يأتي الوضع المادي المتدهور للغالبية العظمى لأحزاب المعارضة الإسرائيلية ليسكب الزيت على نار تأثيرها الضعيف، المقرون بتعاظم حدة الخلاقات الداخلية فيها من جهة، وبحاجتها القريبة لإنفاق الملايين على الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية التي ستجري بمعظمها في الثامن والعشرين من تشرين أول المقبل، وبحاجتها لتكثيف فعالياتها إزاء التفرد الحكومي في القرار السياسي في هذا الوقت الحرج الذي تشهد فيه المنطقة تطورات دراماتيكية إقليميًا ومحلياً، من جهة أخرى.
الحركة الاسلامية في الشمال تخطط تصعيد الموقف الاحتجاجي على القرار القضائي الجديد بوقف اعمال البناء في موقع شهاب الدين في الناصرة وهدم ما تم بناؤه <خلافا للقانون> * المحكمة ترفض مرافعة ممثلي الوقف الذين قالوا ان الحكومة الاسرائيلية أجازت اقامة المسجد هناك، مما يعفيهم من واجب الحصول على تراخيص من لجنة التنظيم والبناء، وان الموقع هو مكان مقدس تابع للوقف الأسلامي وان لا صلاحية للمحكمة، بالتالي، للبت في شأنه.
بعد وقت قصير من بدء نظر المحكمة العليا في الاعتراضات المقدمة على قرارات لجنة الانتخابات المركزية بشأن حظر ترشيح الدكتور عزمي بشارة والتجمع الوطني الديموقراطي والدكتور أحمد الطيبي والسماح بترشيح باروخ مارزل، تبدأ وسائل الاعلام الالكترونية ببث الدعاية الانتخابية. ولا ريب في ان عملية تل أبيب المزدوجة ستلقي بظلالها على كل من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية وعلى طابع الدعاية الانتخابية.وقد طفحت الصحف الإسرائيلية في الأيام الأخيرة بالمقالات التي تتحدث عن تأييد او رفض قرارات لجنة الانتخابات المركزية. وبرزت على هذا الصعيد وجهتا نظر: واحدة تطالب بحظر ترشيح عزمي بشارة والطيبي ليس بسبب ما يقولان، وإنما بسبب ما يفعلان. وترى وجهة النظر هذه ان بشارة والطيبي يخدمان أعداء إسرائيل، ولذلك يجب منع السماح لهما بدخول الحياة البرلمانية. ومقابل ذلك ثمة وجهة النظر التي تعتبر ان بشارة والطيبي هما نتاج أصيل للمجتمع العربي في إسرائيل، وبالتالي فإن الموقف منهما يعني الموقف من كل هذا الجمهور. وهذا يعني ان إبعادهما عن الحياة البرلمانية يعني إبعاد الجمهور العربي، الذي يشكل حوالى عشرين في المئة من مجموع السكان، عن جوهر الحياة السياسية.
ايهاب بسيسو
لم تتوقف المحاولات الاسرائيلية لاختراق الرأي العام العربي من خلال وسائل الدعاية السياسية، لم تتوقف منذ ان تم اعلان قيام الدولة العبرية في عام 1948، بل تنوعت سبل هذه الدعاية لتشمل كل الوسائل الاعلامية الاسرائيلية القادرة على ايصال الرسالة السياسية للدولة العبرية بهدف خلق مفهوم جديد للصراع العربي الاسرائيلي، لا سيما في صفوف جيل <<ما بعد النكبة>>.
الصفحة 916 من 1047