المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ذكرت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة – 14.8.2009، أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل، خلال الأسبوع الأخير، بأن دولتي قطر وعُمان مستعدتان لاستئناف العلاقات مع إسرائيل شريطة أن توافق الأخيرة على تجميد أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. وذكرت صحيفة هآرتس أن إسرائيل لم تعط ردا إيجابيا للولايات المتحدة حول تجميد مؤقت للاستيطان حتى الآن، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، سيناقش هذا الموضوع مع المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، خلال لقائهما في لندن في 26 آب الحالي.

ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إنه "ليس مؤكدا أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال اللقاء القريب مع ميتشل، وربما ستكون هناك حاجة لعقد لقاء آخر قبل افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة" في 22 أيلول المقبل. وبحسب الصحيفة فإن نتنياهو مهتم بأن يعلن عن اتفاق لتجميد الاستيطان بصورة مؤقتة خلال لقاء مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على هامش افتتاح الجمعية العامة.

لكن صحيفة يديعوت أحرونوت أفادت بأن الخلاف بين الإدارة الأميركية وحكومة إسرائيل حول تجميد الاستيطان يتمحور حول فترة تجميد الاستيطان، حيث تطالب الإدارة الأميركية بأن تكون المدة سنتين فيما أعرب نتنياهو عن استعداده لتجميد الاستيطان لثلاثة شهور. وبسبب ذلك يرفض الأميركيون طلبا إسرائيليا بعقد لقاء بين أوباما ونتنياهو.

وقالت يديعوت أحرونوت إن مفاوضات سرية جارية في الأسابيع الأخيرة بين مسؤولين في الإدارة الأميركيين ومندوبين عن حكومة إسرائيل في محاولة إلى التوصل إلى معادلة متفق عليها فيما يتعلق بتجميد الاستيطان. وأضافت الصحيفة أنه يظهر من "أوراق موقف"، تم إعدادها وتوزيعها على صناع القرار في إسرائيل، عشية لقاء نتنياهو – ميتشل، أن الأمور تسير باتجاه "صفقة مستوطنات" جار بلورتها بين إسرائيل والولايات المتحدة. وفي هذا السياق سيتوجه مستشار نتنياهو، المحامي يتسحاق مولخو، إلى الولايات المتحدة للقاء ميتشل. وأظهرت "أوراق الموقف" أن الولايات المتحدة تريد أن تتعهد إسرائيل بوقف أعمال البناء في المستوطنات خلال السنتين المقبلتين انطلاقا من فرضية أنه خلال هذه الفترة ستجري مفاوضات حول الحل الدائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

لكن نتنياهو يرفض هذا المطلب الأميركي ويتحدث عن إرجاء أعمال البناء لمدة ثلاثة شهور فقط، وأن يتم في نهايتها الإعلان عن "نقطة انطلاق"، تقضي بأنه في حال لم ينفذ الجانب العربي بوادر نية حسنة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل السماح لطائرات مدنية إسرائيلية بالعبور في الأجواء السعودية وفتح ممثليات تجارية لدول عربية في إسرائيل وبالعكس، فإنه سيكون من حق إسرائيل التراجع عن التفاهمات مع الولايات المتحدة واستئناف أعمال البناء في المستوطنات، بينما ترفض الولايات المتحدة إقران التفاهمات بشروط.

وبحسب يديعوت أحرونوت فإن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، عبّر عن موافقته لتجميد أعمال البناء في المستوطنات لمدة نصف عام، لكن شريطة الاتفاق على مواصلة أعمال بناء 2000 وحدة سكنية تم البدء فيها. إضافة إلى ذلك فإن نتنياهو وباراك يطالبان الأميركيين بأن يتم صياغة كافة التفاهمات خطيا، خلافا لما هو متبع في العلاقات بين إسرائيل والإدارات الأميركية، وذلك، بحسب يديعوت أحرونوت، لأن إسرائيل تعلمت الدرس من عدم احترام إدارة أوباما تفاهمات، تزعم حكومة إسرائيل الحالية بأن حكومات سابقة توصلت إليها مع الإدارة الأميركية السابقة للرئيس جورج بوش. ويذكر أن إسرائيل تدعي أنه تم التفاهم بين الحكومات الإسرائيلية السابقة وإدارة بوش على عدم إقامة مستوطنات جديدة على أن يتم مواصلة البناء داخل الكتل الاستيطانية. من جانبها ترفض إدارة أوباما تفاهمات خطية من أجل ألا تظهر كمن توافق على أعمال بناء في المستوطنات المخالفة لكافة القرارات والقوانين الدولية.

ويسود خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة حول تعريف البؤر الاستيطانية والتي تعهد رئيسا الوزراء الإسرائيليان السابقان، أرييل شارون وايهود أولمرت، بإزالتها. إذ يتحدث باراك عن وجود نية بإزالة 26 بؤرة فيما يطالب الأميركيون بإزالة نحو أربعين بؤرة.

وقالت يديعوت أحرونوت إن وزراء إسرائيليون اطلعوا على تفاصيل الاتصالات مع الإدارة الأميركية يقدرون أنه سيتم الاتفاق في نهاية المطاف على "تجميد متقطع" للاستيطان لمدة نصف عام، وأن يتم مواصلة أعمال بناء وحدات سكنية تم الشروع بها، وأن الأحاديث عن "الخطة الكبرى" لأوباما ستصطدم بالواقع في الشرق الأوسط ولذلك ستضطر إدارة أوباما إلى الاكتفاء بالاتفاق على خطوات مقلصة من خطتها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "الخطوات التي تسعى إدارة أوباما لتنفيذها من أجل تحريك واستئناف المفاوضات بين إسرائيل وبين الفلسطينيين والدول العربية قد تم كبحها، حتى الآن على الأقل، لأن لا أحد من الأطراف، أي العرب ونتنياهو على حد سواء، لم يوفروا للأميركيين الأدوات التي من شأنها أن تمكنهم من استئناف العملية السياسية".

وتظلل الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل على العلاقات بين حكومة إسرائيل والبيت الأبيض الذي رفض عدة مطالب إسرائيلية بعقد لقاء بين أوباما ونتنياهو. لكن التوقعات تشير إلى أنه في حال ليّن نتنياهو موقفه فإن أوباما سيوافق على عقد لقاء معه على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات