المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

صادق الكنيست الإسرائيلي أخيراً بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون ينص على نقل صلاحية إعلان حرب أو حملة عسكرية من الحكومة إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية - الأمنية.

 

وأيّد مشروع القانون 62 عضو كنيست وعارضه 41 عضواً.
ويسمح القانون لرئيس الحكومة بأن يحصل على موافقة المجلس المصغر فقط، ويوضح أنه لا حاجة إلى أن يشارك كل أعضاء هذا المجلس في النقاش أيضاً. كما يسمح بوجود ظروف استثنائية جداً تمنح رئيس الحكومة بالتشاور مع وزير الدفاع صلاحية إعلان الحرب.

وجاء في إطار هذا البند الأخير أنه في الظروف الاستثنائية، مثلاً في حالات الطوارئ التي لا يمكن فيها عقد اجتماع بمشاركة كل أعضاء المجلس الوزاري المصغّر، يُسمح لرئيس الحكومة ووزير الدفاع باتخاذ قرارات لشنّ حرب.

ورأت تحليلات إعلامية أن هذا القانون يعدّ خطوة أُخرى من سلسلة خطوات يسرّع الكنيست اتخاذها وتحول النظام في إسرائيل إلى نظام استبدادي.

وجاء في تحليل ظهر في صحيفة "هآرتس" أن الكنيست وافق على إعطاء رئيس الحكومة ووزير الدفاع صلاحية اتخاذ القرار بشنّ حرب. وبصورة رسمية، القانون ينقل صلاحيات إعلان الحرب من الحكومة إلى المجلس الوزاري السياسي- الأمني المصغر، ويسمح لرئيس الحكومة بالاكتفاء باستشارة وزير الدفاع في "ظروف قصوى"، لكن مسألة إجراء هذه الاستشارات تقع على عاتق هذين الشخصين، وهي غير قابلة للنقد أو التغيير. وبذلك يختلف القانون في إسرائيل بصورة جذرية عما كان عليه الوضع سابقاً.

وتابع التحليل: إن تعديل قانون أساس في الحكومة، يسمح بنقل هذه الصلاحية من الحكومة إلى الطاقم الوزاري السياسي- الأمني المصغر هو موضع خلاف، وليس واضحاً على الإطلاق أن الفائدة المفترض أنها ستنتج منه تفوق الضرر اللاحق بالشرعية العامة. لكن الظروف التي جرى بسببها سن هذا البند الذي يسمح لرئيس الحكومة بالاكتفاء بالتشاور مع وزير الدفاع، لا أساس لها من الصحة. في دولة عظمى على الصعيد التكنولوجي ليس من الصعب عقد جلسة يشارك فيها عدد كبير من الأشخاص من دون أن يكونوا موجودين جسدياً في مكان واحد. لكن في مثل حالات مشابهة تؤدي إلى منزلق حاد، فإن ما بدأ كتعديل موضع خلاف، تطور إلى تغيير جذري، لا مبرر له، معاد للديمقراطية وخطر.

ومضى قائلاً: إن قرار خوض الحرب هو القرار الأكثر مصيرية في حياة الأمة. إنه يرسل جنوداً إلى الحرب ويعرّض حياتهم للخطر، كما يعرّض المواطنين للخطر ويسمح للجيش بسفك الدماء. لذا يجب أن يحظى بأعلى درجة من الشرعية العامة. لا يمكن الحصول على شرعية كهذه عندما نضع القرار بين يدي شخصين فقط، مهما علت رتبتهما، لأن القوى السياسية التي يمثلانها لا تعكس رأي أغلبية الجمهور، وعندما لا يأخذان في الحسبان مختلف الاعتبارات ووجهات نظر أعضاء المجلس الوزاري السياسي - الأمني.

إن تعديل قانون الأساس الذي اتُخذ يتعارض مع النظام القانوني في إسرائيل، الذي تقف فيه على رأس السلطة التنفيذية الحكومة كهيئة تنفيذية مسؤولة أمام الكنيست والجمهور، ويخضع الجيش لإمرتها. إن هذه هي خطوة أُخرى من سلسلة خطوات تحول النظام في إسرائيل إلى نظام استبدادي. ومن المدهش أن وزراء الحكومة اختاروا تجاهل كلام عضوي الكنيست عوفر شيلح (من حزب "يوجد مستقبل") وعومر بار ليف (من "المعسكر الصهيوني") اللذين حذّرا من أن صيغة القانون ستسمح لرئيس الحكومة بإقصاء وزراء يعارضون العملية وبإجراء التصويت في غيابهم، واختاروا دعم رئيس الحكومة في خطوة تأخذ منهم صلاحيات ومسؤوليات في موضوع هو بمثابة حياة أو موت.

وخلص تحليل الصحيفة إلى أن السرعة التي جرى فيها تمرير هذا التعديل السيء والخطر يجب أن تثير القلق لدى جميع المواطنين، لأنه يطرح مسألة هل من الممكن بعد الآن الاعتماد على كنيست إسرائيل. وأكد أنه يجب إلغاء هذا التعديل فوراً.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات