي مسألة تهدد وجود الدولة نفسه، والحدود غير المحكمة مع الضفة الغربية وانشغال الجيش الاسرائيلي في حماية "000،40" مستوطن يعيشون في مستوطنات معزولة في وسط 3ملايين فلسطيني جعلت المدن الاسرائيلية اهدافا سهلة، وتحت ضغوط قوية من الرأي العام بدأ رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون بتنفيذ مشروع الجدار الأمني الحدودي، ولكن من دون ازالة المستوطنات وتحرير القوات الأمنية الاسرائيلية لكي تركز جهودها على حماية وحراسة الجدار الأمني فإن ذلك وحده لن يكون فعالا.

والعنصر الثاني هو الأمن الديمغرافي، فاليهود في اسرائيل يطالبون ببقاء اسرائيل دولة يهودية، ولكن النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني المصحوب بخطاب سياسي فلسطيني قاس يتحدى الاساسات التي تقوم عليها الهوية اليهودية لاسرائيل خاصة حول قضايا مثل منطقة الحرم القدسي (جبل المعبد) ومصير اللاجئين الفلسطينيين لعام 1948 التي أوضحت للرأي العام الاسرائيلي مخاطر السيطرة والتحكم بشعب آخر سرعان ما سيفوق عدده عدد الاسرائيليين.

وقد تزايد الادراك بإن المستوطنات الاسرائيلية تشكل العقبة الرئيسية امام اعادة ترتيب الأولويات الوطنية لاسرائيل والذي يجب ان يضع افضلية للبعد الديمغرافي على البعد الجغرافي، ويسارع بعض الاسرائيليين إلى الاشارة إلى ان الانسحاب الاسرائيلي من المستوطنات سوف يعتبر مؤشر ضعف وبالتالي سيشجع على مزيد من الارهاب ويرد دعاة الانسحاب من المستوطنات عليهم بقولهم ان المصالح الأمنية الوجودية لاسرائيل يجب ان تأتي في العام الاول وان اسرائيل في كل الاحوال سوف تحتفظ لنفسها على مدى سنوات عديدة بحق الرد بقوة على أية هجمات ارهابية بما في ذلك الاستعداد لشن هجمات انتقامية عبر خط الفصل الديمغرافي الدفاعي المحصن.

ويقود عمرام متسناع الزعيم الجديد لحزب العمل حملة المطالبة بالتركيز على قضية المستوطنات وقد تعهد بازالة جميع الـ 17 مستوطنة يهودية في قطاع غزة في غضون عام واحد اذا فاز حزب العمل في الانتخابات كما تعهد بعدم الانضمام إلى حكومة وحدة مع حزب الليكود إلا اذا قبل بتفكيك المستوطنات المثيرة للاشكاليات، ومن جانبه يرفض شارون الانسحاب من المستوطنات من جانب واحد ويقدم للفلسطينيين دويلة محاصرة ومجزأة إلى جيوب غير متصلة ومعزولة بمستوطنات يسكنها متطرفون اسرائيليون، وفي اشارة مذهلة إلى موقفه الحقيقي قام شارون سرا بتشجيع توسيع مكثف للاستيطان خلال العامين من توليه لمنصب رئيس الوزراء، ومع ذلك لا زالت شعبية شارون واسعة رغم انه فشل في تحقيق الأمن والسلام وفي منع التدهور الاقتصادي وهو يؤمن بالوحدة الوطنية القائمة على تماسك ائتلاف وسط الطيف السياسي ممثلا بتحالف الليكود والعمل في الحكومة القادمة.

ومن غير المرجح ان يقود متسناع غير المعروف في المستوى الوطني، حزب العمل إلى الفوز على حزب الليكود، ولكن مجرد تحقيق تحسن بسيط في اداء حزب العمل يكفي لوضع شارون امام خيارين إما حكومة مع حزب العمل أو حكومة مع تحالف الاحزاب الدينية اليمينية التي سوف تجره إلى المزيد من الاجراءات العسكرية التي بات هو شخصيا يخشاها ويفضل الاتفاق مع حزب العمل حول مسألة المستوطنات.

ويوجد قائدان آخران يمكنهما ان يلعبا دورا حاسما ومؤثرا على الانتخابات الاسرائيلية وتسريع ازالة المستوطنات ولكن بدلا من ذلك يقومان بتسهيل مهمة شارون، فالرئيس الأميركي جورج دبليو بوش يستطيع المساهمة كثيرا في التوصل إلى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين ولكنه حتى الآن لم يبذل أي جهد لوقق توسيع الاستيطان، وأما ياسر عرفات الزعيم الفلسطيني فقد دمر مصداقيته بتحريضه على العنف، وتسامحه مع الارهاب والفساد وهذا زود شارون بالحجج المدعمة لموقفه بخصوص الانسحاب من الاراضي المحتلة، ولكن عرفات منح متسناع الحجج لكي يقوم بتفكيك المستوطنات من جانب واحد لأنه "لا يوجد من يتفاوض معه في الجانب الفلسطيني"، وحتى لو عاد شارون إلى السلطة في 28 يناير كما هو متوقع، فإن العد التنازلي لإزالة المستوطنات قد بدأ.

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, دورا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات