المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يؤكد رئيس لجنة "الخارجية والأمن" التابعة للكنيست ورئيس الدائرة الإستراتيجية الانتخابية في حزب "ليكود"، يوفال شطاينيتس، في مقابلة خاصة، أنّ على إسرائيل "عدم التهاون مع فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية".

ويصف شطاينيتس شخصية رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة، إيهود أولمرت، بـ "الضعيفة جدًا" مضيفًا أن "كديما" سيتفكك بعد الانتخابات مباشرة "عند تقسيم الوظائف".

لا يوفّر شطاينيتس هجومًا على الإعلام العبري ويتهمه بأنه "يؤيد أولمرت علنيًا". مشيرًا إلى أن نتنياهو هو "الوحيد القادر على الوقوف في وجه خطر حماس" وله إنجازات أكبر وأفضل من تلك التي يحملها أولمرت "الذي كان وزيرًا متوسطًا دون إنجازات تذكر".

كان لنا هذا الحوار مع يوفال شطاينيتس.

* "المشهد الإسرائيلي": ألا تعتقد بأنّ عدم مّد يد العون الإسرائيلية لأبو مازن واتهامه بأنه ليس شريكًا أدّى إلى فوز "حماس" بهذه النسبة من مقاعد التشريعي؟

- أنا لا أقبل هذا الإدعاء وأرفضه جملةً وتفصيلاً. لقد أرادت اسرائيل أن يكون أبو مازن قائدًا قويًا من أجل التقدم معه. وكان أمام أبو مازن خياران، الأول هو محاربة الفساد "والإرهاب"، وهذا يتطلب قوة، والخيار الثاني هو أن يتعامل مع القضايا كما تعامل معها.

لم يلتزم أبو مازن بخريطة الطريق أبدًا. وأنا لا أتهمه فقط هو. أنا أتهم الأنظمة العربية أيضًا لأنها دعمت "حماس" وتركت أبو مازن. لم ينل أبو مازن التعاون الكامل لإحباط الفصائل المسلحة والتنظيمات "الإرهابية" ولا شأن لإسرائيل في هذا.

* لماذا لا تتهم سياسة الاجتياحات ضد الفلسطينيين والتصفيات ضد قادة "حماس" من قبل الاحتلال بأنها أدّت إلى تعاطف الشارع الفلسطيني مع "حماس" كذلك محاولاتكم لمنعها من خوض الانتخابات التشريعية؟

- لا، لا، لا، أعتقد بأن قوة "حماس" إزدادت بسبب ضعف السلطة. وشهدت "حماس" تصاعدًا في قوتها قبل أن تتَّبع إسرائيل سياسة الاغتيالات ضد قادتها. أنا عكسك تمامًا، أعتقد بأن التصفيات ساعدت في إضعاف "حماس" ولكن التوقف عن هذه السياسة والتوقف عن ملاحقة قيادة "حماس" جعل قادتها يخرجون من مخبئهم إلى الشارع وهذا ما أتاح لها الفوز في الانتخابات.

* لماذا فازت إذن؟ هل نتيجة الانسحاب من غزة الذي أيدته أنت؟

- أنا لا أرى فوز "حماس" نتيجةً مباشرة لخطة "فك الارتباط" عن غزة. لأننا شهدنا ازديادًا في قوتها قبل تنفيذ الخطة واثناء الانتخابات البلدية. أعتقد أن هذا الفوز جاء نتيجة ضعف حكم أبو مازن من ناحية. وعدم مقدرته على فرض النظام والقانون والتخلص من الفساد في السلطة الفلسطينية. وكما نعلم فإنّ الفلسطينيين يعانون من هذا الفساد جدًا. الفلسطينيون أرادوا محاربة الفساد. وهذه النتيجة. أنا لا أقول إن ابو مازن كان شريكًا لكن كانت أطراف من حزبه متورطة في هذا الموضوع.

من ناحية أخرى علينا ألا نتجاهل ازدياد قوة الحركات الاسلامية في العالم العربي مثل السعودية والأردن. وانتشار هذه القوة أدى إلى فوز "حماس" في الانتخابات.

* ما رأيك بتراجع الحكومة وتحويل 250 مليون شيكل إلى السلطة الفلسطينية؟

- رأيي أن حكومة أولمرت ارتكبت خطأً فادحًا. فلم تعترف "حماس" بقيام دولة إسرائيل بعد. ولم تعترف بالاتفاقيات التي وقعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. لذا لا يوجد أي سبب لتحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية حسب اتفاقيات لا تعترف بها "حماس". أعتقد بأن دولة إسرائيل تقوم بخطأ فادح وأولمرت أظهر ضعفًا سلطويًا منقطع النظير ومنح "حماس" وقتًا لتنظيم نفسها داخليًا وهذا أكثر ما تحتاجه "حماس" لفرض هيمنتها على السلطة الفلسطينية في هذه الأيام.

* ماذا كنت ستفعل لو كنت رئيسًا للحكومة؟

- ما كنت سأحوّل أغورة واحدة حتى تعترف "حماس" بقيام دولة اسرائيل بشكل واضح ومباشر وتعلن عن احترامها للاتفاقيات التي وقعت مع إسرائيل.

* لماذا أنتم مصممّون على أن "حماس" تريد تدمير إسرائيل رغم ما نشهده من تصريحات من قبل قياديين كبار يعربون عن آراء "معتدلة" نسبيًا. لماذا لا تنظرون إلى القضية الإيجابية وتمنحون وقتًا؟

- أنت تسمع هذه التصريحات، ولكني بالمقابل أسمع تصريحات ومطالبة من قبل هؤلاء القياديين بإقامة "جيش إسلامي" تابع لحماس وما شابه. هناك الكثير من القضايا التي يجب طرحها ونحن الاسرائيليين نشدّد على موضوع "الإرهاب" وأنا أعرف أن "الإرهاب" قضية خطيرة وأن الاسرائيليين يعانون منه وكذلك يعاني الفلسطينيون منه أيضًا نتيجة ردّنا عليه. ولكن هناك قضايا أساسية غير "الإرهاب". نحن لا نستطيع التعايش بسلام مع طرف لا يعترف بوجودنا. وهذه قضية أساسية أيضًا بالنسبة لي. تستطيع "حماس" التوقف عن العمليات "الإرهابية" من ناحية تكتيكية ولكن من شأن هذا التكتيك أن يجلب حربًا أكبر وأوسع في المستقبل اذا اختبأت تحت هذه التكتيكية أجندة تدمير إسرائيل. القضية الإستراتيجية برأيي مهمة جدًا وإسرائيل جلست وتفاوضت مع ياسر عرفات بشكل رسمي بعد أن اعترف رسميًا بقيام دولة إسرائيل.

* لقد قلت في مؤتمر هرتسليا إنّ إسرائيل فشلت في محاربة "الإرهاب"؟ ماذا قصدت؟

- هذا مؤلم بالنسبة لي ولكن علي قول الحقيقة حتى لو كانت مرّة. هناك تكتيك وهناك إستراتيجية وأنا قارنت حرب إسرائيل على "الإرهاب" بحرب الولايات المتحدة على "الإرهاب" أيضًا. وقارنت من الناحيتين التكتيكية والإستراتيجية ووجدت أن إسرائيل حقّقت إنجازات كبيرة من ناحية تكتيكية من حيث معلومات وصلت للشاباك والاستخبارات وكانت النتائج أفضل من الإنجازات البريطانية- الأميركية في أفغانستان مثلاً. لقد قامت الاستخبارات الاسرائيلية بجمع معلومات حول "حماس" أفضل من المعلومات التي جمعتها أميركا حول "القاعدة" واستطاعت إسرائيل تصفية قادة "حماس" بطريقة محدّدة في الوقت الذي ألقت فيه أميركا قنابل تزن أطنانًا لاغتيال أحد قادة القاعدة. إسرائيل استعملت أسلحة محدّدة تصيب الهدف فقط رغم وقوع بعض الأحداث المؤسفة. وتكبدت اسرائيل خسائر أقل من الخسائر الأميركية في أفغانستان والعراق . اسرائيل كانت أفضل تكتيكيًا وهذا ليس سرًَا بأن إسرائيل تعلم دولاً غربية عظمى من تجربتها.

ولكن من ناحية إستراتيجية القضية اختلفت. وأنا أسأل نفسي أين كان تنظيم "القاعدة" قبل خمس سنوات وأين هو اليوم؟ وأين كانت "حماس" قبل خمس سنوات وأين هي اليوم؟ القاعدة فقد بنيته التحتية في أفغانستان وفقد مقدرته على تجنيد الشبّان وتدريبهم بالمقابل حماس لم تفقد من هذه القوة شيئًا ولا زالت مقبولة وتستطيع طرح نفسها كحزب سياسي مقبول ويكتسح أيضًا. بالمقابل القاعدة ممنوع من ترشيح نفسه أو حتى الإعلان عن نفسه في الدول العربية. وهذا ما قصدته. الولايات المتحدة كانت أقوى من ناحية إستراتيجية.

* لننتقل إلى الحلبة السياسية الداخلية. الليكود لا يتمتع بشعبية وزعيم الليكود لا يتمتع هو أيضًا بشعبية واستطلاعات الرأي تمنحه أدنى المستويات منذ تأسيسه؟

- أريد أن أبشرك بأن قوة الليكود في ازدياد مستمر ومنحتنا استطلاعات الرأي آخر الأسبوع 17- 19 مقعدًا. أنا لا أؤكد على فوزنا برئاسة الوزراء ولكني متأكد من أننا سنعبر الـ 20 مقعدًا. رغم وجود احتمالات نظرية لفوزنا في الانتخابات وكانت هناك انقلابات في آخر شهر للانتخابات.

انا لست راضيًا عن الوضعية ولكن هذا طبيعي. لقد تركت نصف القيادة الحزب بمن فيهم رئيس الوزراء ونائبه وجزء كبير من الوزراء وكبار المسئولين ونحن نحتاج وقتًا لاستعادة قوتنا. أنا متأكد من أن "كديما" ستتفكك بعد الانتخابات ولن تصمد فترة انتخابية واحدة.

* قالوا إن "كديما" سيتفكك بعد شارون وسيتفكك بعدما يقف أولمرت على رأسه وسيتفكك حين يتوقف الشعب عن التضامن مع شارون وفي كل مرة يثبت "كديما" العكس وهو في تصاعد مستمر.

- هذا ما قالوه عن شينوي أيضًا وانظر اليوم إلى "شينوي". لقد تفكك وكل أحزاب المركز في إسرائيل تفككت. ولا يوجد حزب مركز واحد منذ قيام الدولة صمد. تفككت هذه الاحزاب بعد فترة أو فترتين انتخابيتين. وبنظري فإن "كديما" لم يتفكك بعد لأن جميع قيادييه ينتظرون تقسيم الوظائف بعد الانتخابات. وهناك شعور بالنصر. أعتقد بأنّه بعد الانتخابات وعندما لن ينال "كديما" 45 مقعدًا انما 30 مقعدًا، سيكون هناك خائبو أمل كثيرون الأمر الذي سيتيح عودة مؤيدي اليسار الى اليسار واليمين الى اليمين. "كديما" ليس حزبًا متجذرًا وسيتفكك يمينًا ويسارًا.

* هل تنتمي الى الفئة التي تتهم بنيامين نتنياهو بأن الحملة الاعلامية لليكود متطرفة أكثر من اللازم؟

- كلا بالعكس. أعتقد أن الحملة الانتخابية صحيحة رغم الانتقادات وأنا واحد ممن وضعوا الإستراتيجية كوني رئيس الطاقم الإستراتيجي للانتخابات. أنا أعتقد بأن الحملة ممتازة وصحيحة ولكني لا أستطيع القول إنها ستقودنا إلى الانتصار.

* لماذا اختار نتنياهو أن يكون يمينيًا أكثر على الرغم من أن أصوات الإسرائيليين موجودة في المركز؟

- نحن متجهون الى إلمركز ولكن مع التشديد على القضايا الأخرى مثل "حماس". أنا أيدّت خطة فك الارتباط عن غزة. وجزء كبير من مصوتي الليكود دعموا فك الارتباط ولكن الجزء الأكبر غير مستعد لأن يخاطر في مركز إسرائيل وغالبية مصوتي "كديما" يؤيدون طرحنا وهم يؤيدون الانسحاب عن غزة ولكن لا يستطيعون المخاطرة في المركز.

* ما رأيك بالإعلام الاسرائيلي الذي ملّ من نتنياهو وتصريحاته؟

- الإعلام في إسرائيل ليس موضوعيًا وجزء من وسائل الإعلام تستهتر بزعيم ليكود. وبالمناسبة الإعلام يستهتر أيضًا بعمير بيرتس وحزب العمل. ويروج لاولمرت وهذا ليس صحيًا أن يكون جزء من الإعلام مجندًا لإنجاح شخص معين في دولة ديمقراطية.

أعتقد بأن أولمرت لا يملك الإنجازات والنجاحات اللازمة وأشغل منصب رئيس بلدية القدس وكان ضعيفًا جدًا. وتدهورت القدس في عهده من ناحية اقتصادية واجتماعية. وكان وزيرًا متوسط الأداء في وزارة الصناعة والتجارة ومن دون إنجازات تذكر. ونتنياهو الذي لا يحبه الكثيرون كان رئيس وزراء جيدّا وفي عهده نجح في لجم "الإرهاب" وانخفض عدد العمليات داخل إسرائيل ويستطيع أيضًا أن يفاوض كما فعل في اتفاقية "واي". كان وزير مالية ممتازًا وهو أفضل من أولمرت من ناحية إنجازاته.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات