تتحدث الخطوط العامة التنفيذية لخطة الحكومة الإسرائيلية، المنشورة الشهر الماضي، لما أسمته "معالجة ظواهر الجريمة والعنف" في المجتمع العربي للأعوام 2022-2026، عن الحاجة إلى إبعاد المجتمع أو شرائح منه بالأحرى، عن دوائر الجريمة ومنع التدهور والانضمام إليها. وهو ما يتضمن، من بين أمور أخرى أشرنا إليها في مقال سابق قبل أسبوع (خطة الحكومة الإسرائيلية ضد الجريمة تجاهر بنوايا قمعيّة للاحتجاج السياسي تحت غطائها)، خلق أطر للتعليم والتشغيل وتأهيل شبان عرب من أجل دمجهم في مسار حياة معياري، ومعالجة العنف في مؤسسات التربية والتعليم وفي صفوف الشبيبة.
"على حكومة إسرائيل التعهد بتلبية تطلعات الشعب الفلسطينية الوطنية في إطار حل الدولتين. في الوضع القائم، وفي ظل غياب الظروف المواتية لاستئناف المفاوضات حول اتفاقية للحل النهائي والدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، يتعين على الحكومة الإسرائيلية إعداد وتطوير البنى التحتية القانونية، التنظيمية، الفيزية، الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لاستئناف عملية السلام في المستقبل. وفي المدى القصير، ينبغي على الحكومة الإسرائيلية العمل من أجل تعزيز السلطة الفلسطينية وتجنب أية خطوات من شأنها جعل حل الدولتين خياراً مستحيلاً"- هذه هي إحدى أبرز التوصيات التي خلصت إليها وثيقة سياسية أعدها معهد "مِتفيم (مسارات) ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية
تزامنت نهاية شهر تشرين الأول من هذا العام مع حلول الشهر الثامن حسب التقويم العبري، وهو الشهر الذي تقام فيه الفعاليات الختامية لمجموعات الشبيبة "بني عكيفا" قبل أن ينتقلوا إلى المجموعة الأكبر سناً. و"بني عكيفا" هي منظمة شبيبة تابعة لتيار الصهيونية الدينية تعمل على تربية الشباب الإسرائيلي تحت سن 18 عاما على قيم التوراة وحب الاستيطان. أثناء حفلات التخرج، تقام حفلة كبيرة، يتخللها غناء ورقص، ويقوم الشبان والشابات بعرض خلاصة ما تعلموه خلال العام السابق. وقد كانت هذه المنظمة طيلة العقود الماضية تتبنى، إلى جانب قيم التوراة، مبادئ ليبرالية فتسمح مثلا بالاختلاط ما بين الجنسين. ولكن هذه المرة، وبالتحديد في فرع "بني عكيفا" تل أبيب- اليركون، فرض قادة الحركة على الشابات شروطا جديدة وغير مألوفة في هذا الفرع الذي يقع في مدينة "متحررة" و"ليبرالية". لقد طلبوا من الفتيات
اعتبر رئيس الحكومة ووزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، أن "انقلاب الحكم الذي حصل في إسرائيل أنقذ الديمقراطية الإسرائيلية"، وكان يقصد "الانقلاب" الذي تحقق بإقصاء بنيامين نتنياهو عن مقود السلطة بعد 12 عاماً من سيطرته على مقاليد الحكم في إسرائيل وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، والتي يُطلَق عليها في إسرائيل اسم "حكومة التغيير". وأضاف باراك أن "المنحدر الزلق الذي أوصل نتنياهو دولة إسرائيل إليه شكّل خطراً مؤكداً وملموساً على النظام الديمقراطي في إسرائيل"!
ثمة مقولة مشهورة مفادها أن إسرائيل هي دائما في حالة حرب، فهي إما تخوض حربا بالفعل، أو أنها تستعد للحرب المقبلة. كان ذلك قبل توقيع معاهدات السلام بين بعض الدول العربية وإسرائيل، حين كانت الدول العربية المجاورة تمثل الأعداء المحتملين لإسرائيل. وليس من باب المصادفة أن اسماء عسكرية كدول "المواجهة" أو "دول الطوق" أطلقت على تلك الدول والتي شملت العراق إلى جانب مصر وسورية والأردن ولبنان. كانت كل دولة جارة تمثل تهديدا محتملا حتى زيارة أنور السادات الشهيرة للقدس في تشرين الثاني 1977، ثم قيام مصر بتوقيع معاهدة كامب ديفيد العام 1979.
سارعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة، منذ أيامها الأولى، إلى إظهار بوادر تحوّل في العلاقة مع البيت الأبيض برئاسة جو بايدن، وكان هذا سعيا متبادلا بين الجانبين، بعد سنوات حُكم بنيامين نتنياهو التي عكّر فيها العلاقة مع الحزب الديمقراطي الأميركي. إلا أن مؤشرات صدام مفترض بدأت بالظهور، بعد إعلان رئيس الحكومة نفتالي بينيت وشريكه يائير لبيد رفضهما إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وقرار إسرائيلي جديد بالدفاع عن شركة التجسس الإلكتروني الإسرائيلية NSO. وفي المقابل دعا معهد تابع للوكالة الصهيونية الحكومة الإسرائيلية إلى تحسين العلاقات مع مجموعات أميركية يهودية، دخل نتنياهو معها في مسار الصدام في السنوات الأخيرة.
الصفحة 98 من 328