بدأ نائب سكرتير الكنيست، ناظم بدر، في مطلع شهر كانون الأول الحالي، مهام منصبه الجديد في داخل الهيئة العامة، ليكون بذلك أول عربي يتبوأ هذا المنصب الإداري البرلماني الرفيع في تاريخ إسرائيل، علما أن جهاز الكنيست الإداري يضم عربيين اثنين من بين مئات الموظفين.
يعتبر بدر أقدم البرلمانيين العرب، فقد شغل على مدار السنوات الثماني والعشرين الماضية منصب مدير كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ومع مرور السنوات اعتبر أحد المراجع المركزية في الكنيست في شؤون التنظيم والدستور، وكان يقدم الإرشادات للكثير من مديري الكتل البرلمانية من اليهود والعرب.
ويتطلب هذا المنصب الإداري الرفيع كفاءات عالية في معرفة تفاصيل العمل البرلماني، وله أهميته القصوى في النشاط البرلماني في جميع مجالاته.
وكان بدر (52 عاما) نشيطا في لجان الطلاب الجامعيين العرب في الجامعات الإسرائيلية في سنوات السبعين، وحتى فوزه بالعطاء كان عضوا في المكتب التنفيذي للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وسكرتاريا الجبهة، وبموجب القانون فقد اعتزل الحياة الحزبية.
ما هو منصب سكرتير الكنيست وبالتالي نائبه؟
منصب سكرتير الكنيست هو بمثابة مدير عام الكنيست، لكن بسبب طبيعة العمل البرلماني، وكون أن جانبا أساسيا من عمله يتعلق بالعمل البرلماني عينيا، فقد أطلق عليه اسم سكرتير، ومن مهامه الأساسية مواكبة عمل الهيئة العامة للكنيست، وتقديم الإرشادات التنظيمية والدستورية لرئيس الكنيست ونوابه، وما ينطبق على سكرتير الكنيست يسري أيضا على نوابه.
معنى ذلك أن مهمة سكرتير الكنيست ونوابه هي نجاح العمل البرلماني وزيادة نجاعته، ولهذا فإن مجمل الطاقم الإداري في الكنيست خاضع للسكرتير ونوابه من خلال توزيع المسؤوليات، ليكون هذا المنصب أشبه بهيئة رقابة عليا على السلطة التشريعية.
كيف يتم اختيار سكرتير الكنيست ونوابه؟
بالنسبة للسكرتير هناك قانون خاص لانتخابه من قبل هيئة رئاسة الكنيست التي تضم رئيس الكنيست ونوابه، وبالإمكان اختياره إما من جهاز العاملين في الكنيست أو من خارج الكنيست كليا، أما نواب السكرتير، وهم بالأساس نائبان ولفترة محدود سيكون في هذه المرحلة ثلاثة نواب، فتنشر الكنيست أولا عطاء موجهًا للعاملين في الكنيست، وإذا لم تجد لجنة العطاءات من بإمكانه أن يفي بشروط المنصب، يتم نشر عطاء للجمهور العام، وحينها بإمكان كل من يرى في نفسه الكفاءة التقدّم للعطاء.
ومن ثم على المرشحين اجتياز امتحانات في الإدارة والبسيخومتري (الذكاء)، ومن يجتاز الامتحانات يخضع لمقابلة مع لجنة عطاءات خاصة، وهي التي تقرر من فاز بالمنصب.
بمعنى أن منصب السكرتير خاضع لاعتبارات ليست مهنية فقط، بينما اختيار نائب السكرتير يتم وفق مقاييس مهنية محددة.
يذكر أن رئيس الكنيست الحالي، رؤوفين ريفلين، قرر تطبيق قانون التمثيل الملائم للعرب في المؤسسات الرسمية والمناصب الإدارية، أيضا على الجهاز الإداري في الكنيست، وقرر تخصيص هذا العطاء للعرب، وهذا فسح المجال أمام بدر وأمام غيره للتقدّم للعطاء.
استقبال حار
لم يكن انتخاب بدر حدثا عاديا في أروقة الكنيست، فهو الشخصية المعروفة لدى كافة الموظفين والجهاز البرلماني، واستقبل بحرارة من قبل زملائه، وقد وصلت هذه الحرارة الى منصة الكنيست، حيث قدم النواب الذي اعتلوا المنصة على مدى يومين تحياتهم الحارة لبدر، وخاصة أولئك القدامى من بين النواب.
وكان رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين قد افتتح الجلسة الأسبوعية، في الأسبوع الماضي، بالترحيب ببدر. وقال: نرحب بنائب سكرتير الكنيست الجديد، ابن البيت (الكنيست) الذي يعمل فيه منذ 28 عاما، سكرتيرًا لإحدى الكتل البرلمانية، وهو أقدم موظف جمهور في الكنيست يصل إلى هذا المنصب بالإضافة إلى كونه أول عربي يصل الى هذا المنصب. وأضاف: أعتقد أنه من المهم أن يلتزم الكنيست التي أقر قانونا يلزمنا بسياسة تفضيلية بهذا القانون، وعلى الصعيد الشخصي فأنا سعيد بهذا التعيين لأنني أعرف ناظم منذ أن أصبحت عضوا في الكنيست في العام 1988، إن علمه ومعرفته وخبرته بكل تفصيل دقيق في نظام الكنيست سيجعلنا متأكدين من أننا حظينا بشخص مهني على مستوى عال، وسنستفيد جميعا من مهنيته.
وتوالى على تقديم التهاني النواب طلب الصانع وجدعون ساعر، رئيس كتلة الليكود ودافيد طال وعبد المالك دهامشة، وتوجه عدد كبير من النواب الى المنصة لمصافحة ومعانقة بدر.
وخصّ النائب محمد بركة، رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير، كلمته لتهنئة بدر. وقال: لم أكن أول المهنئين من على منصة الكنيست وكان هذا بقصد، فقد سبقني نواب من مختلف الكتل، ومنهم من هو في الكنيست قبلي بسنوات طوال وعرفوا عمل ناظم بدر البرلماني، لكن في تهنئتي شيء من الأسف، كون أن كتلتي خسرت مديرها المهني المميز، بعد 28 عاما من عمله فيها، وأثبت أنه من أكثر الخبراء في العمل البرلماني المتنور والسليم.
وأثنى بركة على موقف رئيس الكنيست ريفلين، الذي أصر على تخصيص منصب نائب سكرتير الكنيست الجديد لموظف عربي، من باب تطبيق التمييز التفضيلي. وقال إن هذه الخطوة يجب أن تنعكس في كافة المرافق والمؤسسات العامة، بحيث يجري استيعاب العرب من ذوي المؤهلات العالية، في محاولة لإصلاح غبن متواصل منذ عشرات السنوات.
وفي تحيته قال النائب أحمد طيبي إن القليلين هنا رافقوا عمل بدر طوال 28 عاما، وإن الكثيرين في الكنيست وخارجها يعترفون لبدر بمؤهلاته وقدراته، وأنا أيضا أشعر بالأسف لمغادرة بدر عمل الكتلة، لكن بنفس الوقت أشعر بالاعتزاز أن مهنيا مثل بدر يصل الى هذا المنصب الرفيع الذي يستحقه ويغنيه. وحيا طيبي رئيس الكنيست على موقفه، على الرغم من اختلافات الرأي السياسية معه، كما حيا مديرة الكتلة الجديدة داليا بيكر، التي تولت إدارة كتلة الجبهة والعربية للتغيير خلفا لبدر.
وتلاه النائب حاييم أورون، الذي رحب بحرارة بناظم بدر. وقال إنني انضم الى تحية النائب بركة، ولا شك أنه بالإمكان قول الكثير عن ناظم واستقامته ومهنيته العالية.