أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، رفضه للشروط الأوروبية، التي ربطت بين تحسين مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل واعتراف الأخيرة بحل الدولتين. كما رفض تجميد الاستيطان ووقف توسيع المستوطنات في الضفة الغربية. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الجمعة – 24.4.2009، عن نتنياهو قوله، خلال لقائه، أمس، مع رئيس الوزراء التشيكي، ميرك توفولنك، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، إنه "لا تضعوا أمامنا شروطا ولا ينبغي ربط علاقات إسرائيل وأوروبا بعلاقات إسرائيل والفلسطينيين".
ذكرت الصحف الإسرائيلية، اليوم الخميس – 23.4.2009، أن وزير المخابرات المصرية، عمر سليمان، وجه دعوة رسمية إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان، لزيارة مصر وذلك خلال لقائهما في القدس، مساء أمس. وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن اللقاء تم بعد استجابة ليبرمان لخمسة شروط مصرية، تشمل الاعتذار على تهجمه ضد الرئيس المصري حسني مبارك، والتصريح بأهمية مصر والعلاقات الإستراتيجية بين مصر وإسرائيل، وعقد اللقاء في مكتب رئيس الحكومة وليس في وزارة الخارجية، والاحتفاظ بسرية اللقاء حتى اللحظة الأخيرة، وإبعاد وسائل الإعلام عن مكان اللقاء. وأضافت الصحيفة أنه بدلا من أن يعتذر عن تهجماته على الرئيس المصري وافق ليبرمان على كيل المديح لمبارك.
وجاء في بيان مقتضب صادر عن مكتب ليبرمان في ختام اللقاء، أنه "عقد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لقاءً مهمًا ومفيدًا مع مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان، وخلال اللقاء الذي عقد بجو ودي أعرب الوزير ليبرمان عن تقديره للدور الرائد الذي تلعبه مصر في المنطقة كما أعرب عن تقديره للزعيم المصري الرئيس حسني مبارك وللوزير سليمان. ستواصل إسرائيل ومصر التعاون الحيوي فيما بينهما لضمان الاستقرار والأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط".
وقالت يديعوت أحرونوت إن اللقاء دام مدة ساعة، وكان ليبرمان قد بادر سليمان بكلمتي "أهلا وسهلا" بالعربية، وفي الدقائق الأولى من اللقاء تمكن ليبرمان من تبديد التوتر الذي ساد أجواء لقائهما. ونقلت الصحيفة عن مصدر مصري قوله إن "وزير المخابرات تحدث مطولا مع ليبرمان حول أهمية العلاقات بين إسرائيل ومصر وأشار إلى الضرر الذي تسببه التهجمات المنفلتة من جانب إسرائيل".
ويعود سبب التوتر بين مصر وليبرمان إلى تهجمات الأخير ضد مصر ومبارك، حيث دعا إلى قصف السد العالي وطالب مبارك بالحضور لزيارة إسرائيل وإن لم يفعل "فليذهب إلى الجحيم". وبعد تولي ليبرمان وزارة الخارجية أعلن نظيره المصري، أحمد أبو الغيط، قبل أسبوعين، أن قدم ليبرمان لن تطأ ارض مصر إذا لم يتراجع عن تهجماته. ونقلت صحيفة هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن دعوة ليبرمان لزيارة مصر ستؤدي إلى إنهاء الأزمة في العلاقات بين الجانبين. وتباحث ليبرمان وسليمان في قضايا سياسية وأمنية تتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، وأبرزها البرنامج النووي الإيراني والوضع في قطاع غزة و"محاربة الإرهاب" وكشف "خلية حزب الله" في مصر.
والتقى سليمان خلال ويارته لإسرائيل مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، ايهود باراك، اللذان تلقيا دعوة رسمية لزيارة مصر ولقاء مبارك. كما التقى مع الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، ورئيس الشاباك، يوفال ديسكين. وبحث سليمان مع ديسكين، الذي أصبح مسؤولا مؤقتا عن ملف تبادل الأسرى، إجراء جولة مفاوضات غير مباشرة أخرى مع حماس بوساطة مصر ستبدأ في 3 أيار المقبل.
وقالت صحيفة معاريف إن هدف زيارة سليمان لإسرائيل هو تلمس واستيضاح الوجهة السياسية للحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتوضيح أن مصر ملتزمة بالحفاظ على العلاقات الجيدة التي تربطها بإسرائيل، وتشجيع استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وقال نتنياهو خلال لقائه سليمان أمس إنه "توجد لدى إسرائيل ومصر مصالح مشتركة وعلى رأسها السلام وهناك تعاون وعلاقات احترام متبادل بين الدولتين". وقال باراك خلال اللقاء مع سليمان إن "للعلاقات بين مصر وإسرائيل أهمية إستراتيجية وخصوصا بكل ما يتعلق بدفع مبادرات سلام إقليمية".
بدأت ملامح السياسة الخارجية لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والتي سيعرضهما على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تتضح مؤخرا، وتقضي خطوطها العريضة بوقف البرنامج النووي الإيراني أولا ثم التقارب مع الدول العربية "المعتدلة" وبعد ذلك التعامل مع القضية الفلسطينية بواسطة عدة قنوات. وذكر المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، والمراسل السياسي للصحيفة، باراك رافيد، في تقرير مفصل حول سياسة نتنياهو نشراه، اليوم الخميس – 23.4.2009، أن نتنياهو يعكف على بلورة "قائمة مشتريات سياسية" سيعرضها على أوباما خلال لقائهما في البيت الأبيض في 18 أيار المقبل.
نشرت الصحف الإسرائيلية، اليوم الأربعاء – 22.4.2009، مقاطع من مقابلة أجرتها صحيفة روسية معه، قال فيها إن الولايات المتحدة ستوافق على أي قرار تتخذه إسرائيل وعبر عن رفضه لمبادرة السلام العربية في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما تأييده لها، ما يشير إلى احتمال الصدام بين الدولتين. ونشرت صحيفتا يديعوت أحرونوت وهآرتس، في إشارة ذات دلالة، مقاطع من المقابلة مع ليبرمان التي نشرتها صحيفة "موسكوفسكي كومسومولتس"، قبل أسبوعين، فيما نسبت صحيفة معاريف لليبرمان قوله، أمس، إن مبادرة السلام العربية "خطيرة وهي وصفة أكيدة للقضاء على إسرائيل".
وإضافة إلى اصطدام تصريحات ليبرمان بتصريحات أوباما، حول مبادرة السلام العربية، والتي كانت هآرتس قد أفادت، الأسبوع الماضي، بأن المبادرة هي أحد أسس مبادرة سلام جديدة يعتزم الرئيس الأميركي إطلاقها، فإن نشر تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي تأتي في اليوم الذي سيزور فيه وزير المخابرات المصرية، عمر سليمان إسرائيل، وفي ظل مساع حثيثة لعقد لقاء بينه وبين ليبرمان.
وقالت معاريف إن ليبرمان يرفض مبادرة السلام العربية بسبب تضمنها بندا يتعلق باللاجئين الفلسطينيين وتخييرهم ما بين العودة والحصول على تعويضات. ونقلت الصحيفة عن ليبرمان قوله إن "المشكلة الأساسية في المبادرة هي حق العودة للاجئين وهذا أمر هدام بالنسبة لإسرائيل، لأنه لن تبقى دولة الشعب اليهودي".
وتصطدم اقوال ليبرمان مع أقوال وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، أيضا الذي قال في اجتماع عقده رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الأحد الماضي، إنه "ينبغي التوصل إلى معادلة سياسية تشمل مبدأ الدولتين للشعبين ولكن في إطار مبادرة سلام شاملة". ويذكر أن ليبرمان كان قد أثار غضبا في الإدارة الأميركية في اليوم الأول لتوليه منصبه قبل ثلاثة أسابيع عندما أعلن أن عملية أنابوليس منتهية وأن المفاوضات مع الفلسطينيين "وصلت إلى طريق مسدود".
وكان ليبرمان قد قال في المقابلة مع الصحيفة الروسية "صدقني، إن أميركا ستوافق على أي قرار نتخذه". وانتقد ليبرمان خطة خارطة الطريق أيضا، رغم إعلانه في السابق التزامه بها. وقال إن "الفلسطينيين لا يعرفون هذه الوثيقة حق المعرفة ولم يدرسوها حتى النهاية". واعتبر أن مبدأ الدولتين للشعبين هو "شعار جميل خال من المضمون". وقال فيما يتعلق بمبادرة أوباما إن "كل شيء مرهون بتصرف حكومة إسرائيل وبالوسائل التي ستتخذها من أجل لجم الإرهاب". وأضاف أنه ينظر إلى روسيا على أنها "شريك إستراتيجي لديه أحد الأدوار المركزية في التقدم نحو تسوية في الشرق الأوسط. وقد أشرت منذ وقت طويل إلى أنه في إسرائيل لا يقدرون بشكل صحيح دور الكرملين وآمل أن أتمكن من سد الفجوات في هذا الموضوع".
كذلك قلب ليبرمان الحسابات الأميركية – الإسرائيلية، والعربية أيضا، فيما يتعلق بإيران. ورأى أن إيران ليست التهديد الأكبر في المنطقة، كما تراها هذه الأطراف، وإنما باكستان وأفغانستان فيما إيران تحل في المكان الثاني. وقال إن "باكستان هي دولة نووية والوضع فيها غير مستقر ويوجد خطر بأن تسيطر جهات مقربة من طالبان على الحكم في أفغانستان. وفي هذه الحالة سينشأ محور متطرف مؤلف من باكستان وأفغانستان تحت قيادة روحية لابن لادن"، في إشارة على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، "ولا أعتقد أن هذا ما يريدونه في الصين وروسيا أو في الولايات المتحدة". وتابع ليبرمان "لذلك فإنه إذا كنا نتحدث عن سلم أولويات في الحلبة الدولية فإني أقترح جدول عمل كالآتي: باكستان وأفغانستان أولا وبعد ذلك إيران ثم العراق، وهذا ما يجب أن يقلق الدول العظمى برأيي، لأن هذه الدول تشكل خطرا كبيرا جدا ليس على إسرائيل فقط وإنما على النظام الدولي كله".
وفي رده على سؤال حول كيف يرى دور إسرائيل في لجم هذه "المخاطر"، قال ليبرمان إن "دورنا، قبل كل شيء، هو المساهمة في إحداث تقارب بين الولايات المتحدة وروسيا، إذ أن كل من هو معني بالحفاظ على النظام الدولي القائم، عليه أن يدرك أن الأولوية الأولى يجب تخصيصها للحرب ضد التطرف وأنه حان الوقت للاتحاد. وأنا لا افهم لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تدخل في سجال مع روسيا حول كوسوفو أو حول انضمام أوكرانيا إلى الناتو (حلف شمال الأطلسي)، ولماذا روسيا لا تدرك أن توثيق العلاقات مع نظام (الرئيس الفنزويلي هوغو) تشافيز يمس بأجواء الثقة بينها وبين العالم الغربي". وقال ليبرمان إن "لروسيا تأثير خاص في العالم الإسلامي وأنا أعتبرها شريك إستراتيجي ينبغي عليه أن يؤدي دور أساسي في الشرق الأوسط".
وتجدر الإشارة إلى أن ليبرمان يخضع إلى تحقيق جنائي في الشرطة الإسرائيلية وبإشراف النيابة العامة للاشتباه بحصوله على مبالغ كبيرة من مصادر خارج إسرائيل وذلك عبر شركة وهمية ترأسها ابنته. وسربت الشرطة والنيابة مؤخرا لوسائل الإعلام الإسرائيلية أنها ستقدم لائحة اتهام ضد ليبرمان خلال الشهور المقبلة تشمل تهما بينها تبييض أموال والحصول على رشاوى وخرق الأمانة. وأجرت الشرطة ثلاث جلسات تحقيق مع ليبرمان، فور بدء مزاولته لمنصبه كوزير خارجية، قبل ثلاثة أسابيع. وكانت الشرطة قد أوقفت سبعة مقربين من ليبرمان في إطار التحقيق، بينهم ابنته ومحاميه، وذلك قبل أسبوعين من الانتخابات العامة التي جرت في 10 شباط الماضي.
من جهة أخرى يعقد رئيس نتنياهو اجتماعا للحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، اليوم. وكتب المحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، إن نتنياهو سيستعرض أمام الكابينيت وهيئات أخرى الأساس الآخذة بالتبلور لسياسته الجديدة، التي تشمل قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح وخاضعة لإملاءات إسرائيلية صارمة. وأضاف كسبيت إن نتنياهو سيقول في هذه الاجتماعات "يريدون دولة فلسطينية؟ تفضلوا. لكن من دون أسلحة ثقيلة، وبدون سلاح جو، ومنزوعة السلاح ولا تنتشر فيها قوات عسكرية وليس قادرة على إبرام تحالفات مع أعداء إسرائيل. وسيقول إن إسرائيل ستكون مسرورة إذا ما عرفها الفلسطينيون كدولة يهودية. وغذا لم يفعلوا؟ خسارة. فهذا ليس شرطا نهائيا لكنه شرط للتقدم وللتعبير عن نية حسنة بكل تأكيد".
وتابع كسبيت أن "نتنياهو سيحاول السير مع دولة فلسطينية والشعور بأنها غير موجودة. سيتحدث عن المنظور الأمني الإقليمي، وسيتحدث عن إيران كثيرا، وسيحاول أن يشرح إلى أي مدى هو مصر على السعي لتحقيق السلام من جهة، وإلى أي مدى هو ملتزم بالأمن من الجهة الأخرى... والسؤال هو ما إذا كانت أقواله ستعجب باراك أوباما. ففي 18 الشهر المقبل (أيار) سيحضر نتنياهو إلى أوباما الأسس الآخذة بالتبلور لسياسته المعدلة، قبيل استكمالها. وهناك، في الغرفة البيضاوية، وبلقاء منفرد، يتوقع أن يقول الأمور الحقيقية. تلك التي لن يقولها اليوم في الكابينيت والتي لن يقولها بصوت مرتفع. إنها الاقوال التي ستحدد وجهة الطريق التي سينتهجها بنيامين نتنياهو، وما إذا ستكون طريقا مشتركا له ولأوباما".
وأفاد كسبيت بأن نتنياهو قال خلال اجتماع وزراء حزب الليكود الذي تم عقده الاثنين الماضي إن "اتفاق رف هو أمر غير منطقي"، ما يعني انه يتفق مع ليبرمان على معارضة أنابوليس، "بينما اوباما"، بحسب كسبيت، "ينظر إلى أنابوليس بصورة مغايرة تماما". ورأى كسبيت أن "هذه أيام مثيرة. لكنها ليست مصيرية بعد. الايام المصيرية ستأتي بعد عودة نتنياهو من من زيارته الأولى في واشنطن، وعندما يصل أوباما في زيارة إلى هنا... والأمور الكبرى ستجري في الظلام. إذا أن الخطوات الحقيقية يجب أن تكون سرية. ويتحدث أحد الضالعين في مجرى الأمور عن فرصة تاريخية تحدث مرة واحدة في كل جيل. وعن عالم عربي معتدل، وناضج أكثر من أي مرة مضت لتنفيذ عملية (سياسية) دراماتيكية مع إسرائيل. وعن إدارة أميركية مستعدة للسير كل الطريق، وبكل ثمن الآن". لكن الكاتب تحفظ، لأن "السؤال هو ما إذا كان نتنياهو هو شريك لكل هذا. وهل هو يريد ذلك، وهل هو قادر على تنفيذ ذلك. ولا بإمكانه الإجابة على ذلك الآن، ولا حتى هو نفسه".
الصفحة 282 من 1047