تحولت جلسة لجنة المعارف البرلمانية التي عقدت اليوم الثلاثاء 27/6/2006، لبحث موضوع اقامة كلية عربية في مدينة الناصرة الى حملة تحريض عنصرية ضد العرب في البلاد، ووصلت ذورة التحريض حين وصف النائب يوئيل حسون، مركز كتلة "كديما" والائتلاف في اللجنة، الكلية بأنها ستكون "بؤرة تطرف وخلية ارهاب"، على حد قوله، فتصدى له النائب محمد بركة، رئيس كتلة الجبهة البرلمانية، مؤكدا ان ذوي مصالح، وخاصة رؤساء الكليات يدفعون بأعضاء الكنيست ليعارضوا اقامة الكلية وهذا الموقف وجد موقعا مناسبا في العقليات العنصرية التي تسيطر على بعض النواب.
وكانت لجنة المعارف البرلمانية قد بحثت اليوم الثلاثاء، مسألة اقامة كلية عربية في مدينة الناصرة، بمبادرة من رئيس اللجنة الراب ميخائيل ملكيئور، الى جانب مبادرة مماثلة من النائب بركة، وكانت الجلسة في بدايتها عادية وهادئة، وتغيب عن المداخلات العينية والموضوعية تقريبا جميع اعضاء الكنيست من اليمين في الائتلاف والمعارضة، وبحضور جميع نواب كتلة الجبهة، بركة، ود. حنا سويد ود. دوف حنين، والنائب جمال زحالقة (التجمع الوطني)، وكذلك بحضور رئيس بلدية الناصرة رامز جرايسي ورئيس لجنة المتابعة العليا شوقي خطيب، ومدير عام البلدية ومدير قسم المعارف فيها راجي منصور.
وافتتح الجلسة رئيس اللجنة ملكيئور، الذي أكد أن قرار اقامة الكلية اتخذ قبل سنوات طويلة، منذ العام 1994 بقرار من بلدية الناصرة وبموافقة وزارة المعارف في فترات الوزيرين امنون روبنشتاين ويوسي سريد، وبناء على معطيات علمية وموضوعية من وزارة المعارف ومجلس التعليم العالي، ولجنة الميزانيات فيه، ولكن الموضوع تجمد لاسباب غير موضوعية، ملمحا بذلك الى فترة وزيرة المعارف السابق ليمور ليفنات.
وعرض رئيس البلدية جرايسي رؤية البلدية وامكانيات تطبيق هذا المشروع، وقال إن البلدية ترى أهمية لاقامة هذه الكلية نظرا لدورها في رفع مستوى التعليم وبالتالي المستوى الثقافي والاجتماعي، كذلك مساهمة هذه الكلية في تقليص واحدة من الفجوات الكثيرة في جهاز التعليم، بين الوسطين العربي واليهودي، كما هي الحال في باقي المجالات.
ونوه جرايسي الى وجود قرار في الحكومة منذ تشرين الثاني 2001، يدعو وزارة المعارف الى تسريع الاجراءات لاقامة كلية في الناصرة، وفي مرحلة معينة جرى الحديث عن تخصيص ميزانيات من قبل مجلس التعليم العالي، ولجنة الميزانيات فيه، في فترة رئاسة البروفيسور الراحل ليفتسيون.
وقال جرايسي إن جمعية صندوق الناصرة وهي جمعية مسجلة، أخذت على عاتقها الدفع بهذا المشروع وتجنيد التبرعات، الى جانب الميزانيات الحكومية الرسمية لاقامة الكلية.
وقال رئيس لجنة المتابعة خطيب إن اللجنة ليس فقط انها تدعم، وانما ترى ضرورة قصوى في اقامة الكلية في مدينة الناصرة بشكل خاص، لكونها اكبر مدينة عربية، وهي في وسط مركز سكاني ضخم، من القرى المحيطة.
وأشار خطيب الى ان الوزيرة السابقة ليمور ليفنات تعاملت بصلافة مع هذا الموضوع، وقد رفضت حتى الاجتماع برئيس بلدية الناصرة ليطرح عليها الموضوع، وقال خطيب إن لجنة المتابعة مستعدة للموافقة على ان تكون الكلية جزءا من جامعة في المنطقة.
وعلى الرغم من مجموعة مستندات تؤكد موقف مجلس التعليم العالي ولجنة الميزانيات فيه، منذ سنوات طويلة، إلا ان مندوبة المجلس زعمت عدم وجود قرارات واضحة من هذا النوع، وان المجلس لا يرى حاجة لاقامة كلية في الناصرة، وقد اثار الموقف الذي تزعمه الحاضرين، وحين واجهها رئيس اللجنة ملكيئور بالمستندات، وكذلك رئيس البلدية جرايسي، ظهرت عليها البلبلة وزعمت ان المجلس وافق ولكنه طلب ان يرى مخططا ولكن لم يعرض أحد عليه مخططا كهذا منذ العام 2000، وهو ما تبين انه ادعاء زائف، خاصة على ضوء موقف البروفيسور ليفتسيون.
وزعمت مندوبة المجلس ان في المنطقة الكثير من الكليات التي يشكل فيها العرب غالبية الطلاب، وحين قال لها النائب بركة إن هذا موقف مليء بالغرابة، ويجر الى سؤال ما حاجة الكليات طالما ان جامعة حيفا قريبة منهم وهناك 80% من الطلاب يهود.
وفي كلمته أدان النائب بركة التقلب في المواقف، وقال: إنني اتابع الموضوع منذ دخولي الى الكنيست في العام 1999، وكان الموضوع قبل ذلك، ولكن من المحطات البارزة ان لجنة المعارف اتخذت قرارا بالاجماع يؤيد اقامة كلية في الناصرة، وأشار الى أن موقف الوزيرة ليفنات كان ناجما عن عقلية عنصرية ورافضة للموضوع.
وردا على مزاعم ان جميع الكليات مفتوحة امام العرب، فقد عرض بركة على اللجنة رسالة بعث بها الى رئيس كلية اورانيم قرب طبعون، في منطقة حيفا، يحتج فيها على جعل خمس وحدات باللغة عبرية أحد شروط القبول في الكلية، خاصة وان هذه ليست اللغة الأم للجمهور العربي في البلاد، وقد حصل النائب بركة على رد من رئيس الكلية يقول فيها بشكل واضح ان هدف الكلية هو تأهيل معلمين للمدارس اليهودية، وان اللغة العبرية بمستوى عال أمر ضروري للمعلمين، بمعنى ان رئيس الكلية اعترف مسبقا ان هدف الكلية تأهيل معلمين للمدارس اليهودية وليس العربية.
ومن جهته قال د. دوف حنين إن وجود جامعة عربية في الناصرة أمر مطلوب وضروري لأنه أولا مدينة الناصرة، المدينة المركزية الكبرى في الشمال، فهي تعد 75 ألف نسمة وفيها عدد كبير من الشباب المعنيين بتلقي التعليم العالي، وما دامت هذه المدينة أكبر من العفولة وكريات وشمونه وكرمئيل فلا مبرر ألا تحظى مثلها بمؤسسة للتعليم العالي، الذي حظيت به حتى مستوطنة أريئيل، كما أنها مطلوبة لسائر الجماهير العربية في البلاد، فلا سبب لعدم وجود أي مؤسسة للتعليم العالي باللغة العربية في هذه البلاد، ولهذا السبب فإن هنالك 6800 طالب عربي يتعلمون في الأردن مقابل أقساط تعليمية بالغة، وأما الجهة الثالثة والتي يهمها أو يجب أن يهمها على الأقل وجود مثل هذه الجامعة فهي المجتمع الاسرائيلي برمته، على المجتمع الاسرائيلي أن يقلق من صورته البشعة بالتنكر للأقلية العربية وحقوقها الأساسية.
وهاجم النائب د. جمال زحالقة، في كلمته بشدة المسؤولين عن التعليم العالي وإتهمهم بإتخاذ مواقف معادية للعرب وذَُّكر بقرارهم إلغاء طريقة "المتسراف" في احتساب العلامات لدخول الجامعات، لأسباب عنصرية، بعد أن تبين انها تفسح المجال اكثر امام العرب.
وقال زحالقة: "المجتمع العربي بحاجة ماسة إلى جامعة، لتطوير التعليم والمجتمع". وأشار زحالقة إلى أن الموافقة على إقامة كلية وليس جامعة هو تنازل كبير من طرفنا، فالحاجة الحقيقية هي لجامعة بكل معنى الكلمة. وأضاف أن "إقامة مؤسسة جامعة هو حق وحاجة للجماهير العربية لتطوير ذاتها كأقلية قومية متماسكة ومتطورة". وطالب زحالقة وزارة المعارف ومجلس التعليم العالي بالبدء حالاً في الإجراءات لإقامة المؤسسة الجامعية دون تأجيل.
هجوم يميني عنصري
هذا ومع تقدم ابحاث اللجنة كان واضحا ان نواب اليمين من الائتلاف والمعارضة يتجندون لافشال قرار داعم في اللجنة، ورغم ان رئيس اللجنة الراب ملكيئور من الائتلاف (كتلة العمل- ميماد)، إلا ان مركز الائتلاف، ومندوب "كديما" في اللجنة، النائب يوئيل حسون، الذي تولى رئاسة المؤتمر الصهيوني مؤخرا، بدأ يوزع أوراق على نواب اليمين من المعارضة والائتلاف، يدعوهم للتصويت ضد اقامة كلية، وقال خلال كلمته القصيرة إنه يرى في اقامة كلية كهذه بؤرة للتطرف، ثم "خلية ارهاب"، فتصدى له النائب بركة مؤكدا ان هذه تصريحات عنصرية تنم عن عقلية عنصرية متطرفة.
وقال بركة إن هناك اصحاب مصالح، وخاصة رؤساء الكليات في الشمال الذين يتخوفون من ان تنتقص الكلية من عدد طلاب كلياتهم، يحرضون ضد اقامة الكلية، ووجدوا تربة خصبة بين نواب اليمين العنصري من الائتلاف والمعارضة.
وحصلت مواجهة كلامية بين ملكيئور وحسون، حين طلب الأخير تأجيل التصويت، ريثما يبلور الائتلاف الحاكم موقفا، مهددا بأن القرار سيسقط في حال تم عرضه.
وامام حالة عدم التكافؤ فقد تقرر تأجيل التصويت على القرار الى موعد آخر.
المصطلحات المستخدمة:
ميماد, اورانيم, كديما, الكنيست, يوئيل حسون, جمال زحالقة, دوف حنين