"المشهد الإسرائيلي" – خاص
قدّر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء عاموس يدلين، أن مدى الصواريخ الفلسطينية سيصل إلى 40 كيلومترا خلال السنتين المقبلتين وسيشمل مدينة بئر السبع، كبرى مدن جنوب إسرائيل. وجاءت تقديرات يدلين في مقابلة مطولة أجرتها معه صحيفة هآرتس ونشرتها اليوم، الخميس – 15.5.2008. وتنبع أهمية اقوال يدلين في أنها صادرة عنه مباشرة، لأول مرة، وليست تسريبات من اجتماعات الحكومة أو لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست. ولذلك هو يقول أيضا إن مواطني إسرائيل يجب أن يعلموا الخطوط العريضة للقضايا والتهديدات التي تواجهها إسرائيل.
وفي هذا السياق قال يدلين إن "كل بلدة أو مدينة تقع ضمن مدى 40 كيلومترا قد يدخل في مدى الصواريخ الفلسطينية. أشدود، كريات غات وحتى بئر السبع". وأضاف أن الوضع الحالي، الذي يبلغ فيه مدى الصواريخ 20 كيلومترا "لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة ويمكنه حله من خلال معالجة أمر من يطلق الصواريخ أو من خلال معالجة أمر نواياه. ويمكن مواجهة هذه القدرات إما من خلال اتفاق أو من خلال الردع. ومن خلال أن تفهم حماس أن الثمن الذي ستدفعه على إطلاق الصواريخ سيكون غاليا جدا جدا".
وقال يدلين إن "جهاز حماس البري مبني على تحصينات تحت الأرض وعبوات ناسفة وقناصة. وحماس تستعد لإمكانية أن تقرر إسرائيل مواجهتها من خلال عملية عسكرية برية وتبذل كل جهد لعرقلة عملية عسكرية إسرائيلية شبيهة بحملة السور الواقي" التي اجتاح فيها الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية في العام 2002 وأعاد احتلالها. وأضاف يدلين أن "حماس أقامت عددا من الألوية. كذلك سيطرت على الشرطة وبنت أجهزة أمنية قادرة على دعم المجهود الحربي".
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى سلام بين إسرائيل وحماس، قال يدلين إنه "يتوجب التمييز بين ثلاثة مصطلحات: سلام، هدنة وتهدئة. مصطلح السلام مع إسرائيل ليس قائما في قاموس حماس. كان بإمكان حماس رفع الحصار لو أنها كانت مستعدة للحديث عن سلام وعن اعتراف بإسرائيل. لم تفعل ذلك. وعندما تواجه حماس ضغطا عسكريا فإنها توافق على ما تسميه هدنة. والهدنة هي وقف إطلاق نار تطالب حماس مقابله بأكثر مما طالب (الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر) عرفات مقابل اتفاق سلام مع إسرائيل. حماس تعطي أقل بكثير من عرفات وتطلب أكثر بكثير: العودة لحدود 67 حتى السنتمتر الأخير والعودة للقدس وإعادة اللاجئين. وطالما أن هذه هي شروط حماس، فإن الهدنة تبدو مستحيلة".
وأضاف يدلين أن "حماس تريد تهدئة. وهي تدرك أن وضعها صعب في غزة من النواحي السياسية والاقتصادية والجماهيرية. لذلك هي تبحث عن تهدئة. والجمهور في غزة يطالبها بتهدئة. والتهدئة ستتيح لحماس الخروج من توترها الحاصل من كونها منظمة إرهابية وكونها حكومة مسؤولة عن مواطنين ومهتمة باستمرار حكمها في آن واحد". وتابع أنه "إذا لم تكن تهريبات الأسلحة جزءا من التهدئة وإذا استمر صنع السلاح في غزة، فإن قوة حماس ستتعاظم خلال التهدئة. وفي حال تم التعهد بوقف التهريبات ووقف صنع الأسلحة فإن الوضع سيكون مختلفا. والتهدئة التي اتفق عليها بين رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان وحماس ربما من شأنها حل مشكلة الإرهاب من غزة في المدى القريب. لكن في المدى البعيد لا توفر ردا على استمرار التهريبات وتعاظم قوة حماس. كذلك فإن عزل التهدئة عن إطلاق سراح (الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة) غلعاد شاليت ينطوي على إشكالية".
ورأى يدلين أن "غاية حماس الإستراتيجية البعيدة المدى هي زوال دولة إسرائيل وأن تكون الدولة الفلسطينية التي تحل مكانها دولة شريعة إسلامية. لكن لدى حماس أهدافا آنية وهي إرساء حكمها في غزة، واختراق الحصار على غزة، والسيطرة على السياسة الفلسطينية، وخلق ردع ضد إسرائيل واستمرار القتال ضد إسرائيل. انتبه للترتيب فهو مهم للغاية عندما نقوم بتقدير مواقف حماس في المستقبل القريب". وأضاف "حقيقة أن منظمة إرهابية هي أيضا حكومة يجعل حالة غزة حالة خاصة جدا ومثيرة للاهتمام. وغزة هي الحالة الثانية في التاريخ، بعد السودان، التي تسيطر فيها حركة اخوان مسلمين على دولة عربية. ودليل على أن دولة كهذه يمكن إقامتها، فهي غاية إستراتيجية هامة جدا بالنسبة لحماس".
السلطة الفلسطينية
وفيما يتعلق بقدرة السلطة الفلسطينية على التوصل إلى اتفاق ملزم مبني على حل الدولتين خلال العام الحالي، اعتبر يدلين أن "حيزات الليونة التي يبديها الفلسطينيون حتى الآن ضيقة نسبيا... فهناك ثلاث قضايا للحل الدائم التي ستُسقط أو تبني اتفاقا، وهي الحدود واللاجئون والقدس. وأعتقد أن ثمة تقدما في موضوع الحدود منذ العام 2000. وهناك استعداد في الجانب الفلسطيني لتبادل أراضي. هناك مسألة حجم التبادل لكن يوجد اعتراف بأن تبقى كتل استيطانية معينة (بأيدي إسرائيل) مقابل مناطق بديلة يحصلون عليها من إسرائيل. وأنا مقتنع بأنه يمكن جسر الفجوات في هذه القضية. قضية القدس مرتبطة بتسويات خلاقة وباتفاقات تمكن الجانبين من التعايش معها. وقضية اللاجئين صعبة أكثر. إذ يوجد هنا مطلب فلسطيني بأن تعترف إسرائيل بمسؤوليتها ورغبة بعودة عدد كبير من اللاجئين إلى إسرائيل بصورة فعلية. والفلسطينيون لم يفارقوا بعد هذا المطلب. لذلك فإن قضية اللاجئين هي الأصعب للجسر".
وحول التبعات الميدانية لاحتمال عدم التوصل لاتفاق، قال يدلين إن "السؤال هو كيف سيتم طرح عدم النجاح. فإذا سيتم القول إنه مطلوب وقت إضافي وسياق آخر وبلورة أفكار جديدة فإن الوضع سيكون مريحا أكثر. لكن إذا حدثت مواجهة عنيفة وتبادل اتهامات فإني أقدر أن قيادة السلطة ستضعف كثيرا لدرجة مغادرة أرفع القياديين". وفي رده على سؤال حول احتمال مغادرة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، للأراضي الفلسطينية في حال فشل العملية السياسية التي بدأت في مؤتمر أنابوليس، قال يدلين "لا أستبعد ذلك".
ورأى يدلين أن "احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة ضئيل" في حال فشل العملية السياسية. "لكن المعسكر الفلسطيني المؤيد لاتفاق سيضعف والقيادة الحالية قد تغيب. وقد تنشأ في المؤسسة السياسية الفلسطينية عمليات تفتت وفوضى وسيطرة حماس. وهذه عمليات ليست جيدة بالنسبة لإسرائيل". وفي حال تم التوصل لاتفاق فإنه "إذا اعتبره الفلسطينيون عادلا ومنصفا فإني أقدر أن أبو مازن سيكون قادرا على تجنيد تأييد في استفتاء شعبي. من جهة أخرى فإني أرى أن احتمال تطبيق الاتفاق ضئيل أكثر. فوضع السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية سيصعب عليها السيطرة على الجهات الإرهابية وسيؤدي إلى انعدام قدرة على تطبيق اتفاق في المستقبل المنظور. أبو مازن يريد اتفاقا. لكن علي أن أشير إلى أنه ورجاله لا يبذلون جهدا كافيا لبناء القاعدة السياسية وتهيئة الفلسطينيين لسلام".
استبعاد نشوب حرب العام الحالي
على صعيد آخر استبعد يدلين نشوب حرب في المنطقة خلال العام الحالي. وقال إن "تقديرات شعبة الاستخبارات هي أنه يوجد احتمال ضئيل وحتى ضئيل جدا لأن يبادر العدو لحرب ضد دولة إسرائيل في العام 2008. لكن التقدير هو أنه على الرغم من ذلك فإن العدو يستعد للحرب لأنه يخشى أن تهاجمه إسرائيل. لذلك فإن خطأ في ترجيح الرأي قد يقود لحرب. الوضع قابل للانفجار لأن كلا الجانبين يستعدان للحرب رغم أنهما لا يريدانها. وهناك مركبات في تقويمات الصيف الماضي التي عادت بشكل مثير في الصيف الذي سيبدأ الآن". وكانت تقديرات إسرائيل في الصيف الماضي تشير إلى احتمال اندلاع حرب أو مواجهة عسكرية محدودة النطاق بين إسرائيل وسورية.
ورأى يدلين أن استبعاده نشوب حرب نابع من أن "العدو لا يرى أن العام 2008 عاما يعمل فيه توازن القوى لصالحه. وقوة الردع الإسرائيلية أقوى مما تخيلنا بعد حرب لبنان (الثانية). وثمة أمل لدى العدو بأن الظروف ستكون في العام 2009 أو 2010 مريحة أكثر بالنسبة له: (الرئيس الأميركي جورج) بوش لن يكون رئيسا وسيستكمل العدو حتى ذلك الحين عملية بناء قوته. لذلك فإن العدو لن يهاجم في 2008".
وبحسب يدلين فإن إسرائيل تواجه خمسة تهديدات، هي إيران، سورية، حزب الله، حماس، وحركة الجهاد العالمية. وأوضح أن الصورة التي رسمتها أجهزة المخابرات الإسرائيلية حيال هذه التهديدات ليست متجانسة، ففي جبهات معينة تبدو الصورة جيدة وفي جبهات أخرى تبدو الصورة جيدة جدا. وفي جميع الأحوال فإن الصورة لدى أجهزة المخابرات هذه هي اليوم أفضل بكثير مما كانت عليه قبل سنتين أو ثلاث. واعتبر يدلين أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية هي واحدة من أفضل الأجهزة في العالم. وفي مجالات معينة تمكنت أيضا من تطوير قدرات تكاد تكون قدرات دول عظمى.
إيران
وقال يدلين إنه في حال تحقيق إيران قدرات نووية عسكرية فإنها ستشكل خطرا على إسرائيل ودول عربية والعالم. وأضاف أن "إيران تطور سلاحا صاروخيا يمكنه حمل سلاح نووي إلى أوروبا وسيتمكن في المستقبل من عبور المحيط الأطلسي. لذلك إيران هي مشكلة عالمية. وليس صائبا أن تقف إسرائيل في المنزلق الأمامي في مواجهتها". واعتبر أن "إيران تقود معسكرا كاملا يهدد قيم المجتمع الغربي الذي نشأ خلال مئات السنين الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة. وإذا حصلت إيران على سلاح نووي فإن هذا التهديد سيكون أكبر بكثير. وعدا المواجهة الثقافية – الأيديولوجية ستكون أيضا رافعات عسكرية – إستراتيجية ستؤثر على المواجهة". وبحسب يدلين فإن إيران ستمتلك قدرة نووية بين السنوات 2010 و2015.
ورأى يدلين أن احتمال إيقاف إيران عن التوصل لقدرة نووية بطرق سياسية يكمن في "أن يتمكن أحد من كشفها. إيران تضلل العالم (في إشارة إلى إعلان إيران أن برنامجها النووي هو لغايات سلمية وليست عسكرية). لكن حتى الآن لم يتم كشفها بشكل خطير. وإذا تم كشفها في السنة أو السنتين المقبلتين ويُثبت أنها خدعت العالم بخصوص برنامجها النووي، عندها من الجائز أن تثير التحركات السياسية ضدها".
لكن يدلين ألمح أيضا إلى الخيار العسكري ضد إيران. ويذكر أن يدلين هو طيار سابق في سلاح الجو الإسرائيلي وقاد أسراب طائرات وشارك في مهاجمة المفاعل النووي العراقي في العام 1981. وقال يدلين إنه يشعر الآن بأنه رئيس الاستخبارات العسكرية في فترة مصيرية. وأردف "عندما نتحدث عن الخطر الإيراني فإني أريد أن أذكّر بأنه في العام 81 وقفنا مقابل دولة بحجم مشابه وتبعد مسافة مشابهة وبعدائية مشابهة وكانت تهدد بتطوير سلاح نووي".
وأضاف يدلين أن "التناقض يكمن في أنه عندما لا توجد عمليات قوة فإن العمليات التي لا تستخدم القوة أقل نجاعة. والتوجه في أوروبا اليوم هو أن حل القوة ليس ضمن لائحتها الإستراتيجية. وفي الولايات المتحدة أيضا يوجد اليوم تردد حيال ضربة استباقية، بعد العراق". أما بالنسبة لإقدام إسرائيل على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية فقال يدلين "نحن دولة قوية جدا. نحن دولة قادرة على مواجهة كل تهديد في الشرق الأوسط وهذا يشمل التهديد الذي تلمح إليه" أي إيران.
وأشار إلى أن إسرائيل من الصعب أن تسمح لنفسها بأن تتوصل إيران إلى قدرات نووية عسكرية بسبب عاملين خطيرين. العامل الأول هو أن "نظاما راديكاليا مع سلاح راديكالي هو مزيج خطر جدا بالنسبة لإسرائيل. إننا حائرون حيال مدى عقلانية النظام الإيراني. ولا يوجد ضمان أن تكون إيران لاعبا نوويا عقلانيا. والعامل الثاني هو أنه حتى لو كانت إيران لاعبا نوويا عقلانيا فإن هذا سيمكنها من القيام بأمور ترتدع اليوم عن تنفيذها. لقد نشرت إيران شبكة إرهاب في الشرق الأوسط. وهي تستخدم اليوم جزءا صغيرا من قدرتها الإرهابية. وسوف تتصرف بصورة مختلفة إذا كان لديها سلاحا نوويا. إضافة إلى ذلك فإنه في حال حصول إيران على سلاح نووي فإن دولا أخرى، تعتبر نفسها دول إقليمية عظمى، ستسعى للحصول على سلاح نووي. ويهمني أن أقول ما يلي: نظام متطرف مع سلاح متطرف هو خطر وجودي على إسرائيل. لكن يحظر المبالغة، وممنوع أن نتعامل مع هذا التهديد على أنه يهدد إنهاء آلاف السنين من حياة الشعب اليهودي. ودولة إسرائيل تعرف وستعرف كيف تواجه هذا التهديد بكافة الأبعاد".
سورية
وقال يدلين إن "السوريين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم في مستوى متدني عسكريا أمام القوة الجوية والتكنولوجية ومنظومات الأسلحة العصرية التي بحوزة إسرائيل. ولذلك فإنهم يطورون قدرات لحرب أخرى. هم لا يتسلحون بطائرات ودبابات، بل يتسلحون بصواريخ مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف صاروخية طويلة المدى وصواريخ طويلة المدى. لدينا هنا توجها مستمرا منذ سنوات واستخلاص عبر مما يبدو بنظر سورية أنه نجاح لحزب الله في العام 2006. إنهم يقوون عناصر حركات إرهاب أو منظمات أنصار. والنتيجة هي أن السوري يعزز قدراته الدفاعية من جهة ويعزز قدرته على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية من الجهة الأخرى... رغم ذلك فإن السوري يدرك أنه ليس حزب الله. فهو يعلم أنه إذا أطلق صواريخ باتجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية مثلما فعل حزب الله فإنه سيفقد ممتلكات إستراتيجية. رغم ذلك فإن حربا لا تنتصر إسرائيل فيها ولا سورية سيعتبرها السوري انتصارا له. وهو يريد أن يرغم إسرائيل للوصول إلى المكان الذي يريده من دون حرب كاملة بالمفهوم الكلاسيكي".
ورأى يدلين أن "سلم أولويات نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد واضحة: أولا استقرار النظام، بعد ذلك لبنان، وأخيرا إعادة الجولان. وإذا كان السلام مع إسرائيل يخدم هذه الأهداف فإن الأسد سيهتم بالسلام. وأقدر أن الأسد سيوافق على نوع معين من السلام ووفق شروطه". واضاف أنه منذ المحادثات الأخيرة بين إسرائيل وسورية في شيفردزتاون في العام 2000 تغيرت أمور كثيرة بالنسبة لسورية. "العلاقة بين سورية وحزب الله من جهة وبينها وبين إيران من جهة أخرى مختلفة عما كانت عليه في العام 2000. كذلك فقد السوريون قسما كبيرا من نفوذهم في لبنان. وإيران التي تحولت إلى سند استراتيجي لسورية تعانقها عناق دب، من خلال تزويدها بالسلاح والتدريبات والمال. لهذا فإن قدرة بشار الأسد على الانفصال عن إيران وحزب الله محدودة جدا. الأمر معقد أكثر". ورأى يدلين أن احتمال التوصل إلى سلام بين إسرائيل وسورية في العام 2008 أصعب مما كان في العام 2000. وقال إنه حتى لو انفصلت سورية من حلفها مع إيران مقابل سلام مع إسرائيل فإن "إسرائيل وحدها غير قادرة على فتح أبواب العالم أمام السوري. وعلى أحد آخر منحه ذلك، ولذلك فإن الأسد ينتظر استبدال الإدارة الأميركية وبعد ذلك، بتقديره، ستعطيه إسرائيل كل ما يريد". وأضاف أن احتمالات سلام إسرائيلي سوري في العام 2009 أكبر.
وقال يدلين إن "المكان الطبيعي للسوري ليس في المحور الشيعي الراديكالي المؤلف من طهران – حزب الله – حماس. غالبية السوريين سُنة وليسو شيعة . وسورية هي دولة علمانية ولذلك فهي ليست عضوا طبيعيا في محور الشر. ولدى سورية أسباب جيدة تدفعها للتوصل لسلام مع إسرائيل وهي قادرة بالتأكيد على الانتقال للمعسكر الآخر إذا حصلت على المقابل المناسب". لكن في حال عدم التوصل لسلام فإن يدلين لا يرى أن البديل هو الحرب "فالأسد هو حاكم حذر ويدرك تماما توازن القوى".
حزب الله
ولدى حديثه عن حزب الله قال يدلين إن "حزب الله تضرر كثيرا في حرب 2006. وبعد الحرب بدأ في تنفيذ خطة متعددة السنوات لإعادة بناء قوته، من أسلحة وقوى بشرية وتدريبات وتوجهات قتالية. لقد وضع حزب الله لنفسه هدفا لترميم قوته وفي العام 2008 لن يحققه". لكنه لفت إلى أن حزب الله وضع هدفا لإنهاء تنفيذ الخطة في العام 2010. وأضاف يدلين أن "حزب الله، مثل سورية، يدرك أن صداما وجها لوجه مع إسرائيل هو إستراتيجية ليست صحيحة. وهو يريد أن تكون لديه قدرات تردع إسرائيل بصورة تجعله يستمر في لسع إسرائيل بواسطة إرهاب موضعي من دون أن ترد عليه بحرب".
وقال يدلين أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى حرب لبنان "لا يتم تطبيقه بشكل كامل". وأضاف أن "حزب الله يتواجد بصورة مكثفة في جنوب الليطاني" رغم أن "مقاتلي حزب الله لا يتحركون بصورة مكشوفة وفي وضح النهار لكن لديهم حضور عسكري. لديهم قذائف صاروخية وقوات مقاتلة في جنوب الليطاني ولديهم نقاط مراقبة واستخبارات داخل القرى الواقعة على طول الحدود" بين لبنان وإسرائيل.
واعترف يدلين بأن "تهديد صواريخ حزب الله على دولة إسرائيل هو تهديد كبير، ويشمل قذائف صاروخية لكل مدى لدرجة يمكن اعتبارها صواريخ أرض – أرض. وهذا السلاح يغطي اليوم مناطق واسعة في إسرائيل، وهذا يجعل الجبهة الداخلية قابلة للتعرض لهجمات صاروخية بشكل أكبر من الماضي. وتوجيه ضربات للجبهة الداخلية هو في مركز تقديراتنا الاستخباراتية". لكن من جهة أخرى قال يدلين إن "جزءا من التغييرات التي يمر بها حزب الله تلزمه بالانتقال من شكل جيش إرهابي إلى طابع جيش تقليدي، من حيث الاستعداد والسلاح والسيطرة والقيادة".
وتطرق يدلين إلى أحداث لبنان في الأيام الأخيرة وقال إنها "تحقق بصورة مثيرة تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السنوية. فقد توقعت الشعبة مسبقا ضعف تحالف المعتدلين في لبنان وتزايد قوة المعارضة وحزب الله في مركزها. حزب الله لم يعتزم السيطرة هذا الأسبوع على بيروت. ولو أراد لكان بإمكانه القيام بذلك. هو قادر على احتلال بيروت كلها خلال أيام. لكن حزب الله لا يريد أن يكون مثل حماس. وهو يدرك أنه لو استولى على الحكم بصورة كاملة سيصبح مسؤولا وستنكشف نقاط ضعف كثيرة لديه. وليس مريحا بالنسبة له أن يملك قوة ولا يملك صلاحيات".
وأضاف أنه "بواسطة الخطوات التي نفذها حزب الله هذا الأسبوع أثبت للجميع أنه القوة الأقوى في لبنان. ويتوجب أن نتذكر أنه أقوى من جيش لبنان. إضافة لذلك فإن جيش لبنان مؤلف من ألوية مع أغلبية شيعية وفي حالة مواجهة سينتقلون إلى جانب حزب الله. واتضح من الأحداث الأخيرة أن جيش لبنان ليس مستعدا لخدمة مصالح حكومة لبنان. لذلك بقي رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بدون قوة عسكرية. والقوة التي تقف خلفه هي قوة سياسية وأخلاقية ودولية". واعتبر يدلين أن حزب الله وضع له هدفا وهو "خلق تغيير دستوري في المؤسسة السياسية" اللبنانية بعد إسقاط حكومة السنيورة وانتخاب رئيس مريح بالنسبة له.
من جهة أخرى قال يدلين إنه "ليس صحيحا القول إن إيران سيطرت على لبنان هذا الأسبوع. لأن 'طابور لبنان' وحرس الثورة الإيرانية موجودون في لبنان منذ سنوات طويلة. وقد تزايد نفوذ إيران في لبنان منذ خروج سورية في العام 2005. ورغم ذلك فإن إيران ليست قادرة على إملاء كل خطوة في دولة ذات تركيبة معقدة مثل لبنان. وعلى إسرائيل أن تتابع الشكل الذي تتعاظم من خلاله قوة حزب الله وتتعزز سيطرته في لبنان خدمة لمصالح أجنبية، إيرانية وأخرى".