قال محللون عسكريون إسرائيليون، اليوم الأحد – 4.1.2009، إن هدف العملية العسكرية البرية التي بدأ الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة، مساء أمس، هو إدخال الفصائل الفلسطينية في القطاع "في حالة هلع" و"كسر روح حماس"، وبعد ذلك التوصل إلى وقف إطلاق. وإن لم يتحقق ذلك فإن الجيش الإسرائيلي سيوسع عمليات احتلال القطاع. وأصدر الناطق العسكري الإسرائيلي، أمس، بيانا قال فيه إن هدف العملية العسكرية البرية هو السيطرة على مناطق يتم إطلاق الصواريخ منها باتجاه جنوب إسرائيل.
من جهة ثانية قال بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، مساء أمس، إن "اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي، الكابينيت، اجتمعت أمس (الأول الجمعة) وتداولت في استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة". وأضاف البيان أنه "استمرارا لقرار سابق للجنة الوزارية من يوم 24.12.2008 وتم في إطاره المصادقة على طرق العمل التي أوصى بها الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن بشن عملية ضد حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى في غزة، قررت اللجنة إصدار تعليمات للجيش بمواصلة تنفيذ العملية العسكرية والانتقال للمرحلة الشاملة والدخول بريا إلى قطاع غزة". وتابع البيان الإسرائيلي أن "هدف العملية هو مواصلة دفع الغايات التي حددتها الحكومة للعملية العسكرية بمجملها بما في ذلك إلحاق ضربة شديدة بالقواعد الإرهابية لحماس وتغيير الواقع الأمني لسكان الجنوب لوقت طويل".
وأضاف البيان أن "قوات الجيش الإسرائيلي تعتزم السيطرة على مواقع إطلاق الصواريخ التي تم منها إطلاق صواريخ خلال الأسابيع والشهور الأخيرة وهي معظم الصواريخ التي سقطت في مدن سديروت وعسقلان وأسدود". وطالب الكابينيت الجيش الإسرائيلي "بالاستعداد لتنفيذ مراحل أخرى من العملية العسكرية". كذلك طالب الكابينيت الجيش "بالحفاظ على يقظة وتأهب في جبهات أخرى (الضفة الغربية ولبنان) ولهذا الغرض ينبغي تجنيد قوات احتياط بحجم عشرات آلاف الجنود".
من جانبه توقع وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، أن إسرائيل مقبلة على فترة صعبة وخصوصا بالنسبة لسكان جنوب إسرائيل، بعد شن العملية العسكرية البرية. وقال إن الجيش الإسرائيلي مستعد لمواجهة أي تطور عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.
وقال باراك في مؤتمر صحفي عقده في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، مساء أمس السبت، إن "العملية العسكرية البرية في غزة محفوفة بمخاطر على حياة المقاتلين (الإسرائيليين) وهذا لن يكون سهلا ولن يكون قصيرا ويتوقع أن يواجه سكان الجنوب أياما صعبة". وأضاف باراك "إننا نأمل بأن تبقى الجبهة الشمالية هادئة لكننا مستعدون ومتأهبون لكافة الاحتمالات". وتابع "إننا مستمرون وسنوسع العملية العسكرية ونعي جيدا حقيقة أن الحديث يدور عن خطوة مقرونة بتحديات وصعوبات وأيضا معارك ونحن نفعل ذلك إيمانا بأن هذا واجبنا ومسؤوليتنا تجاه مواطني الدولة الآن"
وقال باراك "قبل مدة وجيزة دخلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة في إطار عملية الرصاص المصبوب. وحتى الآن نجح الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو والاستخبارات ومعها قوات الأمن بإنزال ضربة شديدة على حماس. وفي بداية العملية العسكرية هاجمنا أكثر من 600 هدف تابع لحماس والمنظمات الإرهابية الأخرى وسقط حوالي 400 قتيل وأكثر من 2000 جريح. ومنذ بداية العملية العسكرية تم إطلاق أكثر من 400 صاروخ وقذيفة هاون باتجاه بيوت سكنية وغرف دراسية وروضات أطفال وتجمعات سكنية (في إسرائيل) وسقط 4 قتلى و25 جريحا".
واعتبر باراك إنه "حان الوقت للقيام بما ينبغي القيام به من أجل منح مواطنينا ما يستحقه كل مواطن في العالم وهو الهدوء والسكينة وإزالة، قدر المستطاع، تهديدات في المستقبل". وخلص باراك إلى القول "إننا في أوج صراع معقد لكننا محقون وموحدون وعازمون وسنخرج منه منتصرين".
وكتب المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، اليوم، أن التعليمات التي صدرت للقوات الإسرائيلية المتوغلة في القطاع هي "توجيه ضربات بكل القوة وإطلاق النار بكافة الوسائل بما في ذلك المدفعية... بهدف إدخال العدو في حالة هلع وجباية ثمن غال وأن تشكل هذه المرحلة أساسا لمرحلة مقبلة تتم خلالها السيطرة على أجزاء واسعة من القطاع". وأضاف أن "العملية العسكرية البرية مبنية من عدة مراحل وما يتم تنفيذه الآن هو المرحلة الأولى، المحدودة النطاق وتشارك فيها وحدات عسكرية نظامية فقط".
وقال فيشمان إن "المرحلة البرية الأولى يفترض أن تستمر بضعة أيام وبعدها تعود إسرائيل إلى التداول،، بوساطة دول العالم حول تفاصيل وقف إطلاق النار مع حماس. وسيكون في مركز المطلب الإسرائيلي أن تتوقف حماس عن إطلاق الصواريخ ووقف تسلحها وإقامة نظام دولي يحدد العقوبات على حماس إن لم تلتزم بهذه الشروط"، وبعد ذلك دفع حماس إلى التفاوض حول صفقة تبادل أسرى من أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع، غلعاد شليط. وأضاف أنه "إذا لم تحقق المرحلة البرية الأولى هذه النتائج فإن إسرائيل ستضطر إلى الانتقال إلى المرحلة البرية الثانية الذي لا يريد أحد الوصول إليها، حيث ستشمل إدخال فرق عسكرية من قوات الاحتياط وتوسيع احتلال غزة".
لكن فيشان أشار إلى احتمال أن تستدعي مشاهد الدمار والقتل، التي سيسببها الجيش الإسرائيلي في القطاع، المجتمع الدولي إلى التدخل ووقف الحرب وأن هذا الأمر قد يوقف العملية البرية الإسرائيلية. "وفي حال توقفت العملية العسكرية بعد 48 ساعة بسبب ضغط العالم فإن إسرائيل تكون قد جبت الثمن لكنها لم تحقق غايتها". وفيما يتعلق بالقوة المفرطة التي يعتزم الجيش الإسرائيلي استخدامها ضد الفلسطينيين خلال الحملة البرية قال فيشمان، المقرب من قيادة الجيش، إن التعليمات للقوات المتوغلة شملت أيضا "استخدام كل القوة المتوفرة وإطلاق النار بكافة الوسائل بما في ذلك المدفعية شرط أن يكون هناك حد أدنى من الإصابات في قواتنا، وسنواجه لاحقا الثمن الدولي في أعقاب الأضرار البيئية والعدد الكبير المتوقع من الإصابات بين الفلسطينيين".
وتابع فيشمان أن القصف المدفعي الذي بدأه الجيش الإسرائيلي أمس "لا يشكل انتقالا من المرحلة الجوية إلى المرحلة البرية فحسب، وإنما هو أحد العبر المستخلصة من حرب لبنان الثانية ومفادها أنه مهما فعلنا فإن العالم سيوجه انتقادات نحونا ولذلك فإن مسؤولية رئيس أركان الجيش هي نحو قواته قبل كل شيء، ومنذ اللحظة التي تم فيها اتخاذ قرار بالخروج للقتال وبدأ إطلاق النار فإنه لا يوجد أمامه أي اعتبار ليس مرتبطا بإنهاء المهمة بالحد الأدنى من المصابين بين قواتنا".
من جهة ثانية كتب المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، ومحلل الشؤون الفلسطينية، أفي سخاروف، إن "الجيش الإسرائيلي يقدر أن التوغل البري سيؤدي إلى حدوث تآكل حقيقي لدى قوات حماس النظامية كما يسعى الجيش إلى أن يجعل حماس تشعر بوجود خطر حقيقي على استمرار حكمها في القطاع".
من جهة ثانية لفت الكاتبان إلى أن "دخول القوات إلى القطاع سيسرع التحركات السياسية" حيث سيصل إسرائيل، اليوم، مندوبو الرباعية الدولية بهدف التوسط لوقف القتال. كما سيصل إسرائيل غدا الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ووزير الخارجية، برنارد كوشنير، "ما يعني أنه تبقى للجيش الإسرائيلي أقل من أسبوع لتحقيق انجاز ملموس في القطاع".
وتوقع هارئيل وسخاروف أن "تتضح صورة الوضع اليوم بعدما تزول قليلا بعد رفع ستار التعتيم الذي فرضته الرقابة العسكرية". وأضافا أنه "على الرغم من الذاكرة المكوية في لبنان، فإن ثمة أهمية لأن ندرك أن الحديث يدور عن حرب من نوع آخر. فحماس ليست بالضرورة منظمة تحارب حتى الموت، وقد وافقت مرتين في العامين 2003 و2004 على تهدئة تحت تهديد حياة قيادتها السياسية".