حذرت المسؤولة السابقة في النيابة العامة الإسرائيلية، المحامية طاليا ساسون، التي أعدت تقرير البؤر الاستيطانية العشوائية قبل أكثر من سنتين، من قيام إسرائيل "بخرق صارخ" لتعهداتها المتعلقة بتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وتشريع أعمال بناء واسعة النطاق فيها.
وأفادت صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة 30/11، بأن تحذير ساسون جاء مع اقتراب موعد انعقاد مداولات اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون البؤر الاستيطانية بعد أسبوعين والتي سيتم خلالها طرح مشروع قرار تم إعداده في وزارة العدل الإسرائيلية لتشريع أعمال بناء واسعة في البؤر الاستيطانية.
وتعهدت إسرائيل، ضمن التزاماتها في خطة خريطة الطريق التي بادر إليها الرئيس الأميركي جورج بوش، بإزالة البؤر الاستيطانية وتجميد أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة مقابل وقف الفلسطينيين لعمليات المقاومة التي اعتبرتها الخطة الأميركية "أعمال عنف".
وحذرت ساسون من أن مشروع القرار الجديد الذي أعدته وزارة العدل الإسرائيلية يشمل "تبييض" بؤر استيطانية أقيمت على أراض فلسطينية خاصة بتمويل السلطات والوزارات الإسرائيلية.
وقالت ساسون في رسالة بعثت بها إلى أعضاء اللجنة الوزارية، وبعثت بنسخة منها إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مزوز، إن مشروع القرار الجديد يتعارض بشكل واضح مع نتائج وتوصيات تقرير البؤر الاستيطانية ويتعارض مع قرار الحكومة الإسرائيلية الذي اتخذ في آذار 2005 بإقامة اللجنة الوزارية لشؤون البؤر الاستيطانية.
ويذكر أن ساسون كانت قد أعدت تقرير البؤر الاستيطانية بتكليف من رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أريئيل شارون بعد أن تعهد الأخير للرئيس الأميركي بإزالة البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ العام 2001 مقابل "رسالة الضمانات" التي تسلمها من بوش وقضت باعتراف الولايات المتحدة بتعديل مسار الحدود مع الضفة لتضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل.
وتبين من تقرير ساسون أن المستوطنين أقاموا بتعاون كامل مع الوزارات الإسرائيلية المختلفة نحو 120 بؤرة نصفها أقيمت منذ تولي شارون رئاسة الحكومة في العام 2001.
وأفادت هآرتس بأن مشروع قرار وزارة العدل الإسرائيلية تم صياغته بالتعاون مع قادة المستوطنين وعضو اللجنة الوزارية ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف ووزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور ليبرمان.
ويتوقع أن يحظى مشروع القرار بتأييد أغلبية أعضاء اللجنة الوزارية وهم خمسة وزراء من حزب كديما الحاكم، حاييم رامون وتسيبي ليفني ودانيئيل فريدمان وآفي ديختر ويعقوب إدري والوزير عن حزب المتقاعدين رافي ايتان والوزير يتسحاق كوهين من حزب شاس.
وانتقدت ساسون بشدة مشروع القرار وكتبت أنه "يعرض في الظاهر مجموعة أنظمة تبدو وكأنها تطرح حلولا بروح تقرير البؤر الاستيطانية لكنه في الواقع، ولكن من خلال تحديد 'استثناءات' لهذه الأنظمة، يحول المبدأ إلى استثناء والاستثناء يتحول بشكل فعلي إلى المبدأ".
وأضافت ساسون أن مشروع القرار "يثبت بصورة دائمة طريقة أداء تسحب الحكومة بموجبها يدها من أي سيطرة وإشراف على استمرار أعمال البناء الإسرائيلية في الضفة الغربية وتسمح بتنفيذ أعمال بناء واسعة وجارفة تتم وفقا لاعتبارات المجالس الإقليمية والمحلية (للمستوطنات) في الضفة الغربية".
وذكرت ساسون في رسالتها أيضا أن مشروع القرار الحكومي الإسرائيلي يتيح تنفيذ مخططات بناء قديمة كانت الحكومات الإسرائيلية السابقة قد صادقت عليها وتتيح أيضا "توسيع الأحياء الجديدة البعيدة عدة كيلومترات بخط هوائي عن المستوطنات".
وأوضحت ساسون أن هاتين الإمكانيتين تفتح الباب أمام إقامة مستوطنات جديدة بشكل فعلي من دون مصادقة الحكومة الإسرائيلية.
وقالت إن مشروع القرار "يقضي بأن من يفسر المصطلحين 'توسيع' و'أحياء جديدة' سيكون المستوى المهني في الجيش الإسرائيلي وذلك على الرغم من أن للتفسير انعكاسات سياسية واضحة ومن غير الملائم ضلوع مستوى مهني بقرارات ذات صبغة سياسية".
وأضافت ساسون أنه بموجب مشروع القرار فإن اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان ستكون مخولة بسحب صلاحيات من أيدي وزير الدفاع في حال عارض الأخير توسيع مستوطنة وإقرار ذلك بدلا منه.
كذلك فإن اللجنة الوزارية بإمكانها السماح بالبناء في بؤر استيطانية عشوائية من دون تنظيم مكانتها القانونية مسبقا "وهكذا- كتبت ساسون- سيكون بإمكان اللجنة الوزارية تبييض بؤرة استيطانية بشكل فعلي".
ولاحظت ساسون أيضا أن مشروع القرار لا يشمل أي بند يتعلق بإخلاء بؤر استيطانية "بما فيها تلك التي لم تتم إقامتها على أراضي دولة" التي صادرتها إسرائيل من أيدي الفلسطينيين في الضفة، كما يتيح مشروع القرار "تحويل أموال دولة (إسرائيل) لهذه البؤر بواسطة لجنة استثناءات".
المصطلحات المستخدمة:
هآرتس, كديما, رافي, رئيس الحكومة, يتسحاق كوهين, أفيغدور ليبرمان