قالت سلطة الضرائب الإسرائيلية إن جباية الضرائب في شهر نيسان الماضي بلغت 21 مليار شيكل، بدلا من 25 مليار شيكل، حسب تخطيط مداخيل الضرائب للعام الجاري 2020. إلا أن هذا التراجع بقيمة 4 مليارات شيكل، فاجأ إيجابيا المؤسسات المالية الرسمية، لأنه جاء أقل من التوقعات، التي تحدثت عن تراجع حاد في مداخيل الضرائب بسبب الأزمة الاقتصادية الناشئة من انتشار فيروس كورونا.
لا يزال انتشار فيروس كورونا والانكماش الاقتصادي يقودان إسرائيل إلى المجهول، لكن بعض كبار خبراء الاقتصاد في البلاد يحذرون بالفعل: نحن في طريقنا إلى عشر سنوات أخرى ضائعة، مثل العقد الذي ضرب إسرائيل بعد حرب "يوم الغفران" (حرب 1973) وجر البلد إلى ركود شديد ومستمر.
يشير جميع هؤلاء الاقتصاديين إلى مجموعة من الاختلافات بين فترة ما قبل حرب "يوم الغفران"، لكن الجميع يتفقون على أن الاقتصاد يواجه خطرا مشابها. غير أن هؤلاء الاقتصاديين يرسمون أيضا طريقة لتجنب مثل هذا الركود: الحواجز الهيكلية العميقة في الجهاز الاقتصادي، ومنع أخطاء في السياسة الاقتصادية، وإنهاء الشعبوية كما رأينا في العام الماضي.
تشير التقديرات الإسرائيلية الجديدة إلى أن قطاع الصناعة سيكون واحدا من أكثر القطاعات التي ستواجه تبعات الأزمة الصحية الاقتصادية، بعد عودة وتيرة الاقتصاد إلى ذات مستواها قبل اندلاع الأزمة الصحية. والحديث الآن أن حوالي 80 ألفا، من أصل أكثر من 377 ألف عامل في قطاع الصناعة، سيواجهون إما الفصل، أو في أحسن أحوالهم سيتلقون رواتب جزئية، شرط أن تكمل لهم الحكومة ما نقص من رواتبهم.
بدأت تظهر مؤشرات عديدة للأزمة الاقتصادية التي تغرق فيها إسرائيل، جراء انتشار فيروس الكورونا، إلى درجة أن ما حققته في السنوات الـ 15 الأخيرة، من خفض حاد للدين العام، مقارنة بحجم الإنتاج، وأيضا ارتفاع النمو الاقتصادي، ستشطبه هذه الأزمة دفعة واحدة. فالدين العام سيتفاقم بنسبة 15%، بمعنى سيقفز من 60% إلى 75% عما كان بالمقارنة من حجم الناتج العام، ومداخيل الضرائب في تراجع حاد، بموازاة مرتجعات من الضريبة، بسبب توقف الحركة التجارية. أما العجز المالي فإنه سيبلغ نسبة تذكّر إسرائيل بما كان في أوائل سنوات الثمانين من القرن الماضي.
كان أكبر محتكر للطاقة الإسرائيلية، إسحاق تشوفا، الذي يسيطر على أكبر حقلين للغاز في البحر الأبيض المتوسط، أول من تأثر من الأزمة الاقتصادية العالمية، على ضوء انهيار أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، في ظل التراجع الحاد في استخدام الطاقة عالميا. وتتحدث التقارير الاقتصادية الإسرائيلية عن أن تشوفا الذي ينتظر دعما من حكومة صديقه بنيامين نتنياهو، بصدد بيع جزء من شركاته، ومن بينها شبكة محطات الوقود "ديلك"، التي تعد من أكبر الشبكات الإسرائيلية.
يتوقع الخبراء والمؤسسات المالية أن تكون أكبر حالات الإفلاس نتيجة الأزمة الاقتصادية في قطاعي الملبوسات والمطاعم، نظرا لخصوصية كل واحد من القطاعين، اللذين لا يمكن تعويض وقف المبيعات لديهما لاحقا. فقطاع الملابس فقد إمكانية تصفية ملبوسات الشتاء، في حين أنه سيخسر قسما من مبيعات الملبوسات الصيفية، في حين أن الخسائر من إغلاق المطاعم التي تشغل 95 ألف عامل، لا يمكن تعويضها لاحقا، نظرا لطبيعة الاستهلاك فيها.
الصفحة 3 من 57