المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
×

تحذير

Joomla\CMS\Cache\Storage\FileStorage::_deleteFolder فشل الحذف index.html

  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 615

الثقة بمؤسسات الدولة

لا يزال الجيش الإسرائيلي، كما كان على الدوام، على رأس قائمة مؤسسات الدولة من حيث مستوى ثقة الجمهور اليهودي به، إذ يحظى بثقة 90% منه. ويأتي بعده مباشرة، لكن بفارق ملحوظ، رئيس الدولة (71%)، ثم المحكمة العليا (55%). في المقابل، أقل من نصف الجمهور اليهودي (44%) يثق بالشرطة الإسرائيلية، مقابل 53% لا يثقون بالشرطة. أما بين المواطنين العرب، فنسبة الذين لا يثقون بالشرطة تبلغ 60%.

36% فقط من الجمهور الإسرائيلي يثقون بوسائل الإعلام الإسرائيلية. وأما في أدنى السلم من حيث ثقة الجمهور بالمؤسسات العامة فتقبع الحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلي، اللذان لا تتجاوز الثقة بهما نسبة 30% من الجمهور اليهودي (28% من الجمهور العربي يثقون بالحكومة و24% منه يثقون بالكنيست)، وتحتهما الأحزاب السياسية الإسرائيلية التي لا تحظى سوى بثقة 14% فقط من الجمهور الإسرائيلي ـ 14% من الجمهور اليهودي و20% من الجمهور العربي.

وبين الجمهور العربي نفسه، تظهر نتائج الاستطلاع هبوطاً حاداً جداً في ثقة المواطنين الدروز بالحكومة (21% الآن، مقابل 39% في 2017)، بسبب "قانون القومية"، على الأرجح.

ومن هنا، فليس مفاجئاً أيضاً، على الإطلاق، أن أغلبية 58% من الجمهور الإسرائيلي (59% من اليهود و52% من العرب) ـ كما تبين نتائج الاستطلاع ـ تتهم القيادة السياسية في إسرائيل بالفساد.

يحظى الجيش الإسرائيلي، كما أشرنا أعلاه، بنسبة الثقة الأعلى بين الجمهور اليهودي في إسرائيل، وهذه حقيقة تتكرر في جميع الاستطلاعات عبر السنوات كلها. وإضافة إلى ثقة 90% من الجمهور به، يعتبر 75% من الجمهور اليهودي أن الجيش الإسرائيلي هو "جيش الشعب" ويعارض نحو 55% من اليهود جعله "جيشاً مهنياً".
من بين الجمهور اليهودي عامة، يشكل الحريديم الاستثناء في هذا الموضوع، إذ أن نصفهم فقط يعتبر الجيش الإسرائيلي "جيش الشعب"، بينما يشكل اليهود المتدينون الوطنيون المجموعة الأكثر تعاطفاً مع الجيش الإسرائيلي، في هذا الموضوع أيضاً.

أما في التوزيعة السياسية، فتدل النتائج على أن 82% من اليهود مؤيدي معسكر اليمين السياسي في إسرائيل يعتبرون الجيش الإسرائيلي "جيش الشعب"، مقابل 61% فقط من اليهود مؤيدي معسكر اليسار.

في مسألة ميزانية الأمن والثقة بقادة الجيش الإسرائيلي الذين يطالبون بزيادة هذه الميزانية، 32% فقط من الجمهور اليهودي يعتقدون بأن الجيش "يبالغ" في وصف التهديدات المحدقة بالدولة كعامل ضغط من أجل ضمان حصوله على الميزانيات الإضافية، مقابل 40% كانوا يعتقدون كذلك في استطلاع سابق.

وفي الموقف بشأن مستوى أداء الجيش الإسرائيلي، يبرز الفرق الكبير والأساس بين اليهود والعرب. فبينما تعتقد أغلبية اليهود (أكثر من 82%) أن الجيش الإسرائيلي يتصرف بمعايير وضوابط أخلاقية عالية، وخصوصاً في أوقات الحرب، يرى 17% من العرب أن الجيش الإسرائيلي هو "جيش أخلاقي"!

وتبرز في نتائج الاستطلاع حقيقة أن المجموعة الأخرى (غير العرب) التي تعطي الجيش الإسرائيلي تقييمات متدنية في جميع المجالات هي مجموعة اليهود الحريديم، كما أشرنا سابقا. فعلى سبيل المثال، تبين من نتائج الاستطلاع أن 75% من اليهود الحريديم يفضلون عدم تجند أبنائهم لتأدية الخدمة العسكرية في صفوف الجيش.

بعد الجيش، يأتي رئيس الدولة من حيث ثقة الجمهور به فيحتل المرتبة الثانية بين مؤسسات الدولة، كما أشرنا، لكن بفارق كبير. والسبب وراء هذه النتيجة بسيط وواضح: مؤسسة رئاسة الدولة ليست موضع خلاف أو تجاذبات، لا سياسية ولا اجتماعية، وتحظى بمكانة رمزية، من دون صلاحيات تنفيذية (سوى في عدد قليل جدا، أبرزها بالطبع صلاحية تكليف مرشح بتشكيل حكومة وصلاحية العفو عن السجناء)، ما يضيق حتى الحد الأدنى رقعة النقد المحتمل ضد هذه المؤسسة.

71% من الجمهور اليهودي يثقون بمؤسسة رئيس الدولة في إسرائيل ـ 89% من معسكر اليسار و84% من معسكر الوسط و5ر57% من معسكر اليمين. وإذا ما حللنا هذه النتائج بارتباطها المباشر بشخص رئيس الدولة الحالي، رؤوفين ريفلين، فيمكن القول إن ريفلين الذي نشأ وترعرع في حركة "بيتار"، ثم في حركة "حيروت" وفي حزب الليكود وكان ممثلاً لأحزاب وجمهور اليمين في حكومات إسرائيلية عديدة، يحظى اليوم بنسبة الثقة الأقل بين الجمهور اليميني مقابل نسبة الثقة الأعلى بين جمهور اليسار.

أما الأسباب وراء ذلك فقد تكون كثيرة ومختلفة، أهمها: الخلافات العميقة والحادة بينه وبين رئيس الحكومة، نتنياهو، والتي انعكست مرات كثيرة في تصريحات حادة متبادلة، كان أبرزها اتهام نتنياهو لريفلين، قبل نحو سنة، بالتآمر مع غدعون ساعر من أجل استبداله في رئاسة الليكود ومعسكر اليمين والحكومة الإسرائيلية، وهو ما نفاه ريفلين قطعياً. وقد بلغ الخلاف بين الرجلين حد تأييد نتنياهو فكرة إلغاء مؤسسة الرئاسة في إسرائيل وعدم تأييد ريفلين لدى ترشحه لهذا المنصب، بل تأييد شخص آخر منافس له. وعلاوة على ذلك، فقد أخذ معسكر اليمين على ريفلين العديد من تصريحاته الداعية إلى تهدئة النقاش السياسي في الدولة والامتناع عن تأجيج الفتنة وتوسيع هوة الشقاق بين أطياف المجتمع الإسرائيلي، وهو ما كان يقصد به نتنياهو مباشرة.

أما بين الجمهور العربي، فتبين نتائج الاستطلاع أن 37% منه فقط يثقون بمؤسسة رئيس الدولة، وهي نسبة أقل من نسبة الثقة بين الجمهور العربي بالمحكمة العليا (56%)، بل أقل حتى من نسبة الثقة بينه بالجيش الإسرائيلي (41%) وبالشرطة (38%).

إجمالاً، لا بد من الانتباه إلى حقيقة أن منصب رئيس الدولة هو الوحيد من بين مؤسسات الدولة الذي حظي هذه السنة بنسبة من الثقة تفوق نسبتها في سنوات سابقة، أي أن الثقة به سجلت ارتفاعاً، خلافاً لمؤسسات الحكم الأخرى. فبين الجمهور اليهودي، ارتفعت نسبة الثقة برئيس الدولة من 68% في الاستطلاع السابق إلى 71% في الاستطلاع الأخير، فيما ارتفعت النسبة بين الجمهور العربي من 26% إلى 37%.

الوضع بشكل عام

يعتقد نصف الإسرائيليين (50%) بأن وضع دولة إسرائيل بشكل عام هو "جيد" أو "جيد جداً"، وهو ما يعني تراجعاً بنسبة 4% عما كانت عليه النسبة في العام الماضي. ويعتقد 31% أن وضع دولة إسرائيل "متوسط"، بينما يرى 5ر17% أن الوضع العام هو "سيء" أو "سيء جداً".

وحول رأي الجمهور الإسرائيلي بوضع الديمقراطية في إسرائيل، تبين نتائج استطلاع "مؤشر الديمقراطية للعام 2019" أن الجمهور منقسم تماماً في هذه المسألة ـ 34% منه يعتقدون بأن وضع الديمقراطية الإسرائيلية "جيد" أو "ممتاز" حتى، بينما يعتقد 35% أن وضع الديمقراطية في إسرائيل اليوم "ليس جيداً". وفي التوزيع حسب المعسكرات السياسية، يتبين أن اليمين الإسرائيلي ينظر بإيجابية أكثر إلى وضع الديمقراطية في إسرائيل، مقارنة باليسار. فبينما يعتقد 50% من المحسوبين على معسكر اليمين بأن "أداء الديمقراطية الإسرائيلية سليم"، تهبط النسبة إلى 27% بين المنتمين إلى معسكر الوسط ثم إلى 13% فقط بين المحسوبين على معسكر اليسار. وفي المقابل، بينما يرى 84% من الجمهور في معسكر اليسار و68% من الجمهور في معسكر الوسط أن "الديمقراطية الإسرائيلية في خطر حقيقي"، يرى ذلك 29% فقط من المنتمين إلى معسكر اليمين.

الأمن الشخصي والرفاه

يعتقد نحو الثلثين (64%) من الجمهور الإسرائيلي بأن الدولة عاجزة عن الاهتمام برفاهية مواطنيها. ولكن، حين يتعلق الأمر بالأمن، تختلف الصورة وتصبح أكثر إيجابية ـ نسبة مماثلة (63%) تعتقد بأن الدولة تنجح بالفعل في المحافظة على أمن مواطنيها.

توترات داخلية في المجتمع الإسرائيلي

التوتر بين اليمين واليسار السياسيين ـ الحزبيين تعمق بصورة حادة خلال السنوات الأخيرة وهو يشكل، اليوم، التوتر الاجتماعي الأخطر في نظر 5ر37% من مجمل الجمهور الإسرائيلي (بواقع ارتفاع بنسبة 5ر5% عما كان في نتائج "مؤشر العام 2018"). وهذه النسبة (نسبة الذين يرون أن التوتر بين اليمين واليسار هو الأقوى والأخطر) هي أعلى من نسبة الذين يعتقدون بأن التوتر بين اليهود والعرب هو الأقوى والأخطر.

كانت نتائج الاستطلاع بشأن التوترات الأكثر حدة وخطورة في المجتمع الإسرائيلي مختلفة بين المواطنين العرب. فالمواطنون العرب، كأقلية قومية، يشعرون بالتوتر اليهودي ـ العربي بقوة أكبر بكثير، ولهذا يرى 44% منهم (مقابل 24% من اليهود) أن هذا التوتر هو الأساس في حياتهم وهو الأخطر، بينما يرى 21% من العرب (مقابل 41% من اليهود) أن التوتر السياسي ـ الحزبي هو الأقوى في إسرائيل. ويرى 8% من العرب أن الفوارق الطبقية، بين الأغنياء والفقراء، هي التوتر الأساس في الدولة.

بالمقارنة مع نتائج الاستطلاع في أعوام سابقة، يبدو التغيير في "مؤشرات التوتر" في المجتمع الإسرائيلي كبيراً وعميقاً جداً. فعلى سبيل المثال، في استطلاع العام 2012، قال 9% من المشاركين في الاستطلاع إن التوتر السياسي ـ الحزبي هو الأقوى والأهمّ، بينما قال 52% (آنذاك) إن النزاع بين اليهود والعرب هو مصدر التوتر الأهم والأقوى، مقابل 27% فقط في الاستطلاع الأخير.

عاد التوتر الديني ـ العلماني إلى البروز بعد تراجع حاد ومتواصل خلال العامين 2015 ـ 2016، إذ هبط آنذاك إلى 10% فقط، بينما عاد ليرتفع الآن إلى أكثر من 22%. ففي الاستطلاع الحالي، قال 55% من اليهود، من بينهم 80% من معسكر اليسار و31% من الحريديم، إنهم يعتقدون بأن المجتمع الإسرائيلي يصبح أكثر تديناً باستمرار. ومن بين الحريديم، قال 36% إن الدولة تصبح أكثر علمانية.

إسرائيل والعالم

هبطت إسرائيل هذا العام، مقارنة بالعام الماضي، في 8 من بين المؤشرات الـ 15 الدولية التي تم فحصها وقياسها، بينما حافظت على موقعها في 7 مؤشرات، وحققت تقدماً في مؤشر واحد فقط، هو مؤشر "الحقوق المدنية" الذي تتولى قياسه منظمة "بيت الحرية" (Freedom House)، وهي منظمة دولية غير حكومية مقرها الولايات المتحدة تدعم وتجري البحوث حول الديمقراطية والحرية السياسية وحقوق الإنسان في العالم.

في مؤشر السيطرة على الفساد (Control of Corruption)، الذي يجريه البنك الدولي، تراجعت إسرائيل بصورة حادة عما كانت عليه في العام الماضي، ليكون تدريجها في هذا العام هو الأدنى منذ العام 2013.

وفي كل ما يتصل بالمشاركة السياسية، طبقاً لمؤشر مجلة "إيكونوميست"، لا تزال إسرائيل تتقدم على الكثير من الدول الديمقراطية القوية وتحتل المرتبة الثانية على المستوى الدولي.

أما في مؤشر أداء الحكومة الذي تنظمه مجلة "إيكونوميست"، والذي يفحص مستوى الأداء الديمقراطي ومستوى نجاعة المؤسسات الحكومية، فلا تزال إسرائيل تحتفظ بمرتبتها (32) من أصل 167 دولة يشملها المؤشر وتحتل المرتبة 23 بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).

 

المصطلحات المستخدمة:

جيشا, جيش الشعب, بيتار, الليكود, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات