المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
رحلات ملغاة بالجملة على اللوحات الإعلانية في مطار بن غوريون بالتزامن مع الهجوم الصاروخي الإيراني مطلع الشهر الحالي. (أ.ف.ب)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 705
  • برهوم جرايسي

أظهرت تقارير اقتصادية إسرائيلية، في الأيام الأخيرة، حجم أزمة النقل الجوي، على مستوى الأفراد، خاصة، وأيضًا الصعوبات في شحن البضائع جوًا، ما أدى إلى ارتفاع كلفة النقل بنسبة عالية، لأسباب عدة، ومن أبرزها أن شركات إسرائيلية تستغل الظروف لترفع الأسعار. وبشكل دائم، في الأسبوعين الأخيرين، هناك عشرات الآلاف من حملة الجنسية الإسرائيلية، الذين يعلقون في الخارج لأيام عدة، ومنهم من يضطر إلى تغيير المسار، عبر دولة ثالثة وحتى رابعة. وارتباطا بالأوضاع الاقتصادية، فإن بنك إسرائيل المركزي قرر الإبقاء على الفائدة البنكية، العالية نسبة للاقتصاد الإسرائيلي، وباتت تقديراته للنمو الاقتصادي الإسرائيلي في العام الجاري صفرية، بفعل استمرار الحرب واستفحالها.

ففي أعقاب توسيع رقعة الحرب على لبنان، وجرائم الاغتيال، والهجمة الصاروخية الإيرانية، وتهديدات إسرائيل بشن هجوم جوي واسع على إيران، تزايدت الشركات التي أعلنت وقف رحلاتها إلى إسرائيل، وقد حذر اتحاد الطيران الأوروبي من السفر الجوي نحو إسرائيل، ما شجع عددا من الشركات العالمية على إلغاء رحلاتها فتراتٍ مختلفة، من أسبوعين، وحتى نهاية العام الجاري، ولا يبدو أن هذا سيتغير كثيرا، بعد أن ألغى اتحاد الطيران الأوروبي تحذيره السابق ذكره، رغم أن التهديدات الإسرائيلية نحو إيران ما زالت قائمة، كما أن منطقة تل أبيب الكبرى، حيث يقع المطار الدولي، تتعرض من حين إلى آخر، لبعض الطلقات الصاروخية، وفي نهاية الأسبوع الماضي، دوت صافرات الإنذار في المطار نفسه، تحذيرا من احتمال سقوط صواريخ في محيطه.

وفي مثل هذه الفترة من كل عام، فترة الأعياد اليهودية التي تمتد ثلاثة أسابيع، تسجل فيها الملاحة الجوية ذروة سنوية، بفعل سفر الإسرائيليين لقضاء عطل الأعياد في الخارج، وأيضا تدفق مئات آلاف أبناء الديانة اليهودية من مختلف دول العالم على إسرائيل، أيضا لقضاء فترات الأعياد، ومعظمهم في إطار زيارات دينية، وليس فقط عائلية.

لكن ليست هذه هي الحال في مطار اللد الدولي (مطار بن غوريون)، بحسب التقارير الرسمية، التي قالت في الأسبوع الماضي إن الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل، انخفضت في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام الجاري، بنسبة 39%، من 128 ألف رحلة في ذات الفترة من العام 2023 الماضي، إلى 78 ألف رحلة في هذا العام. كما انخفض عدد المسافرين في هذه الرحلات بنسبة 43%.

وتقول التقارير إنه بالمعدل في الأسبوعين الماضيين، كان 55 ألف مسافر يوميا عالقين في الخارج ولا يستطيعون استخدام تذاكر سفرهم للعودة إلى البلاد، ومنهم من يضطر للتأجيل، أو للبحث عن دولة ثالثة، وأحيانا رابعة. في حين أنه بسبب الأوضاع السياسية في المنطقة، فإن المسافرين العرب، من حملة جواز السفر الإسرائيلي، وجدت نسبة عالية جدا منهم الحل بالسفر إلى الأردن ومنه باستخدام المعبر البري.

وعلى ضوء هذا، فإن الشركات الإسرائيلية وأولها شركة إلعال، وأيضا شركة أركيّع، الثانية من حيث الحجم، تستغل الظروف لترفع أسعار تذاكرها، خاصة لمن يشتري في اتجاه واحد، لكن هذه الشركات قررت عدم رفع الأسعار لجنود الاحتياط العالقين في الخارج، وقد تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية بشكل طارئ.

وقالت التقارير الصحافية إن عشرات الآلاف إن لم يكن مئات آلاف الإسرائيليين، ممن اشتروا رزما سياحية قبل أشهر، اضطروا إلى إلغائها، إما بسبب إلغاء الرحلات التي اشتروا تذاكرها، أو بسبب تخوفهم من أن يعلقوا في الخارج.

وكانت وزارة السياحة الإسرائيلية قالت في تقرير لها، في مطلع الشهر الجاري، تشرين الأول، إنه حسب آخر تقديرات فإن عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل، حتى نهاية العام الجاري، سيصل إلى مليون سائح، وغالبيتهم من اليهود، الذين هم عادة في زيارات عائلية أو دينية، وأن هذا أدى إلى نقص مداخيل للاقتصاد الإسرائيلي، تلامس 19 مليار شيكل، أي ما يعادل 5.2 مليار دولار تقريبا.

وحسب التقرير، فإن وتيرة من يدخلون البلاد منذ بدء الحرب، أي في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما بين 80 ألفا إلى 100 ألف شخص. وبناء على هذه الوتيرة، التي قد تكون تراجعت في الأسبوعين الأخيرين، فإن عدد السياح المتوقع لهذا العام سيكون مليون شخص. وهذا أدنى عدد للسياح الوافدين منذ عشرات السنين، إذ أن هذا الهبوط لم يشهده عاما أزمة الكورونا، 2020 و2021، وتراوح أعداد السياح الوافدين خلالهما بما بين 1.8 إلى 2 مليون سائح، بمن فيهم ولربما معظمهم من السياحة اليهودية العائلية والدينية. وارتفعت السياحة في العام 2022، التي في نصفها الأول كانت بقايا تأثير لجائحة الكورونا، إلى 2.7 مليون سائح. 

وكانت آخر مرّة سجلت فيها إسرائيل ذروة في السياحة الوافدة في العام 2019، حينما بلغ عدد السياح الإجمالي 4.5 مليون سائح. ثم تلقت السياحة ضربة حادة، أسوة بباقي دول العالم، في العامين التاليين، بفعل جائحة الكورونا، لكن بحسب التقارير الإسرائيلية فإنه حتى في عامي ذروة الكورونا لم تنهر السياحة إلى هذا الحد.

رفع كلفة الشحن الجوي بنسبة 30%

كذلك قالت تقديرات جديدة صدرت في نهاية الأسبوع الماضي إن كلفة شحن البضائع جوا إلى إسرائيل ومنها قد ترتفع بنسبة 30%، وهذا بعد أن سجلت كلفة الشحن البحري من الشرق الأقصى إلى إسرائيل ارتفاعا حادا، في بعض الأحيان إلى ثلاثة وأربعة أضعاف، بفعل إغلاق البحر الأحمر في وجه السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.

فقد أعلنت شركة "تشالينغ إيرلاينز يسرائيل" الإسرائيلية، عن رفع سعر نقل البضائع جوا بنسبة 30%، من إسرائيل وإليها، متذرعة بالظروف العسكرية القائمة، وكما يبدو فإن ما يساهم في هذا القرار، هو ما كان قد نشر سابقا، وهو أن شركات التأمين رفعت أسعارها بالنسبة للطائرات المتجهة إلى إسرائيل ومنها.

وتسيطر شركة تشالينغ على 32% من قطاع الشحن الجوي في إسرائيل، وقالت في رسالة إلى زبائنها، إنه بدءا من 14 تشرين الأول الجاري، سيصبح سعر نقل الكيلوغرام 0.7 يورو، ما يعني زيادة بنسبة 30% عما كان حتى هذا القرار، الذي سيسري على كافة اتفاقيات النقل المبرمة.

وقالت تقارير إسرائيلية، إنه من المتوقع أن تلحق شركات أخرى بشركة تشالينغ، وخاصة شركة إلعال، أكبر شركات النقل الجوي الإسرائيلية، إذ إن إلعال تسيطر على 29% من قطاع الشحن الجوي، وإن رفع الأسعار هذا من شأنه أن يتدحرج على الجمهور، وبالتالي سيتم رفع أسعار بضائع يتم نقلها إلى البلاد، وكذلك أيضا سترتفع الأسعار على الأفراد الذين يشترون من خارج البلاد بضائع خاصة.

وحسب التقارير فإن حوالى 33% من الصادرات الإسرائيلية يتم نقلها جوا، لكن بسبب ظروف الحرب، وتعرقل الشحن البحري أيضا، فقد ارتفعت نسبة النقل الجوي، خاصة نحو الشرق الأقصى، وأعلنت شركة تشالينغ أن مداخيلها في الربع الثاني من العام الجاري سجلت ارتفاعا بنسبة 107% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وهذا بفعل الحرب والظروف الناشئة منها.

تثبيت الفائدة وخفض توقعات النمو

وارتباطا بالشأن الاقتصادي، قرر بنك إسرائيل المركزي، الأسبوع الماضي، الإبقاء على الفائدة البنكية الأساسية العالية، بنسبة إجمالية 6%، حتى نهايات الشهر المقبل- تشرين الثاني، ولا يستبعد المحللون والخبراء أن يرفع البنك المركزي الفائدة مجددا لاحقا.

وحسب قرار البنك فإن الفائدة الأساسية تبقى 4.5%، وتضاف لها فائدة ثابتة بنسبة 1.5%، متذرعا بنسب الغلاء العالية. 

ومن المتوقع أن يكون القرار التالي لبنك اسرائيل يوم 25 تشرين الثاني المقبل، وقالت سلسلة من التحليلات إنه ليس من المستبعد أن يقرر البنك زيادة الفائدة، في حال استمرت وتيرة التضخم المالي العالية.

كذلك عدّل البنك تقديراته للنمو الاقتصادي الإسرائيلي للعام الجاري، بتخفيضها إلى نسبة 0.5% وهي نسبة صفرية تشير إلى انكماش اقتصادي ضمني، طالما أنها دون معدل نسبة التكاثر الطبيعي، وهي في حدود 2%، كما خفض البنك تقديراته للنمو في العام المقبل 2025 إلى نسبة 3.8%.

وعلى الرغم من أن التضخم المالي (الغلاء) سجل حتى شهر آب الماضي نسبة 3.6%، فإن البنك يتوقع خفض وتيرة الغلاء، لينتهي العام الحالي بنسبة إجمالية 3%.

كذلك أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية، في نهاية الأسبوع الماضي، أن العجز في الموازنة العامة، بلغ حتى نهاية أيلول الماضي، نسبة 8.5% من حجم الناتج العام، وهو ما يعادل 170 مليار شيكل (45.5 مليار دولار تقريبا)، وهذا أكثر من سقف العجز المخطط لميزانية هذا العام، 38 مليار شيكل (10.5 مليار دولار تقريبا).

إلا أن هذا حساب الأشهر الـ 12 الأخيرة، وبضمنها الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي 2023، التي قفز خلالها العجز بفعل شن الحرب المستمرة. وفي المقابل، فإن العجز في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بلغ ما يلامس 93 مليار شيكل، أي حوالى 4.6% من حجم الناتج العام، وعلى ما يبدو فإنه على هذا الأساس تتوقع وزارة المالية أن يكون العجز في نهاية العام 2024 عند النسبة المقررة، رغم توسيع رقعة الحرب على لبنان.

المصطلحات المستخدمة:

اللد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات