أشرنا قبل ثلاثة أسابيع، على أعتاب انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، إلى تواتر تأكيد جلّ الناطقين المفوهين بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومعسكره اليميني على أن تداعيات هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام منافسه جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق، قد تكون ذات طابع دراماتيكي على إسرائيل، نظراً لكون مواقف ترامب وبايدن حيال مختلف موضوعات السياستين الخارجية والأمنية تظهر بجلاء أن ثمة "فجوة كبيرة" بينهما.
إذا كان استبصار كون الحديث عن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إسحاق رابين بأنه سعى إلى السلام مع الفلسطينيين هو مجرّد هراء، قد تطلّب من محرّر صحيفة "هآرتس" (ألوف بن) مرور ربع قرن على عملية اغتيال الأول، كما ينبئ بذلك مقاله في هذه المناسبة الذي ظهر في الصحيفة يوم 30/10/2020، فقد سبقه إلى هذه النتيجة كثيرون قبله، وتوقفنا عند ما بدر عن معظمهم من تبصرّات مرات من الصعب حصرها.
(*) تومئ جلّ مواد هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" إلى وجهتين تسير إسرائيل نحوهما وبرهنت عليهما وقائع الأيام الأخيرة، وسيتعيّن علينا أن نتعقبهما باستمرار في قادم الأيام.
الوجهة الأولى، انخفاض شعبية رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم اليمين بنيامين نتنياهو، وهو ما أمكن استخلاصه من اتساع نطاق حملة الاحتجاجات على سياسته، بالأساس على خلفية تقديم لائحة اتهام ضده بشبهات فساد وانضاف إليه الفشل الذي منيت به حكومته الخامسة، الحالية، في مواجهة أزمة فيروس كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية- الاجتماعية، وكذلك من معطيات آخر استطلاعات الرأي العام.
من شبه المؤكد أنه ستكون لنتائج الانتخابات الأميركية، التي ستجري يوم 3 تشرين الثاني المقبل، تداعيات على إسرائيل.
ومنذ فترة غير وجيزة يؤكد الناطقون المفوهون بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومعسكره اليميني أنها قد تكون تداعيات ذات طابع دراماتيكي في حال خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمصلحة منافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق.
وبرأي هؤلاء الناطقين فإن مواقف ترامب وبايدن حيال مختلف موضوعات السياستين الخارجية والأمنية تظهر بجلاء أن ثمة "فجوة كبيرة" بينهما.
بالرغم من أن أزمة جائحة كورونا في إسرائيل ما زالت في ذروتها يمكن ملاحظة أن هناك سعياً محموماً لاستخلاص عدة تبصرّات تتعلق بما ستمسي عليه الصيرورة الإسرائيلية فيما بعد هذه الأزمة غير المسبوقة، يؤكد بعضها أنها لن تكون كما كانت قبلها. وهي تبصرّات غير مرتبطة فقط بالأزمتين الصحية والاقتصادية، إنما أيضاً بالشروخ الاجتماعية، ومستقبل نظام الحكم. من هذه التبصرّات بالوسع أن نشير الآن إلى ما يحيل على قطاع اليهود الحريديم المتشددين دينياً، وعلى ما سيترتب على سلوك أقطاب اليمين الجديد بالنسبة إلى مستقبل "الديمقراطية الإسرائيلية"، وهو ما سنتوقف عنده هنا وإن بنظرة طائر، على أن نتابعه بقدر أكبر من التفصيل في قادم الأيام.
هل ستبدأ تظاهرات الاحتجاج ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والتي تطالبه بالاستقالة، سواء على خلفية تقديمه إلى المحاكمة بشبهة ارتكاب مخالفات فساد أو على خلفية فشل حكومته في مواجهة أزمة فيروس كورونا، تؤتي أكلها؟
هذا هو السؤال الذي يطغى على الكثير من التحليلات الإسرائيلية في الأيام القليلة الفائتة مع دخول هذه الاحتجاجات أسبوعها الـ15 واستقطابها للمزيد والمزيد من الإسرائيليين وبالأساس المتضررين من تداعيات الأزمتين الصحية والاقتصادية- الاجتماعية اللتين ترتبتا على تفشي فيروس كورونا وعلى الفشل في مكافحته.
الصفحة 32 من 48