كان خطاب رئيس حزب العمل ووزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، الحديث في المركزي في جلسات اليوم الثاني لمؤتمر هرتسيليا السنوي التاسع حول "توازن المناعة والأمن القومي"، أمس الثلاثاء – 3.2.2009. إضافة إلى ذلك عقدت في إطار المؤتمر ندوة حول حال الجبهة الشمالية لإسرائيل، وخصوصا الجبهة مع سورية، كما شارك في إحدى الجلسات رئيس اركان الجيش الإسرائيلي الأسبق ومرشح الليكود في الانتخابات العامة المقبلة، موشيه يعلون.
قال باراك إنه لا يخشى من سياسة الرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما. كما دعا إلى التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين يستند إلى مبادرة السلام السعودية. وقال باراك "إنني لا أخاف من باراك أوباما وسوف نصل إلى تعاون معه". وأردف أن "اليمين (الإسرائيلي) يجلب العزلة في العالم واليسار المتطرف يخطئ في أحلامه، ودولتين للشعبين هي الطريق الوحيدة والممكن تحقيقها".
ودعا باراك إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بالاستناد إلى مبادرة السلام السعودية التي تم طرحها قبل سبع سنوات. وتجدر الإشارة إلى أن المبادرة السعودية لا تشمل بندا حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين، لكن بعد أن صادقت عليها القمة العربية في بيروت في آذار/مارس 2002 وأصبحت تعرف بمبادرة السلام العربية أصبحت تشمل بندا حول حق العودة الذي ترفضه إسرائيل بشدة.
وتطرق باراك إلى الوضع في قطاع غزة وقال إن "عملية الرصاص المصبوب كانت تذكيرا بأن ساعة السلام لم تحن بعد". وحول استمرار إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل قال باراك إنه "لا داعي للخوف ولا داعي لإطلاق التصريحات المنفلتة، وإنما يجب العمل بمسؤولية. فنحن نعرف ما يتوجب عمله وفي هذه الساعة تعمل طائرات سلاح الجو في قطاع غزة". وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي مواقع في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة، مساء أمس، ردا على إطلاق صاروخ غراد سقط في مدينة عسقلان في جنوب إسرائيل.
وامتدح باراك أداء الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) ووزارة الدفاع خلال الحرب على غزة كما امتدح "الأداء الناجح" للجبهة الداخلية الإسرائيلية التي بحسب باراك "أعادت الاعتزاز الوطني لإسرائيل". واتهم باراك حماس بالمسؤولية عن سقوط العدد الكبير من القتلى والجرحى الفلسطينيين خلال الحرب على غزة وادعى أنها "احتجزت المواطنين كرهائن".
وعدد باراك المخاطر التي تهدد إسرائيل وذكر إيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية المتطرفة وقال إنه "ينبغي أن نكون مستعدين لمواجهة أي احتمال لكن علينا ألا نيأس من محاولة التوصل إلى اتفاقات".
سورية
قال رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، إن سلاما بين إسرائيل وسورية وحده سيمنع صداما بين الدولتين، فيما قال عضو الكنيست ورئيس الموساد الأسبق، داني ياتوم، إن الشرق الأوسط لن يكون مستقرا من دون سلام مع سورية. وحذر غلعاد خلال ندوة حول الوضع عند الحدود الشمالية لإسرائيل في إطار مؤتمر هرتسيليا من "أننا موجودون على مسار صدام مع سورية واحتمال حدوث ذلك كبير جدا وكدنا نكون في وضع كهذا في صيف العام 2006" خلال حرب لبنان الثانية.
ورأى غلعاد إنه لا مفر من محاولة التوصل إلى سلام مع سورية في الأمد القريب وأن عدم التوصل إلى سلام كهذا سيؤدي إلى نشوء جبهة خطيرة للغاية بالنسبة لإسرائيل وستشمل، خلال سنتين، إيران نووية ونشر منظومة صاروخية سورية وهجمات من جانب حزب الله وحماس المسلحان بصواريخ.
وقال غلعاد "نحن والسوريون موجودون على مسار تصادم، حيث من جهة توصلنا إلى حالة هدوء منذ حرب يوم الغفران (في تشرين الأول 1973) وكدنا نتوصل إلى سلام، لكن من الجهة الثانية قد نقف في غضون سنتين في حالة مواجهة أمام كيان معاد في الشرق يتمثل بإيران نووية مرورا بسورية وحتى حزب الله وحماس. وأريد أن احذر من أنه في حال توصلنا إلى مواجهة مع سورية فإن نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد قد يسقط وسنحصل بدلا منه على نظام سني سينضم على الأنظمة الراديكالية الأخرى في المنطقة ويضعنا في وضع أصعب بكثير مما هو عليه اليوم".
وأضاف غلعاد "أنا أقول إن ثمة احتمال للتقدم في السلام وخلال عملية كهذه بالإمكان وضع مشاكلنا على الطاولة، مثل المطالبة بقطع العلاقة العسكرية مع إيران التي لن يكون سلاما معها. وهكذا سنتمكن أيضا من وقف تزويد حزب الله بالسلاح وإخراج مقرات الإرهاب من دمشق (في إشارة إلى الفصائل الفلسطينية). وهكذا سنتمكن أيضا من إضعاف التحالف المعادي في المنطقة". وتابع أن "السلام مع سورية من شأنه أن يضعف كثيرا المخاطر المحدقة بإسرائيل لكن يجب الأخذ بالحسبان، خلال العملية السياسية، أن السلام قد يفشل وعندها أنا أعتقد أنه في جميع الأحوال سنتنازل عن مسار اصطدام مع سورية".
وقال غلعاد "إني أقدر أن أي رئيس وزراء قادم أو قادمة (في إسرائيل) سيرى بالمسار مع السوريين أكثر جذبا من المسار مع الفلسطينيين، وذلك بسبب الانقسام بين أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) وحماستان" في إشارة إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس. من جانبه قال ياتوم إنه من دون اتفاق سلام بين إسرائيل وسورية لن يسود الهدوء والاستقرار في الشرق الأوسط".
وعارض الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا آيلاند، والرئيس السابق لقسم الدراسات في شعبة الاستخبارات العسكرية، يعقوب عاميدرور، موقفي غلعاد وياتوم.
واعتبر آيلاند أنه من دون التوصل إلى اتفاقيات أمنية واضحة فإنه قد ينشأ وضع خطير في المنطقة. ونفى إمكانية التقدم في مفاوضات مع سورية لأنها سيؤدي إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة حيث سيكون الفلسطينيون في حالة إحباط من أن العملية السياسية معهم لم تصل إلى حل.
كذلك عارض عاميدرور عملية سلام بين إسرائيل وسورية وقال إنه "يحاولون بيعنا وهما ولا يوجد شخص واحد في العالم يعتقد بأنه إذا عاشت سورية معنا بسلام فإنها ستوقف علاقاتها مع إيران. إنهم يذرون الرماد في العيون وشعب إسرائيل بات يحب الأوهام منذ (اتفاقيات) أوسلو".
يعلون: ينبغي هزم النظام الإيراني من أجل استقرار المنطقة
رأى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق ومرشح حزب الليكود اليميني في الانتخابات العامة المقبلة، موشيه يعلون، أنه ينبغي هزم النظام الإيراني من أجل استقرار العراق ولبنان والسلطة الفلسطينية. وقال يعلون في مداخلة خلال مؤتمر هرتسيليا إنه "واضح أن النظام الإيراني هو الذي يغذي ويحث ويمول ويدرب ويسلح معظم الحركات الإرهابية الإسلامية وبينها حزب الله وحماس. ومن دون هزم النظام الإيراني لن يكون بالإمكان أن تستقر الأوضاع في العراق ولبنان والسلطة الفلسطينية وحتى في دول إسلامية معتدلة أخرى". وأضاف يعلون إنه "بالإمكان تحقيق ذلك بواسطة عزل إيران سياسيا واقتصاديا وإذا دعت الحاجة يجب استخدام القوة العسكرية أيضا".
من جهة ثانية هاجم يعلون انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية بعد اتفاقيات أوسلو ولاحقا من جنوب لبنان وقطاع غزة. واعتبر أن "الانسحابات خلال ال15 سنة الأخيرة أدت إلى تصاعد الإرهاب ضدنا وإطلاق الصواريخ وسفك الدماء". وتابع "برأيي أن الغرب ملزم وقادر على الانتصار على الإرهاب الإسلامي، لكن من أجل الانتصار يتحتم فهم التحدي بصورة جيدة".
وقال إن "التجربة التاريخية علمتنا أن من يستسلم للإرهاب إنما يشجع الإرهاب، وفي الحالة الإسرائيلية فإن عدم الاستسلام للإرهاب يشمل الصمود بقوة وعدم التحدث بتاتا عن انسحابات إقليمية". وادعى أن "التفكير بحصر الصراع بأنه صراع إقليمي متعلق بحدود العام 1967 وأن حله معروف، هو فكر يعبر عن عدم فهم للواقع". واعتبر يعلون أن النية لتنفيذ انسحابات أخرى أو ممارسة ضغوط دولية على إسرائيل في هذا الموضوع "هو مصدر تشجيع للإسلام الجهادي الذي يرى بهذه الانسحابات أملا لهزم إسرائيل ولو كان ذلك على مراحل وبالطبع فإن هذا هو جزء من الحرب من أجل هزم الغرب".