قالت صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء – 13.10.2009، إن الولايات المتحدة مررت رسالة إلى مصر قالت فيها إنها تتحفظ من توقيع اتفاق مصالحة فلسطينية بين حركتي فتح وحماس وفقا لصيغة اتفاق المصالحة وتوقيته الحالي. وأضافت الصحيفة أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل التقى مع وزير المخابرات المصرية عمر سليمان وأبلغه بأن الولايات المتحدة لن تؤيد اتفاق المصالحة الذي لا يتلاءم مع شروط الرباعية الدولية التي تطالب حماس بالاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة ونبذ العنف.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أميركي قوله إن الولايات المتحدة تتوقع من أية حكومة فلسطينية وجميع الوزراء الذين ستضمهم حكومة كهذه أن يوافقوا على شروط الرباعية الدولية. ووفقا لهآرتس فقد وصف ميتشل اتفاق المصالحة الفلسطيني الذي توسطت مصر فيه بأنه "سيء" وأن التوقيع عليه الآن سيمس باحتمالات استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ويذكر أن التقديرات في إسرائيل تؤكد على عدم استئناف مفاوضات كهذه قريبا بسبب تباعد مواقف الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وترفض إسرائيل مطلب الفلسطينيين بتجميد مطلق لأعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية وأن تستند المفاوضات إلى مبدأ انسحاب إسرائيل لحدود العام 1967. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد كرر خلال خطاب ألقاه في الكنيست أمس تأكيده على رفضه استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وفقا لمطالب الأخيرين التي وصفها بالشروط المسبقة لكنه في المقابل وضع شرطا مسبقا أمام الفلسطينيين يتمثل باعترافهم بيهودية إسرائيل.
ويذكر أن حماس أعلنت أنها لن توقع على اتفاق المصالحة الذي كان مقررا أن يتم في 26 تشرين الأول الحالي وذلك على خلفية قرار السلطة الفلسطينية بسحب مشروع قرار في مجلس حقوق الإنسان في جنيف بالتصويت على تبني تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون. وأعلنت السلطة الفلسطينية في نهاية الأسبوع الماضي أنها تعتزم إعادة طرح مشروع القرار على مجلس حقوق الإنسان لتبني تقرير غولدستون في الأيام المقبلة.
وقال نتنياهو خلال اجتماع كتلة حزب الليكود في الكنيست، أمس، إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستزور إسرائيل في نهاية الشهر الحالي أو بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وكان ميتشل قد أجرى الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الحالي محادثات مكثفة مع القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية في محاولة للدفع باتجاه استئناف المفاوضات لكنه لم ينجح في مهمته بسبب تباعد المواقف بين الجانبين. ويتوقع أن يتوجه مبعوثا نتنياهو إلى المحادثات مع الأميركيين حول استئناف المفاوضات يتسحاق مولخو ومايك هرتسوغ إلى واشنطن لمتابعة المحادثات خلال الأسبوع الحالي.
نتنياهو: لن نسمح بوصول أولمرت وليفني وباراك إلى لاهاي
وشدد نتنياهو خلال خطاب في الكنيست بمناسبة افتتاح دورته الشتوية، أمس، على أن حكومته لن تسمح بأن تتم محاكمة سلفه ايهود أولمرت ووزير الدفاع السابق والحالي ايهود باراك ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني بتهمة ارتكاب جرائم حرب كونهم اتخذوا القرار بشن الحرب على غزة. وقال نتنياهو "لن نسمح بأن يصل ايهود أولمرت وتسيبي ليفني وايهود باراك، الذين أرسلوا أبناءنا إلى الحرب، إلى المحكمة الدولية في لاهاي".
وهاجم بشدة تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون وقال إن "قادة إسرائيل وقادة وجنود الجيش الإسرائيلي يظهرون في هذا التقرير كمجرمي حرب لكن الحقيقة عكس ذلك تماما". وأضاف أن "قيادة إسرائيل وجيشها هم أولئك الذين خرجوا للدفاع عن مواطني إسرائيل أمام مجرمي الحرب وأي مجرمي حرب" في إشارة على حركة حماس على خلفية إطلاقها صواريخ باتجاه جنوب إسرائيل وأسر الجندي غلعاد شاليط.
وتطرق نتنياهو إلى العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وكرر مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل "كدولة يهودية". وقال إن "الحق بدولة يهودية والحق بالدفاع عن النفس هما اثنان من أسس وجود شعبنا، وكلا الحقين مندمجان ببعضهما، وبدون دولة خاصة بنا لا يمكننا الدفاع عن أنفسنا ومن دون القدرة على الدفاع عن أنفسنا لا يمكننا الدفاع عن الدولة".
واضاف أن "هذه الحقوق الأساسية لشعب إسرائيل تتعرض لهجمة مستمرة ومتصاعدة جدا في أعقاب حرب لبنان الثانية وعملية الرصاص المسكوب (أي الحرب على غزة) ومهمتنا الأولى هي صد هذه الهجمة".
وعاد نتنياهو إلى مهاجمة تقرير غولدستون قائلا أن "هذا التقرير الغبي الذي كتبته لجنة، هذه اللجنة الغبية يقوض مجرد حق إسرائيل بالدفاع عن النفس ويشجع الإرهاب ويشكل خطرا على السلام وبودي أن أوضح هنا ان إسرائيل لن تخاطر أبدا من أجل السلام إذا لم تكن قادرة على الدفاع عن نفسها". وقال "إننا مستعدون للعمل بكد من أجل السلام" وكرر أنه "من دون الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة اليهود فإنه ببساطة لا يمكننا التوصل إلى سلام، وهذه ساعة زعماء الدول العربية في المنطقة للقول إلى شعوبهم الحقيقة بأن دولة إسرائيل ليست عدوة الإسلام".
وفيما يتعلق بالموضوع الإيراني قال نتنياهو إن البرنامج النووي الإيراني موجود في راس سلم أولويات إسرائيل وانه "في الشهور الأخيرة تم الكشف عن الوجه الحقيقي لنظام الاستبداد الإيراني الذي يدعم الإرهاب ويبني المنشآت السرية لصنع سلاح نووي".
ورأى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، خلال خطاب ألقاه أمام الكنيست أن تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين أفضل من الاستمرار بعملية سياسية لا نهاية لها. وقال بيرس إن "الأفضل بالنسبة لنا أن يتم تحقيق السلام من عملية سياسية مستمرة ولا نهاية لها".
وأضاف أن "بناء دولة إسرائيل لم يكتمل طالما لم يتم استكمال عملية السلام، وليس لدينا شريكا للسلام من الناحية العاطفية والسلام الذي حققناه والذي سنحققه لن يكون رومانسيا ولن يأتي من محبة وإنما من الضرورة وليس هذا ما حلمنا به لكن هذا هو الموجود وكفانا عمليات سياسية وحان الوقت للاتفاقات".
وقال بيرس إن "الدورة الحالية للكنيست ستضطر إلى اتخاذ قرارات بعيدة الأمد خلال الشتاء المقبل... وفي الوضع الحالي علينا أن نختار بين إمكانيتين، أن نكون وحيدين ومعزولين في تحمل مسؤولية ما يحدث في المناطق (الفلسطينية) وفي مواجهة عداء وانتقادات متزايدة والمخاطرة بدولة ثنائية القومية بصورة فعلية أو الاستمرار في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية حتى التوصل إلى حل مقبول".
وأضاف إنه "ثمة حرب حتمية وثمة سلام حتمي، والسلام الحتمي أفضل بنظري، وأعتقد أن حل الدولتين للشعبين بات قناعة لدى الغالبية في دولة إسرائيل ولا يمكن التراجع عنه ولا يوجد اليوم حل بديل أفضل منه".
وهاجمت رئيسة حزب كديما والمعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، خلال خطابها في الكنيست نتنياهو واتهمته بأنه لم يحقق شيئا منذ توليه منصب رئاسة الحكومة في مطلع نيسان الماضي وخصوصا في الموضوع الفلسطيني. وقالت ليفني إن "رئيس حكومة إسرائيل يستحق التهنئة، فقد مرت تسعة شهور منذ تشكيل الحكومة وقد حققت غايتها الأساسية وهي أن تبقى، وهذا هو الانجاز المركزي لحكومة إسرائيل، والانجاز الثاني هو أنك نجحت كرئيس حكومة ألا تفعل شيئا ولا نصف شيء". وأضافت أن "الحكومة بحاجة إلى رؤية والرؤيا التي تسوقها لشعب إسرائيل هي ألا نكون غشماء. (وكأن هذه هي) الصهيونية بأفضل صورها".
ومضت ليفني تنتقد نتنياهو على خلفية الجمود السياسي مع الفلسطينيين وقالت "لقد حولت إسرائيل الموجودة في الزاوية وتفقد كل يوم مواقع من التأييد والتفهم، لكن من يعدّ هذه المواقع؟ لقد نجحت في التغلب على رئيس الولايات المتحدة (باراك أوباما)، أكبر صديقة لإسرائيل، ونجحت في إذلال الشريك الوحيد لاتفاق سلام المتوفر لإسرائيل أو باختصار: تغلبنا على أمريكا وأذللنا الفلسطينيين وعزلنا أنفسنا".
وأضافت مخاطبة نتنياهو "ارفع رأسك عن سياسة الكراسي الصغيرة وانظر ماذا حدث، انظر كيف أن إسرائيل منبوذة، اليوم تركيا وبالأمس بريطانيا وقبلهما أوروبا" في إشارة إلى الأزمة بين إسرائيل وتركيا التي انعكست في إلغاء تركيا مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي بمناورات جوية وتلميح سفير بريطانيا في الأمم المتحدة جون ساورس بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة والأزمة بين إسرائيل وبين السويد والنرويج.
وتوقفت ليفني عند الموضوع الفلسطيني وطالبت نتنياهو بأن "توجه إلى شعب إسرائيل وقل له إن هذه هي ساعة الحسم بين دولة يهودية ودولة جميع مواطنيها مع أغلبية فلسطينية صلبة بين البحر والنهر، وأن سيتم الحفاظ على الدولة اليهودية فقط من خلال اتفاق على دولتين قوميتين".
وأضافت أن "أي طريق أخرى ستقود إلى دولة واحدة مختلفة بين البحر والنهر ولن تكون دولة يهودية، لكن حكومتك تحاول إهدار الوقت والهروب بذعر من الحسم، وساعة الوقت تدق".
وحول التسوية الإقليمية مع الفلسطينيين قال ليفني إنه "ثمن هذا الحسم صعب بالنسبة لي أيضا" في إشارة على الانسحاب من الضفة الغربية "لكن الثمن في البدائل الأخرى كلها أسوأ بكثير".
واتهمت ليفني نتنياهو بأنه فضح قرار السلطة الفلسطينية بسحب التصويت على مشروع قرار في مجلس حقوق الإنسان في جنيف لتبني تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة بعد أن مارست الولايات المتحدة ضغوطا على السلطة.
وأردفت "إسرائيل برئاستك كانت ملزمة بإبلاغ الأصدقاء وأن تذل الفلسطينيين وعمليا عاد التقرير إلى الطاولة وإذا كان المس بالفلسطينيين وإذلال ابو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) تسبب لك الراحة فإن هذا الأمر يدل على أنك ما زلت في ملعب ’ليس لدينا شريك’ ولم تنتقل إلى ملعب المفاوضات الحقيقية".
ودعت ليفني نتنياهو إلى تأييد مشروع قانون تغيير طريقة الانتخابات بحيث يصبح انتخاب رئيس الوزراء مباشرا.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, هآرتس, باراك, كديما, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو