ذكرت تقارير صحفية إسرائيلية، اليوم الأربعاء – 4.2.2009، أن رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، يريد أن يستمر رئيس حزب العمل ووزير الدفاع، ايهود باراك، في منصبه الحالي، في حال شكل الحكومة المقبلة، ومن الجهة الأخرى يدرس نتنياهو والليكود احتمال مهاجمة رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، على ضوء تخوفه من أن لدى الأخير الاستعداد للتوصل إلى تسويات مع الفلسطينيين تتمثل بموافقته على الانسحاب من معظم الضفة الغربية. ويرى نتنياهو أنه في حال شكلت رئيس حزب كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، الحكومة المقبلة فإن ليبرمان سينضم لحكومتها.
ورغم أن الانتخابات العامة الإسرائيلية ستجري يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل، العاشر من شباط الحالي، إلا أن التقارير تتحدث عن أن نتنياهو بدأ بتوزيع الحقائب الوزارية على شركاء محتملين في حكومة قد يترأسها. وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، بأن نتنياهو قال في خلال محادثات مغلقة إنه في حال يعتزم إيداع حقيبة الدفاع بأيدي باراك، في حال سمح وضع التحالف المقبل بذلك وفي حال موافقة العمل على الانضمام إلى حكومة برئاسته. وبحسب الصحيفة فإن نتنياهو يفضل باراك على جميع الشخصيات الأمنية المرشحة ضمن قائمة حزب الليكود، بمن فيهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعلون.
وكان نتنياهو قد عقد اجتماعا "شخصيا" مع باراك، أمس، قيل في ختامه إنه الحديث بين الرجلين تمحور حول الشؤون الأمنية. وقال نتنياهو بعد الاجتماع مع باراك إن "إزاء التحديات الأمنية الكبيرة التي تقف دولة إسرائيل أمامها، فإنه ينبغي تجنيد أفضل الأشخاص والأكثر تجربة وتأهيلا". وتجدر الإشارة إلى أن لدى باراك خبرة في الشؤون الأمنية ليس بصفته وزير الدفاع وحسب وإنما بسبب كونه رئيس أركان الجيش ورئيس حكومة سابق.
ولفت التقارير الصحفية كلها إلى أن نتنياهو قرر عدم مهاجمة باراك خلال المعركة الانتخابية الحالية، بل أنه امتدح أداءه خلال الحرب على غزة. وقال نتنياهو عن باراك أمام مقربين منه في هذا السياق إن "باراك يقوم بعمل جيد".
وعقبت مصادر في حزب كديما على ذلك بالقول إنه "اتضح التعاون بين بيبي (أي نتنياهو) وباراك من أجل تشكيل حكومة مشتركة. والاستنتاج هو أن من لا يصوت إلى تسيبي ليفني سيحصل على بيبي وشاس والبرتقاليين (أي أحزاب اليمين المتطرف) فيما سيشل باراك ورقة التين لهم".
من جهة أخرى، تفيد التقارير الإسرائيلية إلى أن نتنياهو ومستشاريه يبحثون في الحقيبة الوزارية التي سيتم منحها إلى ليبرمان. إذ لن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة مؤلفة من أحزاب الليكود والعمل وشاس فقط وإنما هو بحاجة إلى "إسرائيل بيتنا". وفي حال نتج عن الانتخابات العامة أن "إسرائيل بيتنا" أصبح الحزب الثالث وتفوق على العمل، وفق ما تتنبأ به بعض استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن التوقعات لدى المقربين من نتنياهو أن يطالب ليبرمان بحقيبة الدفاع، كونه سيكون الشريك الأكبر في حكومة كهذه. وبحسب يديعوت أحرونوت فإن نتنياهو لن يوافق على إيداع إحدى الحقائب الثلاث الكبيرة، الدفاع والمالية والخارجية، بأيدي ليبرمان، لأنه يريد الدفاع بأيدي باراك والمالية بأيدي الليكود وليس واردا بالحسبان تسليمه الخارجية. وقال أحد المقربين من نتنياهو إنه "واضح لبيبي أن ليبرمان لن يتمكن من تولي منصب وزير الخارجية، لأنه في هذه الحالة لن تكون هناك شرعية دولية لحكومة كهذه" على ضوء التصريحات المنفلتة والعنصرية التي يطلقها ليبرمان، خصوصا ضد الأقلية العربية في إسرائيل.
ويبدو أن نتنياهو سيقيم وزارة خاصة لليبرمان، على غرار الوزارة التي أقامها لأرييل شارون في حكومته السابقة، بين الأعوام 1996 و2000. وستكون هذه وزارة اقتصادية واسعة. وتجدر الإشارة إلى أن ليبرمان ممنوع من تولي وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي بسبب التحقيقات الجارية ضده حاليا بشبهة ارتكابه مخالفات جنائية.
من جهة أخرى وعلى ضوء تزايد قوة حزب "إسرائيل بيتنا" في استطلاعات الرأي، قالت صحيفة هآرتس، اليوم، إن الليكود يدرس إمكانية تغيير شكل حملته الانتخابية والبدء بمهاجمة ليبرمان. وسينتهج الليكود في هذه الحالة خطا دعائيا يعمل من خلاله على تحذير الناخبين اليمينيين من ليبرمان، وأنه سوف يدعم حكومة برئاسة ليفني وتعمل على التقدم باتجاه تسويات مع الفلسطينيين وفي القضايا الدينية اليهودية. وقدرت مصادر في الطاقم الإعلامي لليكود أن الحزب سيحسم في هذه المسألة خلال الأسبوع المقبل وقبل أيام قليلة من الانتخابات. ويعارض قياديون في الليكود هذا التوجه، ويرون إن هذا التوجه كان صحيحا عندما تحدثت استطلاعات الرأي عن احتمال حصول "إسرائيل بيتنا" على 14 مقعدا في الكنيست، وليس الآن حيث تتحدث بعض الاستطلاعات عن احتمال حصول "إسرائيل بيتنا" على 18 مقعدا. كذلك فإن قسما من مستشارين نتنياهو يرون أن مهاجمة ليبرمان ستؤدي إلى زيادة قوته.
ونقلت هآرتس عن مصادر في الليكود قولها إن ليبرمان ليس مستعدا للتعهد بأن يوصي بعد الانتخابات بتكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة، وأنه بذلك يترك الباب مفتوحا أمام احتمال انضمامه إلى حكومة برئاسة ليفني. وذكروا أن ليبرمان كان شريكا في حكومة برئاسة حزب كديما. كذلك فإن الضبابية التي ينتهجها ليبرمان تثير مخاوف نتنياهو، وخصوصا أن ليفني وكديما يمتنعان عن مهاجمة ليبرمان. كذلك يخشى نتنياهو من وجود اتفاق سري بين ليفني وليبرمان. وأعلنت ليفني في الأيام الماضية أنها لا ترفض انضمام "إسرائيل بيتنا" إلى حكومة برئاستها في حال وافق على خطوطها العريضة.
إضافة إلى ذلك فإن انضمام "إسرائيل بيتنا" إلى حكومة برئاسة ليفني من شأنها أن يجعل ليبرمان يحقق مكاسب لجمهور ناخبيه، الذي ينتمي بغالبيته إلى المهاجرين الروس واليمين العلماني. ويتوقع مستشارو نتنياهو أن توافق ليفني على مطالب يطرحها ليبرمان تتمثل بإقرار الزواج المدني وتغيير طريقة الحكم، وهما مطلبان يعارضهما حزب شاس بالمطلق. كذلك يرى مستشارو نتنياهو أن ليبرمان على مستعد لتسويات بعيدة المدى في المجال السياسي مثل نقل أحياء عربية في القدس الشرقية إلى السيادة الفلسطينية والانسحاب من معظم مناطق الضفة الغربية. ويدعو ليبرمان أيضا، في برنامجه السياسي المعلن، إلى سلخ مدن وقرى عربية داخل الخط الأخضر مع سكانها عن إسرائيل وتسليمها إلى السلطة الفلسطينية في إطار ما يصفه بأنه "تبادل أراض وسكان" وذلك مقابل ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل.
ونقلت هآرتس عن مقرب من نتنياهو قوله إن "ليبرمان يميني فقط في تصريحاته ضد عرب إسرائيل. لكن فيما يتعلق بالقضايا السياسية، فإن بإمكانه أن يجد نفسه في معسكر ليفني، مع شروط معينة. لذلك، فإنه إذا أدرك (المصوتون اليمينيون) أن ليبرمان ليس شريكا أوتوماتيكيا لليكود، فربما سيفكرون مرتين بتصويتهم وسيعودون إلينا".
ليبرمان كان عضوا في حركة "كاخ" بزعامة كهانا
كشفت صحيفة هآرتس على موقعها الالكتروني، أمس، عن أن ليبرمان كان عضوا في حركة "كاخ" التي تزعمها الحاخام مائير كهانا وتم إخراجها عن القانون. ونقلت هآرتس عن مدير عام حركة "كاخ" السابق، يوسي ديان، قوله إنه أصدر بطاقة عضوية في حركة "كاخ" لأفيغدور ليبرمان وكان في حينه مهاجرا جديدا وصل إسرائيل من مولدوفا. وأضاف ديان "لا أذكر إلى أي حد كان نشيطا في الحركة، لكن إذا نفى ذلك فإني مستعد للإدلاء بشهادة في أية هيئة بأن ليبرمان كان عضوا في حركة كاخ لفترة قصيرة".
وقال ناشط اليمين المتطرف، أفيغدور أسكين، إنه التقى بليبرمان لأول مرة في مكاتب حركة "كاخ" في القدس. وأضاف "أذكر هذا جيدا فقد وصلت إلى هناك (أي مكاتب كاخ) بعد يوم من وصولي إلى إسرائيل في العام 1979" وأنه التقى معه عدة مرات بعد ذلك وأن نشاط ليبرمان في حركة "كاخ" دام بضعة شهور. وتابع "لقد عرفني كهانا على شاب لطيف. وفكرت عندها إنه ليس ناشطا أيديولوجيا في كاخ، إلا إذا كان المقياس الوحيد لذلك هو أنك لا تحب العرب. وكما أذكر فإنه (أي ليبرمان) وزع منشورات الحركة على الخلية الطلابية الصغيرة في الجامعة العبرية (في القدس)".
وتعرض ليبرمان في الفترة الأخيرة لانتقادات شديدة من جانب سياسيين وصحفيين إسرائيليين وشبهه بعضهم بكهانا بسبب برنامجه السياسي الذي يدعو إلى سلخ مدن وقرى عربية داخل الخط الأخضر عن إسرائيل وتسليمها إلى السلطة الفلسطينية ومهاجمته أعضاء الكنيست العرب ومطالبة الأقلية العربية بالولاء لدولة إسرائيل كشرط لحصولهم على حقوق مدنية.
ورفض نشطاء سابقون في "كاخ" المقارنة بين ليبرمان وكهانا واعتبروا أن "ليبرمان هو تقليد بائس لكهانا". وقال ديان، الذي كان مقربا من كهانا لمدة عشر سنوات، إنه "ليس كل من يتحدث ضد العرب هو كهانا وبإمكان ليبرمان أن يأخذ عناصر من أفكار كهانا، لكن من أجل أن يكون مثل كهانا فإن هذه نظرية كاملة. ورغم ذلك فإني مسرور من أقواله لأنه من دون حل راديكالي لمشكلة العرب في إسرائيل لن يحدث شيئا جيدا هنا".
وعقب حزب "إسرائيل بيتنا" على خبر هآرتس بالقول "إننا لا نتعامل مع استفزازات مبادر لها من حيث توقيتها. ونجاح إسرائيل بيتنا أنتج لدى معارضينا كميات كبيرة من الأكاذيب والتشهير المختلق غير المسبوق في المؤسستين السياسية والإعلامية". واتهم "إسرائيل بيتنا" حزب شاس بالوقوف وراء النشر حول عضوية ليبرمان بحركة "كاخ" وأن "الانجاز البارز لإسرائيل بيتنا قبل الانتخابات العامة هو التحالف غير المقدس بين كاخ وشاس".
وطالب حزب العمل رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي إليعزر ريفلين، بإجراء تحقيق سريع في كشف هآرتس حول ليبرمان. وجاء في تعقيب العمل أن "ليبرمان هو فاشي وعنصري ويشكل خطرا على الديمقراطية في إسرائيل".
المصطلحات المستخدمة:
الخط الأخضر, يديعوت أحرونوت, هآرتس, باراك, كاخ, كديما, الليكود, الكنيست, بنيامين نتنياهو, موشيه يعلون