كتب بلال ضـاهر:
صادق وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، على إقامة حي استيطاني جديد ومزرعة بالقرب من مستوطنة "إفرات" الواقعة جنوبي مدينة بيت لحم. وذكرت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين، أن مخطط هذا الحي يشمل بناء 500 وحدة سكنية وأنه تمت المصادقة على إقامته منذ سنوات التسعين وما يجري حاليا هو تنفيذ أول مرحلة منه (اقرأ خبرًا منفردًا في مكان آخر).
حول هذا الموضوع ومواضيع أخرى أجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية مع رئيسة دائرة متابعة الاستيطان في حركة "السلام الآن"، حاغيت عوفران.
(*) "المشهد الإسرائيلي": في الوقت الذي يتحدثون فيه عن معارضة أميركية وأوروبية للبناء في المستوطنات، ويطالب الفلسطينيون بوقف البناء الاستيطاني ليتسنى استئناف المفاوضات، تسرّع حكومة إسرائيل أعمال البناء في المستوطنات، وحتى أنها تقيم مستوطنات وأحياء استيطانية جديدة. ما هي الرسالة التي تبثها حكومة إسرائيل من خلال هذه الأنشطة الاستيطانية؟
عوفران: "لأسفنا الشديد فإن حكومة إسرائيل تقول، عمليا، للعالم وللفلسطينيين وللجمهور الإسرائيلي إن وجهة هذه الحكومة ليست نحو السلام وإنما نحو الاستيطان. فإذا كانت تبني في المستوطنات فإن هذا يعني أنها لا تريد التوصل إلى حل الدولتين للشعبين. ولأسفنا أيضا فإن حكومة بنيامين نتنياهو تنفذ ذلك بقوة كبيرة جدا".
(*) هل تؤثر الأحداث في العالم العربي على السياسة الاستيطانية لحكومة إسرائيل؟
عوفران: "لا أعرف ما إذا كان لهذا الأمر تأثير. وأعتقد أن حكومة نتنياهو تريد البناء في المستوطنات. وإذا توفرت لديها فرصة للقيام بأعمال بناء أوسع فإنها ستستغلها. ويبدو، الآن، أن أنظار المجتمع الدولي ليست مركزة على ما يجري في إسرائيل والمستوطنات، وإنما يبدو كما لو أنهم في المجتمع الدولي يئسوا من احتمالات التوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين،ولذلك فإنهم لا يمارسون ضغوطا كبيرة على إسرائيل، وعليه فإن حكومة نتنياهو تسمح لنفسها بتنفيذ أمور لم تسمح لنفسها بتنفيذها في الماضي".
(*) هل تحول وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إلى أداة في يد حكومة اليمين لتطبيق السياسة الاستيطانية، أم أن هذه هي أفكاره وينفذها طوال الوقت؟
عوفران: "إيهود باراك ينفذ بنفسه سياسة الاستيطان، وهو ليس أداة بيدهم، وإنما هو نفسه شريك مركزي في سياسة الاستيطان، وهذا ما تعكسه حقيقة أنه لا يخلي البناء غير القانوني [الإسرائيليون يعتبرون أن البناء الاستيطاني بدون مصادقة الحكومة هو "بناء غير قانوني"، علما أن المشروع الاستيطاني برمته هو مشروع غير قانوني وفقا للقانوني الدولي]. وعمليا، فإن ما فعله ويفعله باراك في العقد الأخير [منذ توليه رئاسة الحكومة بين الأعوام 1999 و2001] هو منع التوصل إلى سلام وليس دفع السلام قدما".
(*) تعمل حكومة إسرائيل حاليا على تشريع البناء الاستيطاني، الذي يوصف بأنه "غير قانوني". هل هذا يعني أنه سيتم تشريع البؤر الاستيطانية العشوائية المقامة في عمق الضفة الغربية؟
عوفران: "لا أعرف ما إذا كان سيتم تشريع كافة البؤر الاستيطانية العشوائية، لكن هذه الحكومة تعمل على شرعنة عدة بؤر استيطانية. وهذا يعني عمليا أنها تصادق على إقامة مستوطنات جديدة. وهذا هو الأمر المهم. ومن الجائز أنه في حال الالتماس إلى المحكمة العليا ضد بؤرة استيطانية، فإنه لن تكون لديهم مصلحة في تشريعها رسميا، لكنها ستبقى موجودة من غير المصادقة عليها. أي أن المحكمة تمارس ضغطا على الحكومة في هذه الحالة. وهذه ليست الحال بالنسبة لغالبية البؤر الاستيطانية".
(*) اعتبر الجدار الفاصل في الماضي على أنه "عائق أمني"، وأحيانا اعتبره الإسرائيليون الحدود الشرقية لإسرائيل. لكن إسرائيل تنفذ حاليا أعمال بناء واسعة النطاق شرقي الجدار. ما هي مكانة الجدار الفاصل الآن؟
عوفران: "الحقيقة هي أن الجدار لا يؤدي، اليوم، دورا سياسيا. وكانت هناك محاولات في إسرائيل لرسم حدود من الناحية النفسية من خلال الجدار، لكن من الناحية الفعلية نشهد أن البناء [الاستيطاني] جارٍ في جانبي الجدار. كما أن هناك عدة مقاطع من الجدار لم يتم بناؤها. ولذلك فإني لا أعتقد أنه يوجد الآن أي دور أو مهمة للجدار، وكل المفاوضات التي جرت في الماضي والتي قد تجري في المستقبل لا تتعامل مع الجدار".
(*) أفادت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين، بأن نتنياهو يؤيد ما يسمى بـ "قانون المساجد"، الذي يهدف إلى خفض صوت الآذان في المساجد، وحتى أنه دعا نواب حزبه إلى تأييد القانون لدى طرحه للتصويت في الكنيست. في حال تم سن قانون كهذا، هل يتوقع أن يسري على المساجد في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وخفض صوت الآذان في المسجد الأقصى مثلا؟
عوفران: "الحقيقة هي أن القوانين السارية في إسرائيل تسري على القدس الشرقية أيضا، لأن إسرائيل تتعامل مع القدس الشرقية على أنها جزء من إسرائيل. لكني لا أعرف كيف ستسير الأمور بالنسبة للضفة الغربية".
(*) هل "دائرة أراضي إسرائيل" مسؤولة عن أراض مصادرة في الضفة الغربية، إذ أن هذه الدائرة صادقت مؤخرا على تخصيص أراض لمستوطنة "إفرات" وتوسيعها لتصل إلى مشارف بيت لحم.
عوفران: "هذه ليست بالضبط دائرة أراضي إسرائيل التي صادقت على تخصيص الأراضي لإفرات. ودائرة أراضي إسرائيل هي المسؤولة عن نشر المناقصات بخصوص البناء في هذه الأراضي لكن من الناحية الفعلية هناك دائرة تابعة للإدارة المدنية [التابعة للجيش الإسرائيلي] وهي المسؤولة عن هذه الأراضي [المصادرة] في الضفة، واسم هذه الدائرة هو ’القيم على الأملاك الحكومية والمتروكة’. وهذه الدائرة تعمل كدائرة أراضي إسرائيل داخل الجيش الإسرائيلي ومسؤولة عن الأراضي في الضفة، كما أن هذه الدائرة تعمل بمساعدة وتنسيق مع دائرة أراضي إسرائيل. وهذا الوضع مشابه لعمل دائرة مسؤولة عن البيئة تابعة للإدارة المدنية وتعمل بالتعاون والتنسيق مع وزارة حماية البيئة الإسرائيلية".
(*) كيف تواجهون في "السلام الآن" القوانين المعادية للديمقراطية التي يسنها الكنيست وخصوصا القوانين الرامية إلى تقييد نشاط منظمات حقوق الإنسان؟
عوفران: "القوانين ضد منظمات حقوق الإنسان هي جزء من هجمة جدية للغاية على حرية التعبير عن الرأي، وها نحن نشهد الآن هجمة على حرية العبادة المتمثلة بـ ’قانون المساجد’. ونحن نناضل ضد هذه الهجمة بواسطة تنظيم مظاهرات، وقد نظمنا عدة مظاهرات كبيرة في تل أبيب شارك فيها آلاف الأشخاص. كذلك نحن نواجه هذه الهجمة من خلال وسائل الإعلام. وسوف نواصل هذا النضال من خلال ممارسة ضغوط على الحكومة أيضا خصوصا وأن نسبة كبيرة بين الجمهور في إسرائيل تعارض تقييد الحريات".
(*) أنت شخصيا تتعرضين لتهديدات من جانب المستوطنين واليمين المتطرف بسبب نشاطك في "السلام الآن". كيف تواجهين هذه التهديدات على حياتك؟
عوفران: "ليس لطيفا أن تكون مهددا، لكن هذه التهديدات لا تمنعني من الاستمرار في عملي. وأنا لا أشعر بالخوف. وحتى أنه، بشكل متناقض، هناك الكثير من الأشخاص الذين يتصلون بي ويؤكدون دعمهم لي ويقدرون ما أقوم به. وعموما نحن نشعر أن التهجمات ضد نشاطنا تشجعنا على الاستمرار بعملنا، لأنه تزايد عدد الأشخاص الذين يتعاطفون ويتماثلون معنا".
(*) هناك شعور بأن المستوطنين هم مخزون أصوات لصالح أحزاب التحالف اليميني الحالي في إسرائيل. هل يوجد لهذا تأثير على أداء حكومة إسرائيل الحالية؟
عوفران: "المستوطنون يشكلون 4% من السكان في إسرائيل. وحتى لو صوت جميع المستوطنين لأحزاب اليمين فإنهم لن يحددوا طبيعة الحكومة في إسرائيل. لكن يوجد تأثير كبير للمستوطنين على أحزاب اليمين، ومثال على ذلك حزب الليكود الحاكم. فقد انضم عدد كبير من المستوطنين إلى الليكود. كذلك فإن أعضاء الكنيست في الليكود يتقربون من المستوطنين كي يحصلوا على دعمهم في الانتخابات الداخلية في هذا الحزب".