المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سجل التضخم المالي في العام الماضي 2019 ارتفاعا بنسبة 6ر0%، بعد أن استقر التضخم في الشهر الأخير من العام الماضي على ذات مستوى التضخم في شهر تشرين الثاني، بمعنى أن التضخم في كانون الأول كان صفراً بالمئة. وبهذا يكون التضخم للسنة السادسة على التوالي ما دون الحد الأدنى للتضخم- 1% إلى 3%، بموجب هدف بنك إسرائيل المركزي، وهذا يدل على حالة تباطؤ في الأسواق. إلا أنه مقابل التضخم الاجمالي الطفيف، فإن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت تقريبا بخمسة أضعافه، ما يعني زيادة العبء على العائلات الفقيرة.

وفي المقابل، سجل العجز في الموازنة العامة ارتفاعا بنسبة 7ر3%، بدلا من السقف المحدد له- 9ر2%، وهذا سيقود إلى ضربات اقتصادية في ميزانيتي العامين الحالي والمقبل. بينما جباية الضرائب كانت أقل من السقف المحدد، بحوالي 5ر2%.

وقالت مكتب الإحصاء المركزي في تقريره الدوري الصادر في منتصف الشهر الجاري، إن التضخم في الشهر الأخير تأثر من تقلبات موسمية في الأسعار، ولذا فإن التضخم سجل صفراً بالمئة، إذ برز تراجع موسمي لأسعار الخضراوات والفواكه والملبوسات. ويعد تضخم العام 2019 بنسبة 6ر0% أقل من التضخم الحاصل في العام قبل الماضي 2018، إذ كان بنسبة 8ر0%، وفي العام 2017 بنسبة 4ر0%. في حين أن التضخم تراجع في العام 2016 بنسبة 2ر0%، وفي العام 2015 بنسبة 1%، وفي العام 2014 بنسبة 2ر0%.

إلا أن هذا التضخم المنخفض لا يعكس واقع الحال بالنسبة للمواد الغذائية، وحينما يجري الحديث عن المواد الغذائية، فإن هذا مرتبط بواقع ارتفاع كلفة المعيشة على الشرائح الفقيرة، التي يصل لديها الصرف على الغذاء بما بين 20% وحتى 30% من مدخولها الشهري الشحيح، مقابل حوالي 5% عند الشرائح الغنية والميسورة.

وقال مسح اقتصادي، أجرته شركة ستورنكيست، وعرضته صحيفة "كالكاليست"، إن مبيعات المواد الغذائية ارتفعت في العام الماضي 2019 بنسبة 5ر2%، وبلغ حجم المبيعات 3ر47 مليار شيكل، (5ر13 مليار دولار، حسب معدل الصرف في العام الماضي، 5ر3 شيكل للدولار). إلا أن هذا الارتفاع في المبيعات يدل على تراجع في البيع الفعلي، حسب المسح، لأنه من أصل 5ر2% ارتفاع المبيعات، فإن 2ر1% هي بفعل ارتفاع الأسعار، ما يعني أن حجم مبيعات المواد الغذائية ارتفع بنسبة 3ر1% فقط، في حين أن نسبة التكاثر السكاني، حسب التقرير، هي 2ر2%.

ويقول التقرير إنه عند الدخول إلى تفاصيل دقيقة لأصناف المواد الغذائية ومستلزمات البيت، سنجد أن بيع المواد الغذائية وحدها، ارتفع بحوالي 1ر1%، أي نصف نسبة التكاثر السكاني، وهذا يُعد تراجعا في المبيعات. وهذا ما يؤكد على أن نسب التضخم المالي المعلنة، تبقى بعيدة عن ارتفاع الأسعار الاستهلاكية الأساسية للحياة اليومية للمستهلك.

وكان العام 2019 قد شهد موجة أخرى من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، خاصة في النصف الأول من العام الماضي. وتراوح ارتفاع أسعار المنتوجات الغذائية الأساسية ما بين 3% إلى 5%، في حين توقفت كبرى شركات التسوق عن غالبية حملات التخفيضات التي برزت في السنوات الأخيرة.

إلى ذلك، قال تقرير ظهر في منتصف العام الماضي إن أسعار الفواكه الطازجة سجلت منذ صيف العام 2011 وحتى العام 2019، ارتفاعا بمعدل 70%، على الرغم من أن إجمالي التضخم المالي في السنوات الثماني الماضية ارتفع بنسبة 3ر6%. ويتبين من التقرير أن كلفة إنتاج الفواكه، بمعنى كلفة العمل في كافة مراحله، حتى وصوله إلى المستهلك، ارتفعت بنسبة 20%، ما يعني أن هذا الفرق في الغلاء يعود إلى تسجيل أرباح للمنتجين والمسوقين.

ويقول المزارعون إنه ليست لهم علاقة بهذه الأسعار التي تصل المستهلك، فعلى سبيل المثال، بيع كيلو المشمش في الحقول للمسوقين الكبار في الموسم الماضي، بما بين 6 إلى 11 شيكل، وبعد خصم المصاريف يبقى للمزارع ما بين 3 إلى 5 شواكل، بينما يباع للمستهلك، بمعدل 24 شيكل للكيلو، علما أنه لا توجد ضريبة قيمة مضافة على الخضراوات والفواكه. وهذا نموذج لباقي المنتوجات الزراعية.

تجميد الفائدة البنكية

وعلى الرغم من التضخم المالي المنخفض، وسعر صرف الدولار المتدني، فقد قرر بنك إسرائيل المركزي الإبقاء على سعر الفائدة البنكية الأساسية 25ر0%، في شهر شباط المقبل، وهي نسبة الفائدة القائمة منذ شهر تشرين الثاني 2018، وهذا على الرغم من وتيرة التضخم المنخفضة، وارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار.

وكانت توقعات سابقة قد أشارت إلى احتمال أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة إلى مستوى 1ر0%، وهو المستوى الذي كانت عليه لمدة 45 شهرا، ابتداء من شباط 2015 وحتى تشرين الثاني 2018.

ويشار إلى أن هذه تبقى الفائدة الأساسية التي يتعامل فيها بنك إسرائيل مع البنوك التجارية، في حين أن الفائدة على الديون والسحب الزائد للمواطنين، تتراوح ما بين 5% إلى 11%، ونجد فائدة أقل من الحد الأدنى وأعلى من الحد الأعلى، وهذا بحسب المنافسة، ووضعية الزبون المالية.

ارتفاع العجز وتراجع الضرائب

في سياق متصل، أعلنت وزارة المالية أن العجز في الموازنة العامة بلغ مع نهاية العام الماضي نسبة 7ر3%، بدلا من السقف الذي حددته ميزانية 2019، وهو 9ر2%، بمعنى بدلا من عجز مخطط بقيمة 40 مليار شيكل (42ر11 مليار دولار) بلغ العجز 52 مليار شيكل، وهو ما يعادل 86ر14 مليار دولار.

وارتفاع العجز سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين العام من حجم الناتج العام، إذ أن هذه النسبة بلغت أدنى مستوى لها مع نهاية العام 2018، وهي 61%، إلا أن خبراء الاقتصاد يتوقعون في هذه النقطة العينية أن لا ترتفع نسبة الدين العام بقيمة الشيكل من حجم الناتج العام كثيرا، بسبب ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار.

وقد حذر محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، في وقت سابق، من أن العجز في الموازنة العامة قد يصل مع نهاية العام الجديد 2020 إلى نسبة 5ر4% ما لم تتخذ الحكومة إجراءات اقتصادية حازمة، لمنع استفحال العجز، وتعويض العجز الحاصل في العام الماضي بقيمة 12 مليار دولار.

ويطالب بنك إسرائيل بزيادة الضرائب، وإعادة النظار في بنود الميزانية. إلا أنه بسبب عدم قيام حكومة جديدة ثابتة، منذ انتخابات نيسان وأيلول، فإنه ليس من حق الحكومة الانتقالية اتخاذ تدابير جدية، كما أنها لن تكون معنية بذلك، وهي تتنقل من انتخابات إلى أخرى، ولكن حسب التقديرات، فإن كل حكومة جديدة ستتشكل ستتخذ قرارات لرفع الضرائب، وإلغاء إعفاءات جمركية، وستكون أولى الخطوات، رفع ضريبة القيمة المضافة من 17% حاليا إلى 18%.

وفي هذا السياق، فإنه للعام الثاني على التوالي، لم تحقق خزينة الضرائب فائضا كبيرا، كما كانت الحال من العام 2014 وحتى العام 2017، التي ارتفعت فيها عائدات الضرائب بنسبة ملموسة، أكثر من السقف المحدد لها. وفي العام 2018 تم تحقيق الهدف، مع زيادة طفيفة جدا، في حين في 2019، وحسب التقارير الأولية، فإن جباية الضرائب كانت أقل بنحو 9 مليارات شيكل (57ر2 مليار دولار)، ما يعني أقل بنسبة 5ر2% عن الهدف الضريبي للعام الماضي.

 

 

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات