المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 2624

بقلم د. داني رابينوفتشإبعاد النائبة تمار غوغانسكي من قائمة "الجبهة- حداش" للكنيست، وضم النائب أحمد الطيبي ليحتل المكان الثالث لفعّال في القائمة، إضافة إلى دحر المرشح اليهودي البارز، المحامي دوف حنين، إلى المكان الرابع، على الحافة، كلها تنتظم في تحرك يعكس منطقا حسابيا يبدو أنه منطق معقول. ففي انتخابات العام 1999 حصلت الجبهة (حداش) على حوالي 15 ألف صوتا من الناخبين اليهود.

 

وحتى إذا تغيرت هذه النتيجة، فإن مستودع أصوات القائمة في الوسط اليهودي سيبقى، على ما يبدو، أقل من عدد الأصوات التي سيأتي بها أحمد الطيبي، وعليه فإن دعوته للإنضمام للقائمة وإدراجه في مكان متقدم، مجديان بالنسبة لقائمة الجبهة.

غير أن التساؤلات التي تثيرها الوحدة مع الطيبي تعكس مسألة أوسع وأكثر أهمية بكثير فيما يتعلق بدور "حداش" في المجتمع والسياسة في إسرائيل. هناك توجه يمثله رئيس القائمة عضو الكنيست محمد بركة، يرى في "الجبهة" حركة جذورها في الوسط العربي الذي يمدها بشكل ثابت بنحو 90% من الأصوات التي تحصل عليها. وطبقا لهذا التوجه فإن البرنامج السياسي للجبهة يجب أن يأتي محكوما بالدور الأساسي للجبهة في الوسط العربي وهو طرح بديل معتدل بين الحركة الإسلامية من جهة والتوجهات القومية الإنعزالية للتجمع الوطني الديمقراطي من جهة أخرى. هذا التوجه يتلاءم بطبيعة الحال مع قرار مؤسسات الجبهة بتفضيل الطيبي على مرشح يهودي في مكان واقعي.

لا شك في أن النبرة المناوئة للعرب في الشارع اليهودي قد أثارت لدى العرب في إسرائيل ارتيابا منقطع النظير فيما يتعلق بضرورة وجدوى التعاون العربي- اليهودي، وهو ارتياب بلغ حد الرفض السافر، الإنعزالي، لدى محافل معينة في الوسط العربي. ربما كان بالإمكان تفسير تقديم الطيبي على حساب "حنين" على أنه تلميح من زعماء "الجبهة" العرب لناخبيهم بأن القائمة لا تنساق بشكل أعمى خلف تعاون من هذا النوع. ومثل هذا التلميح ربما يكسب القائمة مزيدا من التأييد في صناديق الإقتراع في البلدات والقرى العربية.

التوجه الثاني، الذي يمثله بوضوح المحامي دوف حنين، لا يكتفي بالدور التقليدي للجبهة في الوسط العربي. وكان "حنين"، وهو من الرعيل الثاني في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، قد وقف وراء عدة مبادرات خلال السنوات الأخيرة، استهدفت استطلاع إمكانية إيجاد تحالفات أو ائتلافات سياسية تجمع بين أجندة اجتماعية مساواتية وبين مواضيع تتعلق بجودة البيئة. ويتطلع "حنين" إلى جعل "الجبهة" حجر الرحى في عملية لإعادة تنظيم صفوف اليسار الإسرائيلي من جديد، كما أنه نصير متحمس لتحويل الجبهة إلى عنوان للتعاون مع حركات وأطر تنتمي إلى تشكيلة واسعة من شتى ألوان الطيف الإجتماعي والسياسي.

من السابق لأوانه القول بأن مساعيه وتطلعاته نحو توحيد صفوف اليسار في إسرائيل، ستلقى النجاح، غير أنه الواضح هو أن عملية إعادة التنظيم هذه تعد حيوية وضرورية ليس لليسار وحسب، بل وللنظام السياسي برمته في إسرائيل. ويعلم دوف حنين، أن هناك فراغا على يسار الكتلة التي يمكن أن تتآلف أو تتحد فيها أطياف المركز (الوسط) الإسرائيلي..

هذا فضلا عن أن الأجندة الجنونية للإنتخابات الحالية ربما ليست مثالية لخطوة فكرية- سياسية من النوع العميق الذي يتطلع إليه حنين الذي يبدو كمن يعدو إلى مسافات بعيدة ومع ذلك فإن البذور التي يزرعها في هذه الأيام قد تنضج لتنبت في المستقبل.

المصطلحات المستخدمة:

الكتلة, حداش, الكنيست, دوف حنين

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات