أصبح واضحاً الآن، أن المسؤولين السياسيين في حكومة إسرائيل كانوا ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء مراسم تأدية الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، اليمين الدستورية واستلام مهام منصبه رسميا، حتى يعلنوا على الملأ أنهم لا يقيمون أي وزن أو اعتبار للمجتمع الدولي ويتحدّون الشرعية الدولية، جاهِرين بكل ما كانوا مضطرين إلى "مداراته" وكتمانه من قبل عن آرائهم، مواقفهم، طروحاتهم ونواياهم السياسية الحقيقية، إذ يتخذون من ترامب الآن "ظهراً متيناً" يتيح لهم إطلاق ما كتموه، اضطراراً.
إلى جانب "ملف 2000" لا يزال "الفحص" جاريا في قضية الامتيازات والمنافع الشخصية التي حصل عليها نتنياهو من رجال أعمال مختلفين، والتي تبلغ قيمتها المالية مئات آلاف الشواكل، وفق تقديرات الشرطة.
علامات الغضب التي كانت بادية على وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عند صدور قرار مجلس الأمن الدولي 2334، الذي يقضي بعدم شرعية الاستيطان، لم تكن مصطنعة، لغرض الظهور الإعلامي المسرحي الذي يجيده، بل هذا غضب حقيقي، نابع من ضرب عنجهيته السياسية أساسا. لكن إلى جانب هذا، فإن نتنياهو تملكه القلق من احتمال تحميله مسؤولية صدور القرار، كونه يأتي بعد مصادقته على قانون نهب الاراضي الفلسطينية، الذي أراده أكثر من أي جهة استيطانية أخرى، حتى وإن حاول تأجيل التصويت عليه.
أفرد تقرير "التقدير الإستراتيجي لإسرائيل 2016 – 2017" الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، فصلا خاصا للعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، أعده الدبلوماسي السابق عوديد عيران وميخال حاطوئيل ردوشيتسكي. ورجح الباحثان أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، سيستخدم أدوات شخصية وأيديولوجية وعملية في معالجة قضايا داخلية وخارجية. وأشارا إلى أنه ينبغي النظر إلى العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة على أنها "جزء لا يتجزأ من السياق الإقليمي والدولي".
صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مناسبات عديدة خلال العام الماضي وقبله، بأن سلاما إسرائيليا – فلسطينيا لا يمكن تحقيقه من خلال مسار ثنائي بين الجانبين، وإنما من خلال سلام إقليمي بين إسرائيل والدول العربية "السنية المعتدلة"، في إشارة إلى مصر والأردن والسعودية ودول الخليج. واعتبر نتنياهو أنه في إطار محادثات سلام كهذه، عربية – إسرائيلية، سيكون في إمكان الفلسطينيين تقديم تنازلات لإسرائيل، تحت ضغوط ومظلة عربية واسعة.
تبين المعطيات الرسمية لدى الجيش الإسرائيلي أن الجهات المختصة في هذا الجيش أجرت، خلال العام قبل الأخير، 2015، تحقيقات عسكرية (جنائية) في 186 حالة اعتداء تورط فيها جنود وضباط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، سواء ضد مواطنين فلسطينيين أو ضد ممتلكاتهم. وتضيف المعطيات الرسمية ذاتها أن 120 حالة من هذه التحقيقات/ الاعتداءات انتهت بإغلاق الملفات نهائيا، فيما انتهت 7 حالات فقط باتخاذ "إجراءات تأديبية" ضد الجنود والضباط المتورطين! ولم تُقدَّم سوى 15 لائحة اتّهام بخصوص الاعتداء على فلسطينيين، تتعلّق أربعة منها فقط بحوادث وقعت خلال عام 2015.
الصفحة 260 من 324