المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 1034
  • برهوم جرايس

كشف تحقيق صحافي جديد عن أن الحاخامية الإسرائيلية العليا تواصل وضع عراقيل أمام استيراد المواد الغذائية، من خلال المماطلة في إصدار شهادات الحلال (الكوشير)، وإذا كانت هذه ظاهرة معروفة من قبل، فإن الشبهات الجديدة تدل على احتمال أن يكون لدى جهات ما في الحاخامية العليا مصلحة في خدمة محتكري بعض المواد الغذائية والمشروبات، التي من شأن فتح الاستيراد أمام جهات أخرى في السوق أن يضر بمصالحها وأرباحها.

وقال تحقيق للملحق الاقتصادي "مامون" في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إنه لو تم تطبيق كافة الإصلاحات وتعديلات الأنظمة التي أقرت في السنوات الأخيرة، لكان من المفترض أن تكون السوق في هذه المرحلة مليئة بالبضائع، وبالمنافسة على الأسعار، وكسر الاحتكارات في الاستيراد، الذي يبقي الأسعار عالية في الكثير منها.

والعقبة الأكبر أمام فتح السوق للمنافسة حتى في الاستيراد هو الحصول على شهادة الحلال الإضافية من الحاخامية العليا، رغم أن البضائع بغالبيتها الساحقة تأتي مع شهادات حلال من الخارج.

ويقول التقرير إنه في محادثات مع المستوردين لغرض التقرير الصحافي، رفضوا كلهم الكشف عن أسمائهم، كي لا يتعرضوا لتنكيل من قسم الحلال في الحاخامية العليا، ولكنهم أجمعوا على أن التصريح الذي يحتاج لا أكثر من يومين لإصداره تمر عليه 6 أشهر، وهي مماطلة واضحة. وقال أحدهم للصحيفة إن الحاخامية تصدر تصاريح سنوية للمستوردين الأساسيين، ولكنها تماطل في منع تصاريح للمستوردين الجدد، الذي سينافسون المستوردين الكبار.

ويطرح التقرير نماذج لأسعار المشروبات الكحولية وكيف ستهبط أسعارها فيما لو صدرت التصاريح كما يجب، ويجري الحديث عن هبوط أسعار بنسب تتراوح ما بين 30% إلى 40%.

قضية مزمنة

وقضية الحلال واحتكار الحاخامية العليا كانت أحد الملفات الساخنة في حكومة بنيامين نتنياهو الأخيرة، ولكن كل المحاولات لكسر هذا الاحتكار، في إطار السعي لكسر كلفة المعيشة، باءت بالفشل، لأن كتلتي الحريديم شكلتا الركيزة الأقوى للحكومة.
كذلك لم توقف الحكومة كل مساعي الحاخامية العليا للحفاظ على احتكارها، مثل أنها عرقلت على مدى السنوات القليلة الأخيرة استيراد العديد من البضائع، والتي من المفترض أن تنافس بضائع قائمة في السوق، ومن شأن الاستيراد أن يخفض أسعار بعض أصناف البضائع. وتتذرع الحاخامية تارة بنقص الوظائف الكافية لاستصدار شهادات الحلال للبضائع المستوردة، وتارة أخرى بضرورة أن تجري فحوصات أدق على هذه البضائع. إلا أنه في التقارير الواردة هناك تلميحات إلى أن الحاخامية تلعب دورا لصالح بعض الاحتكارات، فيما طالب محللون بوضع حد لمسألة الحلال، وتأثيره على الأسعار العالية.

كما منعت الحاخامية تعديلات على قانون الاستيراد القائم، بادرت لها الحكومة في ولاية الكنيست الـ 20، بزعم أن التعديلات تشكل عبئا اضافيا على الحاخامية، وأن الحكومة التي زادت عدد الملاكات في وزارة الصحة، لتكون قادرة على استيعاب اتساع الاستيراد الغذائي، لم تمنح في ذات الوقت الحاخامية ملاكات اضافية. وحسب الحاخامية، فإنها بحاجة أيضا إلى فحص مدى صحة شهادة الحلال الممنوحة لشركة الويسكي تلك وأنه حاليا ليس لديها القدرة لتحديد هذا.

إلا أن هذا لم يقنع الصحافة الاقتصادية التي ألمحت إلى احتمال أن يكون في الحاخامية من يلعب دورا لصالح الاحتكارات القائمة. وحسب عدة تقارير سابقة، فإن الحاخامية العليا تثبت عمليا ما كنا نشك فيه منذ زمن طويل: مستوردون رسميون، وشركات عالمية، تفعل فعلها من أجل منع استيراد منافس. فهم يمنعون منح تراخيص ضرورية للاستيراد، وبهذا ينسفون احتمالات المنافسة، التي من شأنها تخفيض الأسعار، ما يجعل المستورد الرئيسي يجرف أرباحا كبيرة على حساب المستهلكين.

وهذا قائم حاليا في قطاع اللحوم، إذ أن أسعار اللحوم في إسرائيل أعلى بنسبة تصل إلى 30% من معدل الأسعار في الدول المتطورة، وهذا بفعل شروط الحلال، وكلفة إصدار شهادات الحلال، وخاصة على اللحوم المستوردة، إذ يقول مستوردون للحوم إن استيراد اللحوم من أميركا اللاتينية يستوجب إرسال ما بين 10 إلى 14 رجل دين يهوديا إلى كل مسلخ سيتم الاستيراد منه، وكلفة كل رجل دين كهذا تتراوح ما بين 6 آلاف إلى 7 آلاف دولار شهريا، إضافة إلى تكاليف أخرى، ما يعني كلفة شهرية تصل إلى 100 ألف دولار، من أجل استيراد 500 طن من اللحوم المجمّدة.

وتقول سلسلة أبحاث إن متطلبات الحلال في إسرائيل عديدة جدا، وترفض إسرائيل الاعتراف بأي شهادات حلال يهودية تأتي من الخارج، رغم أن دولا فيها نسبة كبيرة من اليهود المتزمتين الحريديم، وحتى من الفرق الأشد تزمتا، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، لديها مؤسسات محلية لمنح شهادات حلال، ويأكل المتزمتون من ذلك الطعام، إلا أن إسرائيل ترفض تلك الشهادات، وتريدها حكرا على مؤسسة الحاخامية الكبرى لديها.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات