المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

على حزب كديما أن يتخذ القرارات أكثر من أي حزب آخر، إذ ربما لم يعد لدى أولمرت ما يخسره، لكن لدى أعضاء كديما ثمة ما يخسرونه * لا شيء يبدو مؤكدا بعد ومن غير الواضح ماذا قد يحدث بعد انتهاء التحقيق في القضية، والذي تشير كل الدلائل إلى أنه سيستمر بضعة شهور

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

يبدو للوهلة الأولى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، يعيش في الوقت الضائع من الناحية السياسية. فبعد السماح بنشر جزئي حول تفاصيل التحقيق ضده والكشف عن اشتباه الشرطة والنيابة العامة بحصوله على رشوة من المليونير الأميركي موريس تالانسكي [اقرأ عن ذلك في مكان آخر]، بدا أن حكومته أصبحت في نهاية عهدها. كما يبدو من إعلانه، الليلة الماضية، عن عزمه الاستقالة في حال تم تقديم لائحة اتهام ضده أن الحلبة السياسية الإسرائيلية تتجه نحو انتخابات مبكرة. فاستقالة رئيس الحكومة تعني استقالة الحكومة على كافة وزرائها. رغم ذلك يرى محللون أن لا شيء مؤكدا، وأنه من غير الواضح بعد ما قد يحدث بعد انتهاء التحقيق في القضية، والذي لا شك في أنه سيستمر لبضعة شهور، بحسب المقالات التحليلية التي نشرتها الصحف الإسرائيلية، اليوم الجمعة- 9.5.2008.

وكتب كبير المعلقين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أنه "من المشكوك فيه أن ينجو أولمرت شعبيا من التحقيق الحالي. وإذا لم يكن ذلك بسبب قضية تالانسكي، التي يظهر أن حجمها أصغر بكثير من حجم الشائعات، فإن ذلك سيكون بسبب التأثير المتراكم لسلسلة التحقيقات ضده". ولفت برنياع إلى أن وزارة العدل كانت حذرة في بيانها، أمس، عندما تحدثت عن "تلقي أموال بصورة غير قانونية".

وأضاف برنياع أن "هذه القصة تكاد تكون قصة عادية في السياسة الإسرائيلية، باستثناء نقطتين. الأولى أن أولمرت سار دائما نحو أهداف كبيرة: طموح كبير يعني مصاريف كبيرة؛ والثانية أن أولمرت هو اليوم رئيس حكومة ويشكل هدفا لحملة اصطياد لا حدود لها". ورأى برنياع أن "كرسي أولمرت مستقر في هذه الأثناء: فحزب شاس لا يعتزم الانسحاب من الحكومة بسبب التحقيق، كذلك الأمر بالنسبة لثلثي حزب المتقاعدين، وحزب العمل لا يعتزم الانسحاب" من الحكومة. وأشار الكاتب إلى أن "الخطر الداهم على أولمرت هو من جانب رفاقه في حزب كديما. فهناك ثلاثة بينهم يسعون لخلافته. وهو سيواجه صعوبة في إسكاتهم من دون دعم شعبي، وهذا يعيدنا إلى مشكلته الأولى الكبرى، وهي التأثير المتراكم لسلسلة التحقيقات ضده على الرأي العام".

من جانبها رأت محللة الشؤون الحزبية في يديعوت أحرونوت، سيما كدمون، أنه "إذا كانت الشرطة والنيابة العامة، بتركيبة طاقم محققين ومسؤولين في النيابة يملكون خبرة وتجربة، وبعد كل ما حدث في قضية (الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه) قصاب، تنفذان خطوات جارفة كهذه فإن الحديث هنا حقا عن شبهات ثقيلة ومُسندة. فالمواد بين أيديهما. وهناك شهود تحدثوا وصمتوا. ويبدو أنهما ما كانا سيضيعان كل مكانتهما المهنية المرموقة لو أنهما لا يعتقدان بأن ثمة أدلة صلبة. لكن إذا تمخض الجبل وولد فأرا فإن الهزة الأرضية يجب أن تجري في مؤسسة فرض القانون" أي الشرطة والنيابة.

وأكدت كدمون أيضا أن "مشكلة أولمرت داخل كديما. وحتى لو استغرقت الإجراءات القضائية وقتا، فإن هذا الوقت لا يعطي أولمرت شرعية. ولا يتوجب أن يكون المرء نبيا كي يدرك أن مكانته الشعبية، التي استقرت بعد شهور طويلة، يتوقع أن تنهار بالمطلق، وربما من دون أن يتمكن من النهوض، في أعقاب الشبهات ضده. حزب أولمرت قد ينهار. وأي خطأ في رجاحة رأي أعضاء الحزب سيجعلهم هم أيضا غبارا. وسيتوجب على حزب كديما أن يتخذ قرارات، أكثر من أي حزب آخر. إذ ربما لم يعد لدى أولمرت ما يخسره، لكن لدى أعضاء كديما ثمة ما يخسرونه".

وأشار محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرتر، من ناحيته، إلى أن ظهور أولمرت في المؤتمر الصحافي ليلة أمس "يدل على أنه لا يستسلم وأنه يعتزم أن يحارب على مستقبله. فقد سارع للظهور أمام الصحافيين في ساعة غير مألوفة لكي تنشر الصحف اليوم روايته في مقابل رواية الشرطة". وأضاف أن "الشبهات ضد أولمرت تبدو خطيرة. ومن كلامه أمس يظهر أننا شاهدنا هذا الفيلم من قبل، لدى إيهود باراك والجمعيات (التي أقامها لتمويل حملته الانتخابية لرئاسة الحكومة) ولدى أريئيل شارون والجمعيات (التي أقامها هو أيضا لتمويل حملات انتخابية). لقد كنا هناك وفعلنا ذلك. ربما توجد أمور غير منظمة. ربما أخطأ أحد ما في إدارة الأموال".

ورأى فيرتر أن أولمرت وجه أقواله إلى تحالفه الحكومي خلال مؤتمره الصحافي الليلة الفائتة "وخصوصا إلى ايهود باراك، رئيس حزب العمل. ففي اللحظة التي تعهد فيها بالاستقالة في حال تقديم لائحة اتهام ضده، فإنه سهل على باراك وحزبه البقاء في التحالف، حتى قرار المستشار القانوني للحكومة" مناحيم مزوز. وأضاف أن "تعهد أولمرت بالاستقالة موجه أيضا نحو القائمة بأعماله، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. فاستقالة أولمرت هي استقالة الحكومة ومعناها انتخابات مبكرة. وهكذا يكون قد أغلق باب مكتب رئيس الحكومة أمام ليفني. وبعد أن امتنعت ليفني هذا الأسبوع، عن قصد، من التمني له أن يتم تفنيد الشبهات ضده، كان واضحا لكل من يعرف أولمرت أنه سيفعل كل شيء من أجل منعها من تولي رئاسة الحكومة".

وخلص فيرتر إلى أنه "على ما يبدو أننا لن نشهد في الأسابيع المقبلة تحركات سياسية داخلية هامة. فإيهود باراك ليس مسرعا إلى أي مكان. وقريبا سنشاهد (الرئيس الأميركي جورج) بوش و(الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي وغوردون براون (رئيس الوزراء البريطاني) وسيلفيو برلوسكوني (رئيس الوزراء الايطالي)، وأيضا محققي الشرطة يدخلون إلى منزل رئيس الحكومة. إنه نوع من الحياة العادية في إسرائيل في سنوات الألفين".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات