بقلم: اوري افنيريإذا أردتم مساعدة أريئيل شارون على البقاء في الحكم – هاكم بعض النصائح القيمة.
أولا: تحدثوا عن "حكومة الوحدة الوطنية" التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات
انها حيلة محكمة. شارون يقول، عمليا، انه ليس هناك فرق يذكر بين الليكود والعمل. إذا كان الامر كذلك، فما الفائدة من التصويت الى جانب العمل؟ إذا كان هذا الانتخاب هو في آخر المطاف اختيارا مباشرا بين شارون ومتسناع، اللذين سيجلسان غدا سوية في نفس الحكومة. اليست هناك افضلية لشارون المجرّب وصاحب الحضور على متسناع المبتدئ والشاعري؟ ومن جهة اخرى - انها وصفة ناجحة لابعاد من يمقت شارون.
إضافة الى ذلك، فان من يتحدث عن حكومة وحدة وطنية، انما يقول عمليا بان فوز الليكود هو امر مفروغ منه. لا احد يتحدث عن حكومة وحدة وطنية يتزعمها متسناع، ومن المفروغ منه انها حكومة وحدة وطنية يتزعمها شارون، وذلك لان الأصوات المتأرجحة تفضل عادة الانضمام الى الفائز، فالرسالة واضحة.
هذا من شأنه ان يكون نبوءة تحقق ذاتها، فاذا هُزم متسناع سيسقط الحزب من جديد في أيدي محبي المؤخرة التي تلتصق بالكرسي.
ثانيا: أنشروا قصة أريئيل شارون الذي اصبح معتدلا، والذي تحول الى يساري محض، وكل حلمه دخول التاريخ كصانع السلام مع الفلسطينيين.
إن من يعرف شارون يعرف بأنه اسطورة، إنتاج "إبداعي" ينتجه الدعائيون.
شارون لم يصبح معتدلا. فمنذ سنتين يشن شارون حربا على الفلسطينيين، هدفها كسر الكيان الوطني الفلسطيني عن طريق كسر زعامته الوطنية، اغتيال زعمائه وهدم بناه الاقتصادية. انه يسد كل قناة للحوار. يقوم بالاستفزاز يوميا. وقد قام بتوسيع المستوطنات بوتيرة مجنونة. اما الاحاديث المعتدلة فهي موجهة الى الامريكيين وللجمهور العادي في اسرائيل.
ان حديث شارون حول "دولة فلسطينية" هو مجرد هراء. على الاكثر هو مستعد أن يمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا مبتورا على 40% من المناطق المحتلة، والتي تشكل 8% من مساحة فلسطين، وذلك بعد ان يرفعوا ايديهم ويستسلموا دون قيد او شرط. انه يعرف حق المعرفة انه لا يوجد فلسطيني في العالم يوافق على ذلك، ولذلك من الواضح ان الهدف النهائي هو طرد الفلسطينيين من البلاد. يحظى هذا الأمر بأغلبية في قوائم الليكود وشاس والمفدال والاتحاد الوطني، التي يمكن ان تشكل أغلبية في الكنيست.
ان البائع المتجول الاول الذي ينشر صورة شارون داعية السلام هو شمعون بيرس. بعد ان قضى سنتين بصحبة شارون، اصبح الان يتوق الى الاستمرار في ذلك في السنوات القادمة. ان بمقدوره تحويل فشله الى كارثة وطنية. ولانه لا يستطيع العيش بدون لقب وزير، يمكن ان يبيع جدته – فكم بالحري حزبه – لقاء يوم واحد في وزارة الخارجية.
لذلك يتحدث الان وكأن هزيمة ميتسناع حقيقة واقعة، ولم يبق سوى مفاوضة شارون على شروط الهزيمة (وزارة الخارجية لبيرس).
ثالثا: افعلوا كل ما في وسعكم لإخفاء متسناع.
عمرام متسناع هو المرشح المضاد. ليس هناك أي شخص آخر. يمكن ان نُعجب به أو لا، نحبه او لا نحبه – ان على من يريد الانتصار على شارون تركيز جل اهتمامه في إعلاء شأن متسناع ورفعة منزلته. ان المواجهة بين شارون ومتسناع هي التي ستتصدر الانتخابات. من يريد مساعدة شارون، عليه ان يصور متسناع كإنسان شاحب، وكأسير لدى معسكر اليمين في حزبه، وان حزبه يعارض مساره السياسي وان خطه المعتدل هو كارثة للحزب.
رابعا: اشعلوا فتيل الحرب بين الاحزاب اليسارية.
إذا نشبت حرب ضروس بين حزب العمل وميريتس، وبينهما وبين والجبهة – سيكون هذا الامر رائعا. كل هذه الأحزاب سوف تكون مشغولة بهذه الحرب، وستسوّد كل منها صورة الاخرى، وبذلك تكون قد خدمت اليمين. ولن يبقى لأي من هذه الاحزاب قوة كافية للصمود أمام شارون.
يمكن استخدام قضية بيلين. استخدموها كبرهان على تملّق متسناع وضعفه، ولتوجه الحزب الى اليمين. ليس لهذا الامر صلة ما بالواقع، فان سقوط بيلين كان نتيجة الخصام الداخلي في الحزب. لقد أكره زملاءه في الحزب به وظهر وكأنه على وشك ترك الحزب. ان الحزب الذي انتخب متسناع بأغلبية كبيرة لا يتحول الى حزب من الصقور لانه رفض بيلين. من غير الواضح اي مِن الاثنين "يساري" اكثر، بيلين ام ميتسناع.
هذا كله غير مهم. ففي آخر الامر لا فرق بين انتخاب العمل او ميريتس او الجبهة او الأحزاب العربية. كل هذه الاحزاب معا ستشكل الكتلة المانعة، في حال قيامها. وكل حرب تنشب بينها هي بمثابة إضاعة للوقت.
خامسا: قولوا ان كلهم سواسية ونادوا بالامتناع عن التصويت.
هذا لن يؤثر على الناخبين اليمينيين. هؤلاء سوف يتوجهون الى صناديق الاقتراع حتى لو حدثت في ذلك الوقت هزة ارضية. هذا يمكن ان يؤثر على اليساريين فقط، فأي امتناع من منطلق "المبدا" سيساعد اليمين، وكل بطاقة فارغة هي بطاقة لمصلحة شارون.
سادسا: ناشدوا المواطنين العرب مقاطعة الانتخابات.
ان مليون مواطن عربي هم شركاء طبيعيون في معسكر السلام. لولاهم لما كان هناك يسار سياسي ذو تأثير. من يحرضهم على مقاطعة صناديق الاقتراع، انما ينفذ، ببساطة، إرادة شارون.
هذا امر جلي وواضح، مما يوحي بالشك بان هؤلاء الذين يرفعون هذه الراية البيضاء من منطلقات "وطنية" ليسوا الا عملاء سريين لشارون والشاباك (لا فرق بينهما). وكلما علت اصوات المقاطعين الوطنية والاسلامية، كلما ازداد في قلبي هذا الشك وكلما تحول الى حقيقة.
للمواطنين العرب اسباب كثيرة ومقنعة للغضب على السلطة الاسرائيلية، بما في ذلك حزب العمل. الا ان هذا الغضب يجب ان يوجه الى إقامة قوة برلمانية متينة، لتناضل من اجل نيل حقوقهم وتطلعاتهم. فالشعب الذي يتسبب في تقوية السلطة اليمنية ما هو الا مدلل كالأولاد.
ان هذا التصرف هو بمثابة كارثة من الهدم الذاتي لشعب يهدد سيف "الترانسفير" عنقه. من الصعب تفهّم الزعماء الذين يتحدثون عن خطر "نكبة ثانية"، في الوقت الذي يتصرفون فيه كما تصرفوا امس وأول أمس.
كل من يريد مساعدة شارون، فليعمل بهذه النصائح.
14.12.02
المصطلحات المستخدمة:
الكتلة, معسكر السلام, الليكود, الكنيست, حكومة الوحدة الوطنية