انتهى العقد الماضي في هذه الأيام بشكوك حول قضية فساد أخرى، هي قضية نقيب المحامين السابق إيفي نافيه وقاض كبير. وهكذا وصل هذا العقد إلى نهايته الأكثر رمزية. هذا هو العقد في صورة وشخصية رئيس حكومتنا المهيمن، بنيامين نتنياهو، عقد الفساد والخوف.
نافيه، الذي كان رئيس نقابة قويا ومُهَدِدا وعدوانيا، بات الآن متهماً بالرشوة، بعد أن زُعم أنه يروّج لإيتي كرايف لتعيينها قاضية مقابل علاقات جنسية معها. هذا الأسبوع، تسرّب محتوى حديث نافيه مع قاضٍ كبير محترم للغاية، ويحظى ببالغ التقدير، ووفقا للتسريبات، حاول القاضي تجنيد دعم نافيه لشغل منصب مهم في الجهاز القضائي، مقابل ثمن ما. مضمون المقابل، إن وجد أصلا، غير واضح؛ لكن الحقيقة أن مثل هذا القاضي الكبير، الذي حتى التسريبات الأخيرة كانت طريقه نحو التعيين في المحكمة العليا سلسة، كان بحاجة إلى عقد صفقات مع نافيه، من أجل التقدم داخل النظام القضائي، وتثير ضجة.
سيكون من الصعب للغاية محو اللطخة التي لصقت بالقاضي، وبالجهاز القضائي بأكمله. فبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن النظام القضائي الإسرائيلي فاسد ونتن، فإن المحادثات بين نافيه والقاضي، وحقيقة تعيين القضاة وتطورهم بناء على صفقات تبدو فاسدة، هي المسمار الأخير في فقدان ثقة الجمهور بالنظام القضائي.
بالمناسبة، يُعتقد أن أولئك الذين سرّبوا محتوى محادثات نافيه مع القاضي، أرادوا تحقيق هذا الهدف تماما، مما زاد من تقويض ثقة الجمهور بالنظام القضائي، وإثبات أن "النظام برمته فاسد".
من المؤسف أن النظام القضائي تم افساده بالفعل. فقد أقامت وزيرة العدل السابقة أييليت شاكيد تحالفا مع نافيه في لجنة تعيين القضاة، مما جعله الرجل القوي في الجهاز القضائي. وبهذا، أصبح نافيه رجلا يتم من خلاله حسم الأمور كلها، وقد أدرك القضاة المؤهلون أيضا، أنه من دون مساعدته، لا يبدو أن لديهم فرصة سياسية للارتقاء في الجهاز القضائي. عندما يعين أشخاص ليسوا مستقيمين، يتصرفون لأسباب ليست مناسبة، ويحددون القواعد، يصبح من الواضح أن الجميع يرضخون ويستسلمون بمن فيهم كبار القضاة، أيضا.
لقد بات الإرهاب الذي فرضه نافيه على النظام القضائي ممكنا، لأن النظام السياسي مهّد له الطريق لذلك. فقد أعلن النظام السياسي الحرب على الجهاز القضائي، وجرّده من الدعم السياسي والشعبي العام، وأجبره على التعاون مع الجهات المظلمة التي تتحرك بموجب مصالح غريبة.
كانت شاكيد رأس الحربة هنا، لكن من حدد الخطوط العريضة للسياسة والأجواء كان، بالطبع، رئيس الحكومة نتنياهو؛ بادعائه أن كل التحقيقات ضده هي ملاحقة سياسية، وأن لوائح الاتهام الموجهة ضده هي محاولة انقلاب على السلطة، وأي شخص يتجرأ على معارضته سيكون مشهّرا به على رؤوس الأشهاد، وسيصبح خائنا. وانظروا إلى ما حدث لجدعون ساعر.
لقد نشأ جو الإرهاب من معقل نتنياهو، بينما خدامه والمنصاعون لأوامره هم أشخاص كثيرون وجيدون. بعضهم، مثل شاكيد، على ما يبدو لم يفهم في الوقت الحقيقي استخدام نتنياهو لهم بشكل ساخر، والبعض الآخر يتعاون مباشرة مع أهواء القائد.
إن الإرهاب والاستسلام والهزيمة تضرب كل جزء من الحكومة الإسرائيلية والقطاع العام. ومن المتوقع أن ترضخ المحكمة العليا بعد اعتداء مباشر على استقلاليتها. فليس من الضروري أن يكون هناك قاضٍ كبير لفهم أن فرص تدخل المحكمة في الحصانة البرلمانية، أو قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة، هي فرص صفرية. يجلس القضاة في القدس، وهم يعلمون أنهم إذا سحبوا السجادة من تحت قدمي نتنياهو، فسوف يشعلون النار.
أيضا قادة الأجهزة الكبار، يستسلمون واحدا تلو الآخر. فما تزال الشرطة تبدي استقلاليتها، لكن سيتعين علينا أن نرى ما سيحدث بعد تعيين مفوّض دائم، وبعد تحديد هوية رئيس الحكومة في الانتخابات المقبلة. تتعرض وزارة العدل لهجوم من وزير العدل الجديد، خادم نتنياهو، أمير أوحانا. وسلطة خدمات الدولة، مع مفوّض هذه السلطة الغائب عن الواجهة، دانييل هيرشكوفيتش، لا أحد يشعر بها، ولا أحد يرى أنها تدافع عن كبار موظفي الدولة. وأصبح مراقب الدولة متنياهو إنجلمان، الذي من المفترض أنه حامي الجهاز العام، حامي الحمى لمرتكبي الفساد، وبالتالي إخصاء جهاز الرقابة العامة، من أساسه.
يبدو أنجلمان بأنه يريد تركيع جهاز مراقبة الدولة المجيد. وهو يفعل ذلك بنجاح كبير. فمنذ توليه منصبه، قام بفرض الرقابة على معظم تقارير التدقيق وانتقدها، وحتى أنه خصاها، وشرع يعظ ويدعو إلى جهاز رقابة بناءة، وهذا كلام معسول يهدف إلى القضاء على جهاز الرقابة.
وقد ظهر هذا بحدته الكاملة، في تقرير جهاز رقابة الدولة عن العجز في الموازنة العامة، عن العام 2018، إذ أعلن إنجلمان عمليا رفضه للصيغة النهائية للتقرير، ورفض التوقيع على التقرير الذي أعده مهنيون في دائرته. وقد أعلن عملياً أنه يستطيع أن يفصل من العمل الموظفين ويكتب التقارير بنفسه.
إنه محق، بالطبع، في أن السلطة القانونية ليست سوى لمراقب الدولة شخصيا، ولكن بدون موظفي دائرته، يكون عمل مراقب الدولة فارغا. ووفقا لما قاله إنجلمان، الذي يصر على توقيع التقارير التي يرفضها الموظفون المحترفون، سيكون هذا مريحا له.
من المؤسف أن معدي تقرير العجز في الموازنة العامة هم أمر استثنائي في مكتب مراقب الدولة. وقد خضعوا. فهذه الدائرة الفاخرة، التي فرضت الرقابة على كل الوزارات والمؤسسات الحكومية، تمت هزيمتها.
تم هزم دائرة مراقب الدولة. وهزم جهاز القضائي. وهزم سلطة خدمات الدولة. كما تم هزم المسؤولين الحكوميين، الذين تركتهم الحملة الانتخابية لحكومة نتنياهو. في حين أن وزراء ذوي مصالح خاصة مختلفة مثل أوحانا، حاييم كاتس، يعقوب ليتسمان، وغيرهم، ينجحون في إخضاع وزاراتهم، وتحويلها إلى أجهزة لخدمتهم.
ذات مرّة، كانت دائرة مراقب الدولة ملجأ لكبار الموظفين، وهذا لم يعد قائما اليوم.
وماذا يحدث في جهاز الأمن؟ هل هم هناك يخضعون أيضا لمصالح غريبة؟ فقضية مثل قضية الغواصات تطرح بالفعل أسئلة من هذا القبيل.
إن حكومة إسرائيل مهزومة، عندما يتم كتم الأجسام المضادة التي كان من المفترض أن ترد على الفساد وضد المصالح الأجنبية، واحدة تلو الأخرى. من السهل التعرف على السبب، لأنه في هذه الحالة تفسد السمكة من الرأس وتصبح نتنة. جو الإرهاب والتخلي عن النظام من قِبل أشخاص غير أمينين أو حتى فاسدين أنشأه رئيس الحكومة.
العقد الثاني من سنوات الألفين الذي انتهى في هذه الأيام هو عقده، وعلى النقيض تماما من تراث زئيف جابوتنسكي، كان عقدا فاقدا للرسمية وفاقدا للقومية، عقد الخوف وخيانة الأمانة. هذا هو عقد نتنياهو المرعب. وإذا ما تمت إعادة انتخابه، فمن المرجح أن تتدهور الأمور أكثر فأكثر.
(عن صحيفة "ذي ماركر". ترجمة خاصة)
المصطلحات المستخدمة:
مراقب الدولة, انقلاب, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, حاييم كاتس, أمير أوحانا