المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بدأت ملامح السياسة الخارجية لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والتي سيعرضهما على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تتضح مؤخرا، وتقضي خطوطها العريضة بوقف البرنامج النووي الإيراني أولا ثم التقارب مع الدول العربية "المعتدلة" وبعد ذلك التعامل مع القضية الفلسطينية بواسطة عدة قنوات. وذكر المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، والمراسل السياسي للصحيفة، باراك رافيد، في تقرير مفصل حول سياسة نتنياهو نشراه، اليوم الخميس – 23.4.2009، أن نتنياهو يعكف على بلورة "قائمة مشتريات سياسية" سيعرضها على أوباما خلال لقائهما في البيت الأبيض في 18 أيار المقبل.

وبحسب الصحفيين فإن نتنياهو سيستعرض أمام أوباما مسارا مؤلفا من ثلاث خطوات متتابعة، بحيث تكون الخطوة الأولى وقف البرنامج النووي الإيراني، والثانية إحداث تقارب بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة، فيما يتم في الخطوة الثالثة التعامل مع القضية الفلسطينية من خلال عدة قنوات.

لكن إيران تحتل المكان المركزي في سياسة نتنياهو. وسيوضح نتنياهو لأوباما أن وجود إسرائيل هو الضمان لاستمرار وجود الشعب اليهودي وأن اليهود لن يحظوا بفرصة تاريخية أخرى لضمان وجودهم بعد المحرقة. ولذلك فإنه يحظر أن يكون هناك سلاح نووي بحوزة من يرفضون وجود إسرائيل، في إشارة إلى إيران وتصريحات رئيسها، محمود أحمدي نجاد، حول "محو إسرائيل عن الخارطة". ويعتبر نتنياهو أنه في حال حازت إيران على سلاح نووي فإن العالم العربي سيغرق بموجة من التطرف والتعصب ولن يصمد أي اتفاق مع الفلسطينيين أو غيرهم في ظل وضع كهذا. ويريد نتنياهو أن تعالج الولايات المتحدة أمر البرنامج النووي الإيراني وتحبطه. وبحسب الصحفيين فإنه في حال سأل أوباما عما ستعطيه إسرائيل في المقابل، فإن نتنياهو سيتجاوب مع نوايا الرئيس الأميركي وخطته للسلام في الشرق الأوسط.

وأضاف الكاتبان أن نتنياهو سيقول لأوباما إنه "لن يعترف بدولة قومية فلسطينية تتمتع بحق تقرير مصير، إذا لم يعترف الفلسطينيون بإسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي". ويعتبر نتنياهو أن مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة اليهود هو مطلب أساسي في أية مفاوضات حول اتفاق نهائي. وهذا المطلب لا يشكل شرطا مسبقا لإجراء مفاوضات وإنما هو شرط مسبق للتقدم باتجاه اتفاق. وأشار بن ورافيد إلى أن نتنياهو اكتشف خلال المفاوضات لتشكيل حكومته أن الحكومة السابقة، برئاسة ايهود أولمرت، طرحت خلال المحادثات التي أجرتها مع الفلسطينيين مطلب اعترافهم بإسرائيل كدولة يهودية لكنها تراجعت عن ذلك بعد 24 ساعة بسبب معارضة المفاوضين الفلسطينيين.

ويعتزم نتنياهو "لجم التراجع في المواقف الأساسية الإسرائيلية" مثلما فعل، على حد ادعائه، خلال فترة ولاية الأولى في رئاسة الوزراء وبعد اتفاقيات أوسلو. ورأى الكاتبان أنه توجد عدة أسباب لإصرار نتنياهو على مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية إسرائيل، وهو يصد منتقديه الذي يرون بذلك مناورة لإفشال المفاوضات. وأول هذه الأسباب أن نتنياهو يريد وضع هذا المطلب لكي يشكل "ثقل مضاد" لمطلب اعتراف إسرائيل بالحقوق الفلسطينية. والسبب الثاني هو أن نتنياهو يتخوف من أنه في حال تهرب الفلسطينيون من الاعتراف بيهودية إسرائيل خلال المفاوضات السياسية، فإنهم لن يقولوا لأبناء شعبهم إن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي وسيستمرون في الصراع بعد تحقيق اتفاق. والسبب الثالث هو أن من شأن الاعتراف بيهودية إسرائيل أن يبطل المطلب الفلسطيني المتعلق بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

إضافة إلى ذلك فإن لدى نتنياهو اعتبارا سياسيا من وراء مطلبه. وهو أنه من أجل تجنيد الجمهور الإسرائيلي والكونغرس الأميركي لدعم مواقفه، في مواجهة ضغوط محتملة من جانب أوباما، فإن نتنياهو بحاجة إلى "مقام مشترك" يتجاوز المعسكرات والأحزاب في إسرائيل. ويعتبر نتنياهو أيضا أن فكرة "الدولة اليهودية" تحظى بدعم واسع في إسرائيل والولايات المتحدة، ومن الأسهل تجنيد مؤيدين لها من تجنيد تأييد للموقف الرافض لتنفيذ انسحاب من الأراضي الفلسطينية وإخلاء مستوطنات.

ويسعى نتنياهو إلى بلورة اتفاق مع الولايات المتحدة يتم من خلاله تعريف "حدود السيادة" للكيان الفلسطيني المستقبلي، من خلال منع هذا الكيان من إقامة جيش والارتباط بتحالفات واتفاقيات عسكرية، وأن تستمر إسرائيل في مراقبة الحدود الخارجية والمجال الجوي والمجال الألكترومعناطيسي. ولفت بن ورافيد إلى أن أولمرت حاول الحصول على ضمانات مشابهة من إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، لكنه لم ينجح في ذلك، رغم انه اقترح انسحابا من الغالبية العظمى من أراضي الضفة الغربية. من جهته، يولي نتنياهو أهمية بالغة لضمانات أمنية يحصل عليها من الولايات المتحدة، وهو مقتنع بأن احتمالات حصوله عليها ستكون أفضل من سابقه.

وفيما يتعلق بالمطلب الفلسطيني والأميركي بتجميد النشاط الاستيطاني وإخلاء بؤر استيطانية عشوائية، فإن نتنياهو يعتزم طرح هذا الموضوع على حكومته ليتم حسمها، بينما هو سيعلن موقفه فقط عشية سفره على واشنطن. ويعتزم نتنياهو أيضا، تشكيل لجنة وزارية برئاسته للعمل على تطوير الاقتصاد الفلسطيني.

وعلى الصعيد الإقليمي يعتبر نتنياهو أن باكستان وإيران تشكلان الخطر الأكبر الماثل أمام العالم وحتى أنهما أخطر من الأزمة الاقتصادية العالمية. لكنه يرى أن "الخطر الإيراني" يوفر لإسرائيل فرصة سياسية غير مسبوقة، وهي أنه للمرة الأولى منذ العام 1920 تشارك دول عربية مثل السعودية ومصر والأردن إسرائيل التقييم ذاته للوضع الإستراتيجي. وقال بن ورافيد أن نتنياهو يريد تجنيد هذه الدول العربية لعملية سياسية ودفع تعاون علني وسري وإقامة علاقات مع دوائر واسعة في العالم العربي. ويعتقد نتنياهو أن "توسيع الكعكة" التي بين إسرائيل والفلسطينيين، بمساعدة إشراك مصر والأردن في اتفاقيات أمنية واقتصادية إنما ستعزز احتمال تحقيق اتفاق مستقر.

وأشار الكاتبان إلى أن نتنياهو ليس متحمسا لقناة التفاوض مع سورية. ورغم أنه مستعد لاستئناف المفاوضات، إلا أنها يجب أن تكون "بدون شروط مسبقة" ويرفض الطلب السوري بأن تلتزم إسرائيل مسبقا بالانسحاب من هضبة الجولان. وبالنسبة لنتنياهو فإن الموقف الذي أعلن عنه خلال المعركة الانتخابية، بأنه "لن ننسحب من الجولان"، ما زال على حاله.

ويرفض نتنياهو التقديرات حول احتمال حدوث مواجهة بين حكومة إسرائيل وإدارة أوباما. ويرى أن أوباما هو زعيم براغماتي وسياسي موهوب جدا، وسيتفهم ضرورات إدارة الحكم. وليس لدى نتنياهو شكا بأنه سينجح بالتوصل إلى تفاهمات وتعاون مع أوباما.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, باراك, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات