المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
الانتخابات الإسرائيلية: لا مؤشرات على إمكانية تجاوز الاستعصاء السياسي.  (أ.ف.ب)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 814
  • برهوم جرايسي

يتجه قرابة 6.79 مليون من ذوي حق الاقتراع إلى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، يوم الأول من تشرين الثاني المقبل، وهي الانتخابات الخامسة التي تجري خلال 3 سنوات ونصف السنة، ولا يبدو أن هذه الانتخابات أيضا ستنتهي بتشكيل حكومة ذات أغلبية كبيرة، إذا ما تشكلت أصلا. وتتنافس في هذه الانتخابات 40 قائمة انتخابات قطرية، على 120 مقعدا برلمانيا.

ذوو حق الاقتراع ونسبة التصويت

بحسب سجل الناخبين الرسمي، فإن عدد ذوي حق الاقتراع الكلي هو 6 ملايين و788 ألفا و804 ناخبين. وهذا يزيد بنسبة 3.2% عن الانتخابات التي جرت في آذار 2021، بفارق سنة و7 أشهر، أي أن نسبة الزيادة السنوية 2%، إلا أن ما ساهم أيضا في هذه النسبة هو تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين إلى إسرائيل، في إثر جائحة كورونا، للاستفادة الفورية من الخدمات الصحية، وأيضا بفعل الحرب في أوكرانيا، ومن دون هؤلاء تكون نسبة التكاثر الطبيعي في إسرائيل، ما بين 1.7%، أو 1.8%.

ومن بين العدد الكلي لذوي حق الاقتراع، هناك نحو 590 ألفا إلى 600 ألف شخص، هم من المقيمين بشكل دائم في الخارج، أو هم مهاجرون ما زالوا يحتفظون بالجنسية الإسرائيلية، ولا يحق لهم التصويت في الخارج، بموجب القانون الإسرائيلي، الذي يتيح التصويت في الخارج فقط للبعثات الدبلوماسية والعسكرية، وموظفي وعاملي بعثات مؤسسات الحركة الصهيونية، إذ هم من حملة الجنسية الإسرائيلية، وكل هؤلاء بضعة آلاف، وهم يبدؤون في التصويت قبل عدة أيام من يوم الانتخابات الرسمي في إسرائيل. ما يعني أن نحو 9% من ذوي حق الاقتراع هم في سجل الناخبين، ولكن لا يستطيعون ممارسة حقهم، إلا من تواجد في إسرائيل في يوم الانتخابات.

ويُصدر مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي قبل أيام قليلة من يوم الانتخابات، تقديراته لعدد ذوي حق الاقتراع الذين سيكونون في البلاد في يوم الانتخابات. ففي الانتخابات التي جرت في آذار العام 2021، كان عدد المقيمين في الخارج 578 ألف شخص، وحسب تقديرات ليست رسمية، من بينهم نحو 50 ألف شخص من العرب، بمن في ذلك طلاب جامعات في الخارج.

كما تبين من تقرير الانتخابات السابقة، أن من بين المتواجدين في البلاد، 17% من العرب، و11% من المتدينين المتزمتين (الحريديم) الذين لديهم نمطية تصويت شبه مغلقة على القائمتين اللتين تمثلاهم. لكن هاتين النسبتين تتراجعان بقليل في سجل الناخبين العام، بفعل الفارق في أعداد المقيمين في الخارج.

وحسب التقديرات، فإن عدد الناخبين العرب من سجل الناخبين العام يقارب 1.1 مليون شخص، والاختلاف حول هذا التقدير يتراوح بين 20 ألفا و10 آلاف شخص لا أكثر. ما يعني أن نسبة العرب من بين ذوي حق الاقتراع تلامس نسبة 16%، بينما نسبة فلسطينيي الداخل هي 18.1%، من دون القدس والجولان المحتلين.

وحسب التقديرات، فإن نسبة التصويت قد تسجل زيادة طفيفة عن النسبة التي سجلتها في الانتخابات السابقة، وكانت 67.4%، وهذا بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي في نهاية الأسبوع الماضي ارتفاعا طفيفا، حتى الآن، في نسبة التصويت المتوقعة في المجتمع العربي، التي انهارت في الانتخابات السابقة إلى مستوى غير مسبوق في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، أقل بقليل عن 44%، بينما بدأت تتحدث استطلاعات الرأي الأخيرة عن نسبة 47%، وهذه قفزة كبيرة عن استطلاعات ما قبل أسبوع من تلك الاستطلاعات، التي تحدثت عن نسبة 39% إلى 40%. لكن التجربة علمت أنه من الصعب تحديد نسبة التصويت بين العرب إلا في يوم الانتخابات.

أما بين اليهود، فهناك شبه ثبات في نسبة التصويت ما بين 71% إلى 72%، ممن هم مسجلون في سجل الناخبين، لكن هذه النسبة تعني أن نسبة التصويت تلامس 80% من اليهود المتواجدين في البلاد في يوم الانتخابات، وهذه نسبة مشاركة لا مثيل لها في العالم الغربي، وفي غالبية الدول، ومن يرفع نسب التصويت هم الجمهور اليهودي المتدين بكافة تياراته.

40 قائمة تنافس في الانتخابات

تم تسجل 40 قائمة انتخابية ستشارك في الانتخابات القريبة، وهذا عدد شبه ثابت في الجولات الانتخابية الخمس الأخيرة، بما فيها القريبة، لكن غالبيتها العظمى لا فرص لها لتتمثل في الكنيست، كما أن غالبيتها تحصل على أعداد هامشية جدا من الأصوات، عدة مئات أو آلاف من الأصوات، وغالبا ما يكون أصحاب هذه القوائم يريدون استغلال مدة زمنية متاحة للقوائم المرشحة، في قنوات البث الإذاعي والتلفزيوني الرسمي، لإيصال رسالتهم السياسية أو المجتمعية والاقتصادية. ولكن في هذه الانتخابات، مثل انتخابات نيسان 2019، هناك قائمتان ولربما أربع قوائم، تحوم حول نسبة الحسم.

ونستعرض في ما يلي القوائم المشاركة، صاحبة فرص التمثيل في الكنيست، بحسب ما تتوقعه لها الاستطلاعات:

(*) حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، وتتوقع استطلاعات الرأي حصوله على ما بين 31 إلى 32 مقعدا، وهذا أقل مما كانت تتوقعه له استطلاعات الرأي قبل حتى ثلاثة أسابيع، بحصوله على 35 مقعدا. وكان الليكود قد حصل في الانتخابات الأخيرة على 30 مقعدا.

(*) حزب "يوجد مستقبل" ("يش عتيد")، برئاسة رئيس الحكومة الانتقالية يائير لبيد، وتتوقع استطلاعات الرأي حصوله على 24 إلى 25 مقعدا، وهذه أعلى نتيجة يحصل عليها حزب منافس لليكود منذ سنوات طويلة، إذ أن حزب العمل حصل في العام 2015 على 24 مقعدا، بفعل تحالفه مع الحزب الذي كانت تترأسه تسيبي ليفني. وكان "يوجد مستقبل" قد حصل في الانتخابات السابقة على 17 مقعدا.

(*) حزب "الصهيونية الدينية"، وهو القائمة الأشد تطرفا من بين أحزاب اليمين الاستيطاني المتطرفة، وتضم أتباع حركة كاخ المحظورة شكليا في القانون الإسرائيلي، ويشكلون حركة "قوة يهودية" ("عوتسما يهوديت")، بزعامة النائب إيتمار بن غفير، وهذه القائمة هي العنوان السياسي الأقرب لعصابات المستوطنين، التي ترتكب الجرائم في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، ويجاهر قادتها وخاصة بن غفير، ولو بصياغات "حذرة"، ببرامج لطرد الفلسطينيين من وطنهم تحت ذرائع اعتراضات على سياسات الاحتلال، بمن فيهم أعضاء كنيست. وتتوقع استطلاعات الرأي حصول هذه القائمة على 13 مقعدا، ويبدو أن القائمة تضخمت على حساب قائمة "يمينا"، التي حصلت في الانتخابات البرلمانية السابقة على 7 مقاعد، فيما حصلت "الصهيونية الدينية" على 6 مقاعد.

(*) قائمة تحالف "المعسكر الرسمي"، بقيادة وزير الدفاع بيني غانتس، وهو تحالف يضم حزب "أزرق أبيض"، الذي يترأسه غانتس، وحزب "أمل جديد" برئاسة وزير العدل جدعون ساعر، وتضم القائمة رئيس أركان الجيش السابق غادي أيزنكوت، وتحصل هذه القائمة في استطلاعات الرأي الأخيرة، على ما بين 11 إلى 12 مقعدا، في حين أن القائمتين المتحالفتين حصلتا معا في الانتخابات السابقة، على 14 مقعدا.

(*) حزب شاس، ويضم قائمة المتدينين المتزمتين (الحريديم) لليهود الشرقيين، وتمنحها استطلاعات الرأي 8 مقاعد بدلا من 9 مقاعد في الانتخابات السابقة، ولكن عادة هناك قوة انتخابية لا ترصدها استطلاعات الرأي لهذه القائمة، وقد يبقى هذا الحزب على قوته الحالية.

(*) تحالف يهدوت هتوراة، وهو تحالف حزبين وتيارات داخل جمهور المتدينين المتزمتين (الحريديم) لليهود الغربيين، الأشكناز، وتبقيه استطلاعات الرأي عند قوته الحالية- 7 مقاعد، رغم أنه حقق في الجولات الأخيرة فائضا جعله يلامس 8 مقاعد. والارتكاز الأكبر لهذه القائمة، مثل شاس، على جمهور الحريديم، الذي يتكاثر بنسبة تفوق 3.8% سنويا.

(*) حزب "إسرائيل بيتنا" ("يسرائيل بيتينو") بزعامة أفيغدور ليبرمان، وتمنحه استطلاعات الرأي ما بين 5 إلى 6 مقاعد، بدلا من 7 مقاعد في الانتخابات السابقة.

(*) حزب العمل، برئاسة ميراف ميخائيلي، وتمنحه استطلاعات الرأي، ما بين 5 إلى 6 مقاعد، مقابل 7 مقاعد حققها في الانتخابات السابقة.

(*) حزب ميرتس برئاسة زهافا غالئون، وتمنحه استطلاعات الرأي ما بين 4 إلى 5 مقاعد، مقابل 6 مقاعد في الانتخابات السابقة.

(*) قائمة "البيت اليهودي"، برئاسة أييلت شاكيد، وهذه القائمة تحصل في استطلاعات الرأي على أقل من 2%، وليس واضحاً ما إذا ستستمر في المنافسة حتى يوم الانتخابات. وكانت شاكيد الشخصية الثانية في قائمة "يمينا" بزعامة نفتالي بينيت، رئيس الحكومة السابق، الذي قرر اعتزال الحياة السياسية حالياً. وحاولت شاكيد بناء تحالف يميني استيطاني أثبت فشله قبل تقديم القوائم، فلجأت مجدداً إلى حزب المفدال التاريخي، الذي بات اسمه "البيت اليهودي"، وهو الحزب المؤسس لغالبية أحزاب التيار الديني الصهيوني، ولكنه خسر تمثيله الانتخابي في الجولتين السابقتين، وقرر في الانتخابات الأخيرة ألا يرشح أحدا من طرفه، وهو يعود للمنافسة حاليا، ويبدو أنه من الصعب أن يجتاز نسبة الحسم، إلا إذا حصلت مفاجأة.

القوائم العربية

تخوض الانتخابات ثلاث قوائم عربية، كانت كلها شريكة في القائمة المشتركة، التي تشكلت في العام 2015، وحققت يومها 13 مقعدا، وتفككت إلى قائمتين في انتخابات نيسان 2019، وحصلت القائمتان على مجموع 10 مقاعد، ثم التأمت من جديد في جولتي الانتخابات اللاحقتين، أيلول 2019 (13 مقعدا) وآذار 2020 (15 مقعدا)، وانشقت مجددا في العام 2021، وفي هذه الانتخابات.

والقوائم الثلاث هي:

(*) تحالف الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير، ويترأس القائمة النائب أيمن عودة، وتحصل القائمة في استطلاعات الرأي على 4 مقاعد، وهي تمثيل الحد الأدنى الذي تتيحه نسبة الحسم- 3.25%، ما يعني أن القائمة تحوم حول هذه النسبة.

(*) القائمة العربية الموحدة، برئاسة النائب منصور عباس، الشريكة في الائتلاف الحاكم الحالي، وتحصل في استطلاعات الرأي على 4 مقاعد، وهي كما ذكر، تمثيل الحد الأدنى، وتحوم القائمة عند نسبة الحسم.

(*) قائمة التجمع الوطني الديمقراطي، برئاسة النائب سامي أبو شحادة، وتمنحها استطلاعات الرأي ما بين 1.8% إلى 2.2%، بينما نسبة الحسم هي 3.25%.

سيناريوهات الحكومة المقبلة بحسب الاستطلاعات

تُجمع كل استطلاعات الرأي على أنه لن يحصل أحد من المعسكرين المتنافسين على أغلبية 61 نائبا؛ إذ يحصل معسكر الليكود، الذي يضم قائمة "الصهيونية الدينية" وقائمتي المتدينين المتزمتين الحريديم، على ما بين 59 إلى 60 مقعدا، وفي أحيان قليلة جدا تمنح الاستطلاعات هذا المعسكر 61 نائبا. والمعسكر الثاني يضم قوائم الكتل التي تشكل الائتلاف الحالي، بمعنى أحزاب "يوجد مستقبل" و"المعسكر الرسمي"، و"إسرائيل بيتنا" والعمل وميرتس والقائمة العربية الموحدة يحصل على ما بين 56 إلى 57 مقعدا.

وفي الطرف الثالث، بحسب الاستطلاعات، تحالف الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير، بمقاعدها الأربعة المتوقعة، كمن تحسم الكفة، ولكن بحسب الموقف السياسي الرسمي المعلن لهذا التحالف، فإنه لن يكون ضمن أي تشكيلة.

من السابق لأوانه القول إن هذه الانتخابات ستفرز أزمة عدم تشكيل حكومة، والميل أكثر لاحتمال أن يشكل بنيامين نتنياهو حكومة ضيقة، ترتكز على 61 أو حتى 62 مقعدا، واحتمال الفشل يبقى قائما، لتتجه إسرائيل لانتخابات سادسة.

لكن حتى لو نجح نتنياهو في تشكيل حكومة ضيقة كهذه، فإنها ستكون ككل سابقاتها حبلى بالأزمات، خاصة وأنها ستكون أول حكومة بعد حكومة إسحق رابين 1992، ترتكز على عدد قليل جدا من الكتل، بمعنى في هذه الحالة 4 كتل برلمانية، نصفها لليكود، ونصفها الثاني لثلاث كتل دينية متشددة، يضاف لتطرفها السياسي، وسيكون سقف مطالبها السياسية ولكن أيضا الاجتماعية عاليا جدا ما سيخلق أزمات مجتمعية داخل الجمهور اليهودي، في إطار قوانين الإكراه الديني. وثمة جانب آخر لحكومة كهذه، هو أن الكتل الدينية الثلاث سيكون من الصعب عليها التوافق الكلي مع السياسة الاقتصادية الصقرية المتشددة لبنيامين نتنياهو، التي أحد مرتكزاتها هو تقليص ميزانيات الدعم الحكومية والمخصصات الاجتماعية. 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات